عندما قرر الصحفي الشاب سعيد المقيم في احدى الدول الغربية ان يكتب مقالا حول الانسحاب الامريكي المفترض من العراق لم يجد بدا من ان يخرج الى الشارع كي يستطلع رأي الناس حول هذا الموضوع , كان المكان الانسب هو مقهى صغير يرتاده العرب بجنسياتهم المختلفة يوميا وخصوصا كبار السن منهم الذين يجدون في هذا المقهى بقعة تذكرهم بأوطانهم التي تركوها كل لأسباب مختلفة عن الثاني فمنهم من خرج مرغما والأخر من خرج بحثا عن لقمة العيش التي لم يجدها في وطنه . جلس سعيد الى طاولة وطلب فنجان شاي عندما استمع عرضا الي رجلين مسنين احدهما لهجته عراقية والاخر لهجته فلسطينية يتحاوران فقال العراقي لصاحبه : - يا أبو وديع الحمد لله الي عندنا بدو يطلعون صحيح شوية شوية لكن الباقي يجي عليه الدور ويطلع . فرح سعيد وقال لنفسه : - عظيم عز الطلب هاهم يتحدثون عن خروج الامريكان ساستمع كي اعرف راي المواطن العادي دون خوف من الصحافة . استمر الرجل المسن بالحديث قائلا : - يا اخي طلعت روحي بسببهم طينو عيشي لاليلي ليل ولانهاري نهار وماصدقت بس ابتدوا يخرجون, كانه عندي عيد . اجابه المسن الفلسطيني : - مبروك ياأبو جاسم عقبال اللي عندنا يخرجون بس همه لازقين وما راضين يطلعون . قال ابو جاسم : - لا راح يطلعون عاجلا ام أجلا, كل ماهنالك همة بحاجة الى ضغوطات قوية تجبرهم على الخروج . اجابه ابو وديع: - كل الضغوطات مانفعت معهم وكل واحد يقول انه راح يجبرهم على الخروج ومافي اي فايدة يازلمة هلكت. قال ابو جاسم مشجعا : - يعني همة صحيح ابتدوا يطلعون بس البقايا مازالت موجودة, بس مثل ماطلع الكبير بيلحقوه الصغار ونرتاح . رد ابو وديع باابتسامة مريرة : - ياحبيبي يا ابوجاسم بيطلعو شوي, بيجي غيرهم اكثر 10 مرات مافي مفكة من هالمصيبة يازلمة . نهض سعيد من مكانه واتجه نحو الرجلين وسلم عليهم وعرف نفسه كصحفي وقال : - انا اسف استمعت الى حديثكم السياسي عرضا حول خروج الامريكان من العراق واحب اعرف اذا بتسمحولي انشر كلامكم . نظر الرجلان اليه بتعجب وقالا بصوت واحد : - لا لا اكيد لا . طمأن سعيد الرجلين واعدا بانه لن ينشر صورا اوأسماء فرد عليه ابو جاسم قائلا : - ياحبيبي الموضوع ليس خوف انت فهمتنا غلط انا وصاحبي ابو وديع مصابين بامساك مزمن في القولون وامبارح لاول مرة من اسبوع ارتاحيت, وكنت اخبر صاحبي ابو وديع عن الدواء الجديد الذي استعملته لرفع الامساك ولم نكن نتحدث في السياسة. ضحك سعيد وقال . - لا يا عم بل الواقع انك كنت تتحدث في عمق السياسة وانت لاتدري . [email protected]