داخل محيط ممتد من الجامع الأعظم بالمدينة العتيقة إلى مسجد الشرف، ثم طنجة البالية إلى مسجد محمد الخامس، لا يتواجد داخل هذه المساحة التي تأوي أزيد من عشر سكان طنجة مسجد واحد مقام على أرض كانت مخصصة للأوقاف ، إلا ما كان من إنشاء بعض المحسنين كمسجد عقبة البلايا، وشارع موسى ابن نصير، وهما مسجدان صغيران بالإضافة إلى نقط لأداء الصلاة تطوع بها محسنون، وهي عبارة عن دكاكين ومستودعات وأماكن غير ملائمة ولا تتوفر على مقومات السلامة من الأخطار، كما أنها تعاني من الازدحام والاختناق في مختلف أوقات الصلاة الجماعية بسبب ضيقها وصغر حجمها وافتقارها إلى التهوية الكافية والشروط الصحية بل يوجد أحدها بجوار أحد الحانات التي تحفل بها المنطقة. وذلك أن الوعاء العقاري التابع للأوقاف لا يتم استثماره وتوظيفه في بناء المساجد أو خدمة مصلحة عامة لها علاقة بنشر الدين والأخلاق. والمثال هو حالة البقعة ذات الرسم العقاري 11089 بشارع يوسف ابن تاشفين في أسفل حديقة ساحة الأمم البالغ مساحتها 3700 والتي قامت وزارة الأقاف بتفويتها في ظروف غامضة لصالح الخواص علما أنها كانت مخصصة لإقامة مركز ثقافي ديني. مما دفع بساكنة المنطة أن يتقدموا أكثر من مرة بمطالب إنقاذ الموقع ورده إلى سالف عهده باعتباره وقفا لا يباع ولا يشترى.. خصوصا بعد ظهور بوادر الأشغال لإقامة مركب تجاري . ومن أجل هذه الغاية النبيلة والسامية تم القيام بمسعى لدى ولاية جهة طنجة من طرف وفد يمثل السكان ، بهدف حثها على اتخاذ موقف إيجابي تجاه هذا المطلب ، فجاء الرد بالتأييد الضمني المبطن بعباءة التملص من المسؤولية ،إذ طلب من الوفد القيام بالتدخل الشخصي لدى صاحب الملك من أجل إقناعه بالفكرة وقبول التخلي عن الأرض بثمن يتكفل السكان والمحسنون بأدائه، كما وعدت الولاية بتوفيرثمن الشراء إذا حظي المقترح بالقبول من طرف مالك الأرضية. ومن أجل إقناع صاحب الملك تم تشكيل وفد وازن ، وبدأ الطواف والتردد على أفراد العائلة ، وحينما خصص موعد لملاقاة المعني بالأمر في بيته ،تهرب من مقابلة الضيوف، ولم يعثر له على أثر لأن المطلب يعاكس الاختيار الجامح نحو إنجاز مشروع مربح ممثل في إقامة مركب تجاري فخم يسيل له اللعاب. وبالنظر لإحساس المشتكين بالحيف الذي لحقهم على مدى نصف قرن من الزمن وكأنهم في موطن غير موطنهم الذي يدين بالإسلام ، هاجس أهله هو التطاول في العمران، ونصب ناطحات السحاب بدلا من إقامة الصوامع ودور العبادة ومعاهد العلم والعرفان، قرروا رفع التماس إلى الجهات المسؤولة ممثلة في الديوان الملكي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، من أجل المطالبة بفتح تحقيق في الموضوع، والكشف عن خيوط اللعبة التي أدت إلى إقبار ملك وقفي كان مخصصا للمصلحة عامة، والمطالبة بتحرير البقعة الأرضية من البناء الخاص عن طريق التراضي مع صاحبها ثم العمل على بناء مسجد للخروج بهذه المنطقة من أجواء العزلة الدينية .