إسبانيا.. رتفاع حصيلة قتلى الفيضانات إلى 211 شخصا ونشر 10 آلاف جندي وشرطي إضافي في منطقة فالنسيا    التامك: عدد السجناء بلغ 105 ألف وقانون العقوبات البديلة سيُقلّص من أعداد الوافدين    أمن مطار محمد الخامس يوقف فرنسيا يشكل موضوع أمر دولي بإلقاء القبض    الجديدة تحتضن الدورة الاولى لأيام التراث والبيئة    وزارة العدل تعزز اللاّمركزية بتأسيس مديريات إقليمية لتحديث الإدارة القضائية    ممارسات خطيرة في سوق المحروقات ... جامعة أرباب محطات البنزين تدق ناقوس الخطر        إسبانيا تعلن المناطق الأكثر تضررا بالفيضانات بمناطق "منكوبة"    مقتل مغربيين في فيضانات إسبانيا    وسط منافسة كبار الأندية الأوروبية… باريس سان جيرمان يتحرك لتأمين بقاء حكيمي    "أبحث عن أبي" عمل فني جديد لفرقة نادي الحسيمة للمسرح    فيضانات إسبانيا.. الحكومة تستعد لإعلان المناطق المتضررة بشدة "مناطق منكوبة"    ماء العينين: تجربة الإسلام السياسي بالمغرب ناجحة وحزب "العدالة والتنمية" أثبت أنه حالة وطنية    مصرع شاب جراء انقلاب سيارته بضواحي الحسيمة    خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    زنيبر يقدم التقرير الحقوقي الأممي    المغرب يحبط 49 ألف محاولة للهجرة غير النظامية في ظرف 9 شهور    رئيس منتدى تشويسول إفريقيا للأعمال: المغرب فاعل رئيسي في تطوير الاستثمارات بإفريقيا    مسؤول سابق في منصة "تويتر" يهزم ماسك أمام القضاء    حزب الله يقصف الاستخبارات الإسرائيلية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    تكريم بسيدي قاسم يُسعد نجاة الوافي        أسعار السردين ترتفع من جديد بالأسواق المغربية    هيئة: 110 مظاهرة ب 56 مدينة مغربية في جمعة "طوفان الأقصى" ال 56    نقابة إصلاح الإدارة تنضم لرافضي "مشروع قانون الإضراب"    بسبب غرامات الضمان الاجتماعي.. أرباب المقاهي والمطاعم يخرجون للاحتجاج    مطار الناظور العروي: أزيد من 815 ألف مسافر عند متم شتنبر    الأمم المتحدة: الوضع بشمال غزة "كارثي" والجميع معرض لخطر الموت الوشيك    نيمار يغيب عن مباراتي البرازيل أمام فنزويلا وأوروغواي    بهذه الطريقة سيتم القضاء على شغب الجماهير … حتى اللفظي منه    هذه مستجدات إصلاح الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة    الجمعية المغربية للنقل الطرقي عبر القارات تعلق إضرابها.. وتعبر عن شكرها للتضامن الكبير للنقابات والجمعيات المهنية وتدخلات عامل إقليم الفحص أنجرة    أنيس بلافريج يكتب: فلسطين.. الخط الفاصل بين النظامين العالميين القديم والجديد    الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة طنجة تطوان الحسيمة تحصد 6 ميداليات في الجمنزياد العالمي المدرسي    فليك يضع شرطا لبيع أراوخو … فما رأي مسؤولي البارصا … !    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية الوطنية    نظرة على قوة هجوم برشلونة هذا الموسم    بدون دبلوم .. الحكومة تعترف بمهارات غير المتعلمين وتقرر إدماجهم بسوق الشغل    "الشجرة التي تخفي الغابة..إلياس سلفاتي يعود لطنجة بمعرض يحاكي الطبيعة والحلم    الأسبوع الوطني التاسع للماء..تسليط الضوء على تجربة المغرب الرائدة في التدبير المندمج للمياه بأبيدجان    الفيضانات تتسبب في إلغاء جائزة فالنسيا الكبرى للموتو جي بي    قمة متكافئة بين سطاد المغربي ويوسفية برشيد المنبعث    "تسريب وثائق حماس".. الكشف عن مشتبه به و"تورط" محتمل لنتيناهو    الحكومة تقترح 14 مليار درهم لتنزيل خارطة التشغيل ضمن مشروع قانون المالية    مناخ الأعمال في الصناعة يعتبر "عاديا" بالنسبة ل72% من المقاولات (بنك المغرب)    "البذلة السوداء" تغيب عن المحاكم.. التصعيد يشل الجلسات وصناديق الأداء    الأميرة للا حسناء تدشن بقطر الجناح المغربي "دار المغرب"    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    الأشعري يناقش الأدب والتغيير في الدرس الافتتاحي لصالون النبوغ المغربي بطنجة    "ماكدونالدز" تواجه أزمة صحية .. شرائح البصل وراء حالات التسمم    دراسة: الفئران الأفريقية تستخدم في مكافحة تهريب الحيوانات    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطبيعة إذ تهذّبنا ..

إثر حادث بسيط أُصبت بكسر مركّب في ساعدي ما اضطر الأطباء أن يُجروا لي أكثر من عملية جراحية في غضون أيام قليلة أدّى إلى إصابتي بشلل (مؤقّت) في يدي اليمنى وبالتالي تعذّر عليّ أداء ما اعتدت القيام به بإتقان وتلقائية دون بذل أي جهد يُذكر من أبسط الأعمال كغسل الوجه وتفريش الأسنان، وتمشيط الشعر، والوضوء، وتناول الطعام، وشرب الماء، إلى أصعبها وأدقّها كالكتابة والرياضة والطهي وأشباهها من أعمال يومية ضرورية تعطي المرء شعوراً بالاقتدار والاستقلالية إذا أدّاها بصورة طبيعية، وتغرقه في مشاعر العجز والإحباط إن فقد القدرة على أدائها بمفرده.
لازمتني تفاصيل هذه التجربة الشخصية الأسبوع الفائت وأنا أتابع تطوّر انتشار السحب البركانية الناجمة عن ثورة بركان أسفل أحد الأنهار الجليدية بجنوب آيسلندا حيث (شلّت) هذه الكارثة الطبيعية - في ذروتها - حركة النقل الجوي في أكثر من ثلاثمائة مطار أوروبي، وعلق أكثر من سبعة ملايين مسافر في المطارات على مدى سبعة أيام عصيبة رأينا البؤس والأسى على ملامحهم وفي أحوالهم، فافترش بعضهم أرض المطار حتى يأتيهم الفرج، وخسر آخرون "تحويشة العمر" التي ادّخرها ليقضي إجازة هنيئة فاضطر أن يدفع ما تبقّى منها ليعود إلى بلده بسبل النقل الأخرى التي استغلّت حاجة الناس فرفعت أسعارها بصورة مبالغ فيها، وفقد البعض وظائفهم، وعلق مرضى في المطارات وتأجّل علاجهم، وتأخّر وصول الأدوية والاحتياجات الطبية إلى مقاصدها، وغطّت طبقة سميكة من الرماد آلاف الأفدنة من الأراضي، وحجبت السحابة الشمس عن بعض المناطق، ولازال المختصون يبحثون في الآثار الصحية والبيئية التي ستترتب على هبوط تلك الأدخنة على المناطق السكنية وعلى مناخ الأرض.
هذا فيما يخص الأفراد والبيئة، أما الشركات فقد أوقفت ثالث أكبر شركة سيارات يابانية – نيسان – الإنتاج في ثلاثة خطوط إنتاج بمصنعين من مصانعها نتيجة نقص في قطع الغيار، بينما تكدّست بعض البضائع في المخازن، وخلت منها أسواق أخرى، بل اضطر مزوّدو أوروبا بالبضائع الطازجة التخلص من منتجاتهم التي فسدت لطول انتظارها، وبلغت التكلفة الاقتصادية للصادرات المفقودة في كوريا الجنوبية وحدها حوالي مئة واثني عشر مليون دولار، وتكبّدت صناعة الطيران بالذات خسائر فادحة، فقد اضطرت إحدى الشركات توفير إقامة فندقية وثلاث وجبات يومياً لأكثر من خمسة آلاف راكب ترانزيت بكلفة تصل إلى أكثر من مليون دولار في اليوم، هذا عدا عن خسارة شركات الطيران أخرى أكثر من مائتي مليون دولار يومياً، ما دعا خبراء الاقتصاد التحذير من أثر ذلك على التعافي الهش للاقتصاد الأوروبي بل وعلى الأزمة الاقتصادية العالمية، وغيرها من آثار تفصيلية دقيقة لا يتسع المجال لذكرها هنا.
وأما بشأن العلاقات، فقد بدأ الخلاف والتوتّر بين ممثلي شركات الطيران والعالقين في المطارات منذ بداية الأزمة، وبعدها سيضطر المتضرّرون الانتظار طويلاً وبقلق شديد لمعرفة ما إذا كانت شركات التأمين ستعوّضهم عن خسائر تكبّدوها نتيجة لكارثة طبيعية؟ وبمجرد أن خفّ نفث البركان انتقلت حالة التنفيس إلى البشر وبدأ تبادل الاتهامات بين شركات الطيران التي تشتكي من المبالغة في التحذير من مخاطر السفر في تلك الظروف، وبين الحكومات التي قرّرت إيقاف الرحلات الجوية، فاسودّت الدنيا في عيون المتضرّرين بسواد دخان بركان آيسلندا، وكشف هذا الحدث عن افتقاد شركات الطيران لخطط بديلة تقلّل من خسائرها ومن إرباك المسافرين، كما كشف – وهو الأهم - عن الارتباطات الحيويّة الوثيقة بين مناطق العالم وتأثّرها جميعاً بالحوادث الطبيعية وإن بنسب متفاوتة.
ما حدث لا يعدو أن يكون ثورة بركان واحد فقط استمرّ لأيام قلائل شُلّت بسببه حركة الطيران في بقعة من الأرض فتأثّر الملايين في باقي بقاعها، فكيف لو قرّرت الأرض أن تزلزل أكثر من بركان واحد من الألف وخمسمائة بركان نشط حول العالم، ولمدد تمتد إلى شهر أو أكثر؟!
ستأتي الفكرة بعد السكرة، وستكون شركات الطيران - أكثر المتضرّرين - أوّل المتحرّكين لمنع تكبّد خسائر مشابهة في المستقبل، بوضع خطط بديلة، وربما بالاحتيال على زبائنها ومحاولة تعويض تلك الخسائر بطرق ملتويّة، وقد تسعى لسنّ تشريعات تمنحها قرار التحكّم في حركة الطيران عوضاً عن تركها بيد الحكومات، وقد تطالب بتغيير القوانين التي ألزمتها دفع مبالغ باهظة لتعويض زبائنها العالقين في المطارات، وأخشى أن يُنسى الإنجاز الأول والجدير بالاحتفاء وهو عدم المخاطرة بأرواح الناس لأجل حفنة من المال، أو يُتغاضى عن ضرورة الكفّ عن العبث بالبيئة والإفساد في الأرض، لأن أهل الأرض جميعاً سيدفعون الثمن لا الذين ظلموا خاصة.
تجربتي الآنفة، كانت مريرة في حينها، وعزيزة في ذاكرتي اليوم، لأنها علّمتني أكثر دروس الحياة حكمة وعرفاناً، وهي أن في كل ذرّة من كياننا، وفيما حولنا، ومن حولنا نعماً جمّة، لابد أن نعتني بها نعمة نعمة، وإن التفريط في أحدها قد يودي إلى فقدان الحياة برمّتها، وهذا هو الدرس الذي نتعلّمه من بركان آيسلندا لئلاً يصدق علينا قوله تعالى: "وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.