وأتهم لعيبي الثقافة العربية في الوقت الحالي بقلة التدقيق والاعتماد على الصخب والضجيج، والسطحية في بحث رحلة أحمد ابن فضلان التي تثبت نكران الشرق العربي لمنجزات المغاربة. وأوضح الباحث العراقي الكبير من خلال بحثه "الاوهام الايديولوجية والتخليط بشأن رحلة ابن فضلان" أن المشرق العربي يعمل علي نكران منجزات الاخرين سواء أكانوا عجما أوعربا وبشكل صريح أو متخفي، ووالسعي لاطفائها فيما يتعلق بأدب الرحلة والابداع الادبي والبحث العلمي والترجمة. وكشف لعيبي عن مجهودات العرب في اكتشاف ونشر مخطوطات ابن فضلان خلال ندوة "الرحالة العرب والمسلمين..اكتشاف الذات والاخر" والتي عقدت بالعاصمة المغربية الرباط بمشاركة نحو 50 باحثا وامتدت ثلاثة أيام، تحت رعاية المركز العربي للادب الجغرافي "ارتياد الافاق" ومقره أبوظبي ولندن وتعقد سنويا. وأوضح الكاتب العراقي وفقا لما ورد بصحيفة "الدستور" الأردنية أن العرب عملوا علي كشف ونشر مخطوطة رحلة ابن فضلان التي قام بها عام 921 ميلادية منذ وقعت نسخة منها عام 1215 ميلادية بين يدي ياقوت الحموي بمدينة مرو في خراسان ثم طبع المستشرق الدنمركي راسموسن عام 1814 جزءا منها نقلا عن معجم الحموي ضمن بحث له، ثم توالت ترجمات الرحلة الى كثير من اللغات الاوروبية. وأكد لعيبي أن الباحث التركي أحمد وليدي زكي طوغان اكتشف المخطوطة عام 1923 في متحف بمدينة مشهد الايرانية وحققها ونشرها بالحروف العربية والترجمة الالمانية في مدينة لايبزيج عام 1939 كما عثر كاتبان فارسيان على مقاطع أخرى لا تتضمنها مخطوطة مشهد، وحقق السوري سامي الدهان "بمقدمته التأسيسية عربيا" رحلة ابن فضلان ونشرها مجمع اللغة العربية بدمشق عام 1959 ثم نشر في سوريا عام 1991 كتاب (رسالة ابن فضلان.. مبعوث الخليفة العباسي المقتدر الى بلاد الصقالبة عن رحلته الى بلاد الترك والخزر والصقالبة والروس واسكندنافيا في القرن العاشر الميلادي) جمع وترجمة وتقديم حيدر محمد غيبة. وقام الامريكي جون تيرنان عام 1999 بإخراج فيلم "المحارب الثالث عشر" بطولة أنطونيو بانديراس وعمر الشريف وهو مأخوذ عن رواية (أكلة الموتى.. مخطوط ابن فضلان عن خبرته بأهل الشمال في عام 922 ميلادية) للباحث لامريكي مايكل كرايتون، وقدم عملا أيضا في الدراما السورية في مسلسل (سقف العالم) عام 2007. وجدد لعيبي تحقيق الرحلة عبر كتاب "رحلة ابن فضلان الى بلاد الترك والروس والصقالبة" عام 2003، وأوضح من خلال بحثه أن التعامل العربي مع رحلة ابن فضلان دليل كاف ومرير على كيفية تفكير شريحة واسعة من المثقفين العرب اما بنوع من الاستهانة والكسل أو بدافع حماس أيديولوجي. وضرب المثل علي هذا التقوقع العربي واللجوء الي الخرافة بكتاب "سفير عربي في اسكندنافيا منذ 1000 عام" للباحث المغربي أحمد عبد السلام البقالي والذي أكد أن ما قدمه كرايتون في روايته "الخيالية" هو الرحلة التي قام بها ابن فضلان بعينها، وكتاب "رحلة ابن فضلان" دراسة وتعليق وترجمة العراقي سهر العامري ويري فيه انه بحث لسنوات عن كل ما يخص الرحلة وتيقن أن العرب لم يكتبوا شيئا مقارنة بكتابات الاوروبيون. ورصد رؤية الروائي المصري بهاء طاهر في مقالة عام 2007 طالب فيها باعادة دراسة رحلة ابن فضلان حيث يؤكد أنه لم يعثر في الثقافة العربية على أثر لرحلة ابن فضلان باستثناء ما كتبه الباحث السوري سامي الدهان الذي حقق المخطوط، ودراسة الباحث المصري فوزي العنتيل التي قارن فيها ما سجله ابن فضلان بما كتبه علماء التراث الشعبي.