تعتبر كرة القدم ، الأكثر شعبية على مستوى العالم ،و الرياضة على عموم أنواعها تسموا بالذوق العام و أخلاق الأفراد ، اذا ما مورست في تنافسية حضارية شريفة ضمن قواعد مسطرَة مُسبَقاً بهدف المتعة،و الترفيه ، حيث تُشحذ الهمة و تنتشرالروح الرياضية التي تعني التسامح في مَحبة. و على آعتبار أن قانون الرياضة الأساسي يرتكن على فوز و خسارة ، إذ ِالفِرق الرياضية و الجمهورالمُتابِع على حد سواء ، يُدرك بنوع من البديهية أن خوض غمار مباراهٍ ما، يعني رابح يُوجِبُ بالضرورة خاسر، فالمبارايات الكُروية تُشعل في مُناصريها روح التشجيع و المتابعة و تُقدم المُتعة بنكهة حماسية ، فكيف يمكن تفسير ما آلت إليه الأمور في مباراة مصر و الجزائر؟ إن المواطن الحقيقي هو من يخدم بلده بعيداً عن التعصب و الكلام غير اللائق و الفِعل المشين، فَمِن المَعِيب أن نشاهد حالة من فوضى حين تؤول الأمور إلى ما نعايشه خلال الأيام الأخيرة خاصة و أن المنافسة هذه المرة عربية عربية. كل الدول العربية شقيقة أو تُعتبر في حكم الشقيقة مادامت تجمعها أواصر عظيمة تُوَطِّد أصول الروابط بين شعوبنا ،كالدين،اللغة ، الجوار... و الكثير من تلك الروابط العميقة التي لا تُحصى مُقارنةً بأهميتها بالنسبة لشعوبنا ،لََقَّنونا إياها و نحن صغاراً ،فغذَّت فينا إحساسا بالإنتماء، الذي يَجري فينا مجرى الدم، فلماذا نتناساها و نحن نخوض مباراة كرة قدم ،؟ حتى لو كانت مباراة الحسم فهذا لا يُعطيها الشرعية لِتَفتعل كل هذه الضجة و لتكون الشَّرارة التي تُوقِظ نار الغضب ،و لا تُعطي أيضا الصَّلاحية لأي جهة من الجهات لتكون بوقاً للتهويل الإعلامي و الشحن المُبالغ فيه للجماهير المُشجعة ، من طرف بعض القنوات الفضائية التي قامت بحملة شرسة غير محسوبة النتائج أياما قبل المباراة ما جعل الأمور تتضخم و تخرج عن نصابها الحقيقي و تُصبح على قدر كبير من الحساسية. حرب إعلامية،سيناريوهات تُحاك على الهواء مباشرة، تقرأ الواقع بشكل شخصي ،و تحكي وقائع بعيدة عن الحقائق قريبة من التهويل ،مسلسل حلقاته ،أعمال فوضى ، اقتصاص ، مع تصريحات تزيد الأمور عند المتعصبين من كلا الطرفين استفحالاَ تدفع لأعمال الشغب و التهور في ردة فعل غير عقلانية ، تُحيل المتابع الى كثير من التخمينات التي لا لزوم لها.وتُذكي إحساساً بالعار تُجاه ما آل إليه واقع الرياضة العربية حيث أصبحت الكلمة سِكِّينا يجرح الآخر في نفسه ،مادام المصري و الجزائري إخوة عرب. فتناثر الأخبار هنا وهناك بعناوين رنانة عن شغب ، حصار و قتلى ، يُعطيك احساساً بالفَلتان و يُباعد ما بين الواقع و أساسيات الرياضة التي يُضرب بها المثل في التسامح كروحٍ تشمل الفريق و الجمهور ،ولا تترك مجالا لغير المتعة. و أمام كل هذا الهرج الإعلامي و الفرح الجماهيري، كم جميل أن نتمتع بإحساس المسؤولية ، مع كثير من التروي والعقلانية والإرتقاء بالسلوك الأخلاقي جمهوراَ و لاعبين ، للوصول للنهائيات ،و تتويج مستحق يوم الأربعاء بإذن الله تعالى، لتكتمل فرحة الأفواج التي حجت نحو السودان حيث تقام مباراة الحسم. فإن كنا نأسف لكون مباراة كرة قدم ، صعَّدت الأمور بين طرفين شقيقين بهذه الصورة غير المُشْرِقة، فالكل بدون استثناء يُقِرُّ أن من يستحق التأهل سوف يحصل عليه،و سيكون الفائز ، ومن سيحصد الخسارة يكفيه شرف الوصول للنهائيات ، لنُؤكد في الأخير أن ما عايشناه في الأيام الأخيرة ليس إلاَّ زوبعةَ في فنجان. [email protected]