وهي العهدة التي شهدت لأول مرة في تاريخ هذه الهيئة تعاقُبَ رئيسين اثنين، بسبب استقالة أو إقالة رئيسها الكاتب «عبد العزيز غرمول»، وتعيين (((الشاعر))) «يوسف شقرة» بديلا له، في بداية سنة ألفين وثمانية، ليصبح «شقرة» رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين بتزكية من المجلس الوطني، في سابقة لم يعرفها الاتحاد لأن مجالسه الوطنية السابقة وببساطة لم تعمل على خلع أي رئيس، باستثناء حادثة إقالة الشاعر «عز الدين ميهوبي» بولاية قسنطينة، والتي لم يعترف بها، مما أدى إلى كل هذا الذي حدث فيما بعد من نزاعات.. اتهامات متبادلة.. تنابز بالألقاب.. ونشر للغسيل على صفحات الجرائد و بين أروقة المحاكم في مشهد هزلي لا يليق بمقام من ينعتون أنفسهم بالمثقفين. ولعل من أبرز ما طفا إلى السطح في اختلاف أهل الكتاب على "التركة المسمومة" على حدّ تعبير الكاتب «محمد بغداد» هو تكريس الجهوية المقيتة باستخدام تعبير «جماعة قسنطينة» و«جماعة سكيكدة» من جهة، ومن جهة أخرى تمّ بنسبة معتبرة تهميش كتّاب الجنوب في مؤتمر "سكيكدة"، تهميشا أدى بشاعر من بوسعادة وهو «عبد الكريم قذيفة» إلى الاحتجاج على طريقته الخاصة فبرزت معه «جماعة الخط الثالث»، وهي تضم إضافة إلى كتاب الجنوب «المحقورين» (كتابا محقورين) من مختلف الجهات الأربع خصوصا من الغرب الجزائري الذي ينعدم أثره في المجلس الوطني الحالي للاتحاد بينما في المقابل يرتفع عدد الأعضاء من ولايات أقصى الشرق خصوصا «عنابة»، مما يدلّ على عناية خاصة أولاها (((الشاعر))) «يوسف شقرة» بالفرع الولائي لهذه الولاية منذ البداية وحرصه على حضوره في كل نشاطات الاتحاد، في عملية للصعود بالتدريج إلى الواجهة، وهو ما حدث فعلا، فأغلبية الشرق الجزائري في المجلس الوطني، أثبتت الولاء، وهي التي استطاع «شقرة» ترويضها بامتيازات الأكل والشرب والنوم والتعويض المالي على حساب خزينة الاتحاد، فيما قام بعزل القلة القليلة ممن يمكنهم أن يشكلوا تهديدا له وهو الطامح منذ الآن لعهدة رئاسية يدعمها المؤتمر القادم، لتعويض ما فاته من عهدته الحالية والتي سقطت عليه من السماء على طريقة المثل الشعبي "شحمة وطاحت على قط"، هذا القط الذي أراد أن يستأسد فعجّل إلى تنصيب فروع للاتحاد، تنصيبا لا يخضع إلى روح الإبداع بل أساسه "التخياط" على مقاس «شقرة» وصاحبه الشاعر «نور الدين طيبي»، مما دعا شاعرا مثل «الجيلالي نجاري» إلى وصفهما ب «دونكيشوت» و«سانشو بانشا» كتعبير عن كوميدية الأداء، حيث من المضحك فعلا أن يتحدث الرئيس ونائبه عن فرع للاتحاد في مصر و كندا والصين وربما في زمبيا وجزر الواقواق، وهما يقومان هنا بتنصيب فروع وهمية، أو فروع في المداشر والقرى، أو فروع «تحت الطلب». لقد كتب الباحث «شرف الدين شكري» عن أزمة الاتحاد مؤخرا، والتفت إلى "ظاهرة" «يوسف شقرة» محاولا استكتاب المثقفين الجزائريين لوقف هذا العبث الذي يحوّل شاعرا لا يستطيع كتابة قصيدة موزونة واحدة إن لم نقل بيتا شعريا واحدا، إلى مسيّر لشؤون بيت الاتحاد، لكن لا حياة لمن تنادي، فالكاتب الجزائري أشّد جبنا من النعامة وأبلغ كسلا من الدب القطبي وأكثر غرورا من فرخ الطاووس، فالكل يخاف، الكل يتراجع، الكل يتردد، الكل يستكين، الكل يحاول أكل "الكعكة" المسمومة، ولا يهمه سمعة الاتحاد ولا سمعة البلد ولا إرث «مالك حداد» أو «أبي العيد دودو» وغيرهما، فكل التفكير الآن منصب في رحلات الخارج، بقايا المال، وبقايا النساء مما جادت به سماء الإبداع التي لا تمطر ذهبا ولا نساء فاتنات، ولولا بعض ما كتبه المبدعون ك «الجيلالي نجاري»، «عبد الكريم قذيفة»، «أحمد عبد الكريم»، «شرف الدين شكري»، «حمري بحري»، لقلنا أن الكاتب الجزائري الشجاع منعدم للأسف، وعلى الجبناء أن يتحولوا إلى بيع الخردة، أو بيع الخضر والفواكه بدل بيع شرف الكاتب وضمير الإبداع . لقد أثبت الروائي «عبد العزيز غرمول» أنه قادر على المواجهة حين قال لوزيرة الثقافة "لا"، لكن أعضاء المجلس الوطني الحالي خذلوه ليتمتعوا بمناصب الشوك، في حين أبرز «غرمول» في نص استقالته رفضه "لسياسة الإقصاء التي مارستها وزيرة الثقافة ضد الاتحاد بمناسبة تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية"، وهو الرفض الذي قابله «يوسف» وإخوته بإصدار بيان يمجد نجاح الوزيرة ويشكرها على خدمات لم تقدمها للاتحاد أبدا. استقال «غرمول» مجبرا، لأن رغبة التوسل والتسول للوزيرة بلغت مداها عند الكثيرين في المجلس، ليسطع نجم «شقرة» بإيعاز ومباركة من الشاعر مدير الأخبار بالتلفزيون «إبراهيم صديقي» الذي يعرف بدهائه من أين ومتى تؤكل الكتف، حيث رفض أن يكون خلفا ل «غرمول»، بينما ألح رفقة صاحبه الشاعر «بوزيد حرز الله» على تنصيب وتزكية «شقرة»، وهو ما تم فعلا، في موقف يشبه تنصيب الرؤساء من طرف الجنرالات، الذين يسيّرون من بعد شؤون البلاد، بينما الواجهة شخص آخر... حيث لا يقوم «شقرة» بخطوة إلا واستشار فيها الجنرالين «إبراهيم» و«بوزيد»، وقد قام أيضا بتكريم الشاعر الوزير «ميهوبي» ببرنوس غال، ليكسب جنبه، مع تكريم آخر للصادق «بخوش» صاحب سيناريو «مصطفى بن بولعيد»، في سيناريو مفضوح لكسب مستشار رئيس الجمهورية، وفي المقابل لم تكلف أمانة «شقرة» نفسها عناء التضامن مع كاتب جزائري هو الدكتور «أمين الزاوي»، لا لشيء إلا لأن خصمه هو الوزيرة نفسها وللأسف دخل اتحاد «شقرة» مرحلة التتفيه لكل مكاسب الاتحاد، لجعله بوقا لوزيرة الثقافة، وكان الأجدر بأمانته أن تثمن جرأة الروائي «غرمول» وتحقق منها ما يطمح إليه المثقف الجزائري من حرية التعبير، والتزام بحرية المبدأ، لكن أمانة «شقرة» خانت الأمانة، واتبعت سياسة اللهث وراء المصالح الشخصية، ويجب أن نشير هنا إلى أن الاتحاد منذ صعود (((الشاعر))) «شقرة» لم يسيره من أعضاء الأمانة الوطنية إلا اثنان: «نور الدين طيبي» و«يوسف شقرة» فقط، مع اعتماد وطيد على بعض أعضاء المجلس الوطني من عناصر "الشرق" من أمثال «عاشوري عبد الرزاق» و«عبد الحميد شكيل» وهما شاعران لم يكتبا قصائد يمكنها أن تصنّف في خانة الشعر الحقيقي، ونشير هنا كذلك إلى تبعية الشاعر «طيبي» وهو شاعر مجيد لسياسة "الغاية تبرر الوسيلة" وإن كانت مع الشعراء الرديئين. نقطة أخرى، وهي تغيير اقتراح بعض مواد القانون الأساسي وإضافة أخرى تمنح الرئيس صلاحيات أخرى، ليتحول بذلك الاتحاد إلى عش للدكتاتورية ومعقل لسلطة مدير الاتحاد وليس رئيس الاتحاد، وتصبح الفروع أشبه ب "خضرة فوق عشاء"، عشاء شهي حضّره «شقرة» و «طيبي» بمهارة المتأكد من حسم نتائج المؤتمر القادم لصالحه، وطبعا يدخل تنصيب فرع العاصمة ضمن هذا السياق، حيث أقصى الاتحاد كتابا مثل القاص «فرحات جلاب» رئيس الفرع السابق وإذا علمنا أنه قريب الدكتور العربي الزبيري الخصم اللدود لجماعة «سكيكدة»، علمنا السبب، وقد أشار لي بعض الصحفيين أن غياب الشاعر «عبد العالي مزغيش» كان بسبب النتائج المحسومة مسبقا لصالح «السعيد حمودي»، شاعر هو الآخر لا يستطيع كتابة قصيدة موزونة واحدة، ونضيف هنا اعتماد «شقرة» على نوع معين من الشعراء يشبهونه في تناول القصيدة بسطحية مواهب الطور الابتدائي كالشاعرة «عفاف فنوح» الصحفية بالتلفزيون التي عيّنها «شقرة» محافظة للمخيم الوطني للأدباء الشباب، وهو المخيم الذي لم يرق حسب بعض الأصداء إلى المستوى الذي يجعل من «شقرة» يعتبره أهم نشاط قام به الاتحاد في فترته، حيث كان المخيم فرصة سانحة لإهانة المبدعين الشباب بتواطؤ مفضوح بين «شقرة» و«طيبي» والممثل «عبد الحق بن معروف» صاحب المخيم ب «شطايبي» ب «عنابة»، فنوعية الأكل الرديئة وبرنامج التظاهرة الهزيل عدا من ورشات التكوين، وظروف الإقامة، كلها عوامل تضع ألف استفهام أمام تصرف السيد «شقرة» في اليوم الأخير حيث حدثني مبدع من المشاركين حول توقيعه على وثيقة تسلم المبلغ المالي الخاص بتعويض السفر لكن الخانة الخاصة بتحديد المبلغ ظلت فارغة، ليتم ملؤها لاحقا وبأي مبلغ أراده سيادة الرئيس وأمين المال صاحب "زغرودة المال عفوا الماء". لقد التفت اتحاد «شقرة» إلى مغازلة الإعلام الثقافي، فأوعز حسب ما علمت إلى «سعيد حمودي» بتأسيس منتدى للصحافة الثقافية، لتفادي الكتابة المضادة وتعرية الحقيقة المرّة لهؤلاء، وقد يستعمل هذا التجمع الجديد على عتبة المؤتمر لتحسين صورة البعض وتسويد الأخرى. لقد آن الأوان ليكتب الكتّاب الجزائريون بجرأة وصراحة الحقيقة المغيبة، وأن يفضحوا ممارسات الكثير ممن ينسبون أنفسهم للكتابة وهم في الحقيقة مقاولون في حقل الثقافة،، فمن العيب أن يتحول الاتحاد إلى أداة للكسب السريع على حساب مواقف النبل والشهامة، في وقت يصارع فيه الشاعر الكبير «عثمان لوصيف» المرض الخطير، ويعاني فيه الشاعر الرقيق «صلاح طبة» مرارة البطالة والعمل ك «قهواجي».. وآخرون كثيرون... أليس من العار أن يفكر مسؤولو الاتحاد الحاليون في البقاء لعهدة أخرى، وهم من يتغنى بالديمقراطية والشفافية وحرية التعبير... "إن كنت لا تدري فتلك مصيبة...أو كنت تدري فالمصيبة أعظم".. وللحديث بقية.