استضاف البرنامج الشهري "نقط على الحروف"الذي بثته القناة الثانية المغربية يوم الأربعاء الماضي 23 دجنبر2009 الأستاذ عبدالاله بن كيران أمين عام حزب العدالة والتنمية، لمناقشة محاور من برناج حزبه، اضافة الى الصورة التي يحاول بن كيران اضفاءها وترويجها عن الحزب، جرت عادة البرنامج استدعاء ضيوف لمناقشة الضيف الرئيسي، وحضر في هذا الصدد كل من الأستاذ سامر أبو القاسم المعروف بمواقفه السلبية اتجاه الأحزاب الاسلامية حضر هذه المرة بصفته عضوا في المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، والصحفي رضوان الرمضاني، وكلاهما عملا اضافة الى مقدم البرنامج على استفزاز عبد الاله بنكيران بطريقة تدل على جهلهم بمواقف الاسلاميين من جملة من نوازل العصر، كالديمقراطية والتنمية، والحرية الفردية، والمجال الفني.. وغيرها من الأمور التي حسمها الاسلاميون بجميع تلاوينهم منذ مدة، ولا أعتقد أن في الساحة السياسية المغربية من هو أوضح من الاسلاميين عموما، باستثناء بعض الأحزاب اليسارية الديمقراطية والتي تتوفر بالمناسبة على نضج سياسي عالي كالحزب الاشتراكي الموحد مثلا، أما الأحزاب التي على شاكلة "البام" فهي أتت فقط لتنفيذ أجندة سياسية ستنتهي حتما بانتهائها ولنتأمل في التاريخ فهو ليس عنا ببعيد. ومن خلال متابعتي الدقيقة للبرنامج يوم الأربعاء الماضي سجلت ما يلي.. الهدف الأساسي من من هاته الاستضافة جاءت لتحقيق في تقديري أمرين.. الأول هو محاولة ما أمكن اظهار حزب العدالة والتنمية بدون مشروع مجتمعي، وأن برنامجه هو عبارة عن مبادئ عامة وفضفاضة، في حين العكس هو الصحيح، فرغم اختلافي الكبير مع عبدالاله بن كيران وحزبه، لكن الحقيقة يجب أن تقال، وللحقيقة فحزب العدالة والتنمية من الأحزاب القليلة بالمغرب التي تتوفر على أديولوجية واضحة، وليس كبعض الأحزاب التي أصبحت بدون هوية.. الا أن أبو سامر القاسم نجح الى حد بعيد في تحقيق هذا الغرض، بسبب الضعف البين الذي أبان عنه بنكيران من جهة ونفاد طاقة صبره فهو أصبح ينهزم ببساطة وبسهولة بسبب تقدمه نوعا ما في السن من جهة ثانية ولا ننسى شدة وكثرة الضربات التي تعرض لها منذ تحمله مسؤولية الرجل الأول في الحزب وهي بلا شك أثرت عليه كثيرا من جهة ثالثة. وقد لاحظ المشاهد كيف كان يتصرف بنكيران بحيث تلفظ أكثر من مرة بألفاظ لا تليق بقيادي مثله التلفظ بها، وهي دليل على احساسه بعدم الثقة في نفسه فهو لم يعد ذلك الشخص القوي الذي عرفناه خلال مرحلة التسعينات وهذا ناتج عن الأسباب الذي ذكرناها انفا. الأمر الثاني من هذه الاستضافة هو خلق نوع من الفرجة كما سماها رضوان الرمضاني في ذات البرنامج حيث قال ليس من مصلحتنا تصالح "البام" و "البيجيدي" لأن ذلك في نظره سيفقد السياسة في المغرب معناها، وذلك لاخراج المشهد السياسي المغربي من رتابته، ومحاولة ابراز نوع من الحركية عليه. وهذا يؤدي بنا الى الانتقال الى الحديث عن غرض الأصالة والمعاصرة من تواجده في الساحة وسلوك سامر جزء من هذا الحضور، وهو الهاء الرأي العام عن الأولويات الحقيقة المطروحة بقوة وفي مقدمتها يأتي مطلب الاصلاح الدستوري والسياسي، مشكلة الفقر والبطالة، وهشاشة الاقتصاد الوطني.. وغيرها من الملفات التي تحتاج الى نقاش بين الفرقاء السياسيين. ففي الوقت الذي كان من المفروض من عبدالاله بن كيران أن يشرح للمواطنين برنامجه وأقوال حزبه في رزمة من الملفات المطروحة بقوة في الساحة السياية المغربية، واذا به يجد نفسه يدافع عن أشياء معروفة مواقفه منها منذ زمن، لكن أبو القاسم كان يصر على تجاهل الأمر، وهذا ما جعل الأمين العام لحزب العدالة والتنمية يدافع وللأسف بعشوائية ولعب أبو القاسم دورا في هذا خصوصا وأنه يحسن الهجوم واللعب بالكلمات. مسألة أخرى تتعلق بالصورة التي يحاول البعض ترويجها عن الأحزاب الاسلامية، ومحاولة تخويف الناس منهم، وأنهم لا يملكون اجابات حقيقة عن الاشكالات المطروحة عبر استدعاء فقط القيادات ذات التكوين البسيط، مع العلم أن "بي جيدي"يعج بالأطر ذات التكوين العالي، وتتوفر على خطاب مقنع ومعتبر. لأننا نحتاج لمن يشرح برنامج الاسلاميين للناس أن يملك القدرة على ايصال الفكرة، ومن تكون له القدرة على المجادلة الصلبة، والحوار الرصين والمجدي، لا على انطباعات وأفكار عامة. [email protected]