بنيت المساجد لإقامة الصلوات وتلاوة القرآن وذكر الله. وهي تحتاج من القيمين والقائمين عليها ومن المكلفين بالشأن الديني عامة،أن يوفروا لها الشروط الضرورية من نظافة وهدوء ، حتى تعطى لها حرمتها اللازمة التي تستحقها، وتتوفر بها الطمأنينة لتأدية الصلاة في خشوع و سكينة . لكن الملاحظ أن العديد من مساجدنا تتحول، وخاصة أيام الجمعة، قبيل و بعيد الصلاة، إلى فضاءات للبيع والشراء وما يصاحب ذلك من صراخ و ضجيج ولغط، الأمر الذي يمسها في الصميم كأماكن للعبادة، حيث تتحول أبوبها إلى شبه أسواق أسبوعية لترويج مختلف البضائع، بدءا من الملابس الداخلية و العطور والجوارب، وانتهاء بمختلف الأدوات المنزلية والأقراص المدمجة والفواكه و غيرها. والأخطر من ذلك توافد عدد من محترفي التسول ليرابطون ويتزاحمون أمام أبوابها، كل بنبرته الخاصة: فهذا قطعت به السبل وتلك تركها زوجها مع عيالها، و ذاك يعالج من مرض عضال وأخر يعرض تشوها في بطنه أو في أحد أطرافه.. صور تثير الشفقة والتقزز في آن واحد. وإذا كانت السلطات المحلية والجهات الأمنية تقوم من حين لآخر بمطاردة هؤلاء الذين لا يولون أي احترام للمساجد، و لايرون فيها سوى فضاءات ملائمة لتحقيق " أرباح" محتملة واقتراف جنحة التسول، فإن العديد من هؤلاء أصبحوا لايقفون عند أبوابها وانتظار الوافدين عليها والخارجين منها بعد أداء الصلاة، ليبدأوا عملهم. بل تعدوها إلى الدخول إليها واختيار الأماكن التي تسهل عليهم ممارسة انحرافهم بين المصلين. فما أن يتلفظ الإمام بعبارة "السلام عليكم" لإتمام الصلاة حتى ينبري أحدهم، وفي أحيان كثيرة من بين الصفوف الأولى، ليبدأ خطبته الاستجدائية التي تحفظ عن ظهر قلب ويشرع في "جمع" ما يجود به المصلون ولو بقول العديد منهم :" لا حول و لا قوة إلا بالله". مساجد الله يجب أن تحترم وأن توقر، ووقت الصلاة من يوم الجمعة لا بيع فيه و لا شراء، و لا مجال أن تتحول إلى أماكن للإستجداء والتسول الاحترافي. و مثل هذه السلوكات تعتبر هجوما و اعتداء على حرمتها ومكانتها والدور المنوط بها.
وإذا لم تتدخل الجهات التي يعنيها الأمر لتوقف هذا الهجوم ، فإن هذا الأخير قد يطال قاعات الصلاة( بالنسبة للبيع و الشراء) ومكروفونات المنابر( بالنسبة للمتسولين). [email protected]