كثيرة هي الكوارث الطبيعية التي تضرب البشرية وتخلف المآسى والآلام ،وأخر هذه الكوارث هي تلك التي ضربت دولة هايتي الموغلة في الفقر والتهميش مخلفة مئات الألاف من القتلى وملايين المشردين . لاشيء يوحد الإنسان غير الألم ، والألم عنصر يتشارك فيه الكل بلا آستثناء لكن الألم قد يتفاوت بين الغني والفقير وابشع في الأمر ان نمارس الطبقية حتى في الألم . في زلزال هايتي المأساوي أدى الفقراء الضريبة الكبرى والباهضة حيث سقطت معالم الدولة قلم تنفع فخامة ولا ضخامة مبنى الرئيس المطلي باللون الأبيض في آنهياره وتساوى مثله مثل أي كوخ حقير في ضواحي العاصمة الهايتية إنها عدالة الطبيعة بطعم مأساوي !!!لكن المفارقة الساخرة بحسب التقارير الإعلامية أن القوات الدولية بمجرد ما آستيقضت من عد خسائرها كانت اول شيء قامت به هو البحث عن الرئيس وحرمه المصون مع أن مصيبة الدول المتخلفة هم أولئك الرؤساء والحكام الذين قادوا الشعوب إلى الهاوية فلم تعر آهتماما لملايين البشر القتلى المدفونين تحت الركام والأنقاض بل كان الإهتمام الأول هو الرئيس فالرئيس أهم من أرواح ملايين الهايتين الذين ظلوا لأيام يئنون من وطأة الألم والجوع ومن منظر القتلى والجثث. أما الدول الغربية المتبجحة بالقيم الإنسانية والحضارة الكونية وبخاصة الأمريكية فقد كانت السباقة لحشد قواتها وعتادها الحربي لتقول للمتخلفين من عيارناإن الجيش الأمريكي لا يحسن القتل فحسب بل يحسن تقديم يد العون والإغاثة لكن العون الأمريكي السريع طرح ألف علامة آستفهام بعد آتهمها بآحتلال هايتي مستغلة الزلزال كما عكست طريقة تعامل الدول المتقدمة مع نظيرتها المتخلفة من خلال تحديد ما سموه بالأولويات أو الأسبقيات بإنزال الجند اولا على حساب المساعدات الإنسانية وترك المناطق الأخرى بلا مساعدة أو إنقاذ اللهم إرسال بعض المروحيات وإسقاط المساعدات من الجو تاركة الهايتين يتقاتلون عليها كالوحوش الضارية لدرجة أن احد الهايتين صرح لوسائل الإعلام قائلا " بقينا أربعة ايام بلا ماء أو طعام وفي اليوم الرابع ألقوا المساعدات من الجو وبمجرد ما وصلت إلى الأرض تقاتل عليها الناس بضراوة ،إننا لسنا وحوش نحن بشر وكل ما هناك أننا جائعون " ولهذا لا عجب أن الغربي يريد تصوير الزنجي أو الإفريقي على إنه وحش كاسر لا يعرف النظام أبدا . المصيبة أن آستغلال المآسى الإنسانية لحسابات قد لا تتضح أنيا إو في بداية الأمر ، إلا أن هذا الإستغلا ل لا يقتصر على دولة دون اخرى بل قد يكون في نفس الدولة الواحدة إن كانت ليست بتلك الحدة الموجودة في بؤر تعاني كارثة ما وسنعطي مثالا قريبا : مؤخرا في طنجة بعد الفيضانات المهولة قامت إحدى الجمعيات المحسوبة على التيار الإسلامي وربما بمناسبة آفتتاح احد فروعها بتوزيع بطانيات على السر المعوزة وكان من جملة ما آستغربت له هو ذلك الكم الهائل والمخيف من الناس الذين تدفقوا بلا سابق إشعار وهناك بدأ التدافع وآشتعل الوطيس الكلامي بين النسوة ، لكن الحقيقة التى غابت على مهندسي عملية إشهار الصابون البلدي أن جل الذين اخدوا هذه البطانيات يتوفرون على منازل مكونة من طابقين وهم احسن حالا من أولئك الساكنين في أكواخ الصفيح وأنا أعرف احدهم (...) بينما الذين سموهم معوزين فلا ربما منعتهم كرامتهم من الوقوف في الطوابير المذلة وبهدلة ما تبقى من هذه الكرامة لعمل الإشهار للملتحين ، وقد يقول قائل إني إنسان متعصب ولكن الحقيقة اني اكره آستغلال فاقة وحاجة الناس بغض النظر إن كانت الجمعية إسلامية فكلنا مسلمون أو تراكتورية فالأمر عندي على حد سواء . ثم إننا سئمنا تعليم الناس حرفة التسول بدل تعليمهم حرفة تنقذ كرامتهم فالبطانية تتمزق والوجبات الغدائية تنفذ وتستهلاك لكن يبدوا ان بعض الجمعيات والأحزاب تريد الإستمرارية لحرفة التسول هاته ولهذالن نستغرب لوآنضافت أغلبية الشعب لطابور المتسولين !!! [email protected]