رغم أن عددا من علماء الدين يلحون، خلال كل مناسبة عيد أضحى، على تقديم ثلث الأضحية كصدقة للفقراء واليتامى، الذين حالت ظروفهم الصعبة دون شراء الكبش، إلا أنه أضحت هذه العملية، في السنوات الأخيرة، بعيدة عن أهدافها النبيلة، بسبب غياب الإطار التنظيمي لها. وأشارت جريدة " الصحراء المغربية " إلى أنه عوض أن تقدم هذه الصدقات للمستحقين لها، الذين لا يسألون الناس إلحافا، قصد مشاركة عموم المواطنين الفرحة بقدوم أيام عيد الأضحى، نجد أن بعض المتسولين المحترفين، الذين يطوفون في الأحياء والأزقة للحصول على ما يجود به عدد من المواطنين، هم أكثر المستفيدين منها. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يعرضونها للبيع في جنبات الشوارع، التي تتحول بقدرة قادر إلى أسواق لبيع لحم العيد، في منظر يزيد من تشويه جمالية الدارالبيضاء، إذ تنضاف هذه الأسواق إلى المئات من الأسواق العشوائية في هذه المدينة. فبالقرب من سينما الزهراء بمقاطعة مرس السلطان، كسر باعة لحم الأضاحي الهدوء، الذي يميز هذه المنطقة، خلال أيام العيد. وقال عبد الكريم المرسي "عامل": "إنه من غير المعقول أن يباع لحم العيد بهذه الطريقة"، مشيرا إلى أنه كان من المفروض أن تحمل جمعيات المجتمع المدني دورها على أحسن وجه، قصد تنظيم صدقات عيد الأضحى. وقال المرسي: " إن هذا أمرا مستفزا كثيرا، فلا يمكن بأي حال السكوت على مثل هذه المناظر، التي تزيد من حدة الظواهر السلبية، التي أصبحت تنخر جسد المجتمع المغربي، والمؤسف أنه ليس المواطنون البسطاء هم الذين يشترون هذا اللحم، بل هناك عدد من أصحاب محلات بيع الوجبات السريعة الذين يقبلون على مثل هذه الأسواق، سواء في الدار البيضاء أو غيرها". وفي الوقت الذي يستهجن عبد الكريم عملية بيع لحوم العيد، ويؤكد أن ذلك يعد مظهرا من مظاهر التخلف، فإن هناك من يعتبرها فرصة لعدد من المواطنين، لشراء لحم العيد بأثمنة منخفضة، إذ عوض شراء الكيلوغرام الواحد من "الغنمي" بخمسين درهما، نجده في هذه الأسواق يباع بأقل من الثمن المذكور بكثير، ما يفسح المجال لفئة واسعة من المجتمع البيضاوي لتناول لحم "الغنمي"، الذي يكونون محرومين منه في حياتهم اليومية. وإذا كانت هذه العملية تخلف كل سنة ردود فعل متباينة بين المواطنين، فإن ذلك لا يمنع من التفكير في طريقة لتنظيمها، خاصة أن المراد من تقديم صدقات العيد هو اقتسام فرحته بين عموم المواطنين، وليس إلى تحويل عدد من أحياء وشوارع المدينة إلى أسواق جديدة. وإذا كانت هناك جهة تتحمل هذه المسئولية، فهي جمعيات المجتمع المدني، إلى جانب السلطات العمومية، على اعتبار أن الجمعيات في أي دولة تقدر العمل الجمعوي، وهي الأقرب إلى مشاكل المواطنين، اللهم إذا كانت هذه الجمعيات مجرد "هضرة وكلام" في العاصمة الاقتصادية.