يوما بعد يوم، يتجلى الوجه الحقيقي لليمين الفرنسي واليمين في أوربا بصفة عامة، اليمين الساركوزي الذي ما فتئ يجتهد ويجاهد من أجل إرضاء بعض نزوات اليمين المتطرف ومحاولة استمالة اللوبينيين والعنصريين . وكانت أخر ما تفتقت به عبقرية ساركو وحكومته، مشروع قانون حظر النقاب، أو البرقع أو البركة كما يسمونه أصدقاؤنا الفرنسيين ، الحظر العام والشامل في جميع الأماكن العمومية. لكن للحقيقة والتاريخ أجزم أنه حينما يتعلق الأمر ببلد يسود فيه الحق والقانون، فان الأمر يصبح جد مشوق و يغري بالمتابعة بل والاستمتاع خلال كل أطوار ومراحل اللعبة الديمقراطية وكيف يتم احترامها بل وتقديسها. هكذا وبعد نقاشات طويلة وعريضة على مستوى وسائل الإعلام والتي همت جميع الفئات الاجتماعية ، من كل الأطياف السياسية ومن كل الاتجاهات الفكرية، سواء المساندة للمشروع أو الرافضة له، جاء دور المحكمة العليا لتقول كلمتها. فلقد أصدر مجلس الدولة هذا اليوم قرارا برفض مشروع القانون الذي يهم الحظر العام والمطلق على ارتداء النقاب في الأماكن العمومية على اعتبار أن هذا المشروع لا يستند على أي أساس قانوني، فضلا عن كون المشروع سيخضع للتشكيك في تعارضه مع القوانين والأعراف الدستورية. كما أن الحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، كرست في هذا الإطار، مبدأ الحرية الفردية، على اعتبار أن للفرد كامل الحق في أن يعيش حياته وفقا لمعتقداته حتى ولو أدى به الأمر إلى وضع نفسه في خطر على المستوى الجسدي أو المعنوي.
وحسب تحاليل لجنة الحكماء في فرنسا، فانه من الصعب تأسيس قانون الحظر العام للنقاب عن طريق استغلال مبدأ كرامة المرأة يضاف إلى هذا فأن التضييق على الحريات باسم العيش معا هي سابقة في هذا المجال. هكذا يتبين أن المشروع ولد ميتا، لكن في المقابل قد تأتي في القريب العاجل المبادرة من الاشتراكيين عن طريق اقتراح مشروعهم الخاص والمتمثل في فرض حظر النقاب أو البرقع في بعض الأماكن العامة والحساسة بالطبع. [email protected]