بدأ "التحالف الضمني" بين الجريمة المنظمة والإرهاب يثير قلق عدد من الدول في مختلف بقاع العالم، حيث تستغل كل واحدة الأخرى في تنفيذ أفعال إجرامية، أو التخطيط لعمليات سطو أو "اختطاف رهائن"، الى جانب تهريب السلاح، الذي زادت تجارته، خاصة في المناطق التي تنشط بها الجماعات المسلحة.هذا الشبح الجديد، الذي جعل درجات الحذر واليقظة تبقى في أعلى المستويات، كان محط نقاش في المناظرة الدولية حول "الجريمة المنظمة والإرهاب خارج الحدود في عصر العولمة"، التي اختتمت أشغالها، أمس الخميس، في الدارالبيضاء، بمشاركة فعاليات من الإنتربول والشرطة البلجيكية، وخبراء أجانب من كندا وفرنسا. خرج المشاركون بنتيجة أن محاربة الجريمة ليست بالعمل السهل، وأن المجرمين يتوفرون على إمكانيات لوجيستية كبيرة تفوق بعض الأحيان إمكانيات مصالح الأمن الدولية. وأكد مصطفى المازوني، والي أمن الدارالبيضاء الكبرى، وعضو التنفيذي بالشرطة القضائية الدولية (الإنتربول)، أن القضاء على الجريمة المنظمة يستلزم تظافر جهود كافة الدول للتعاون فيما بينها لجهة تبادل المعلومات وتبادل وسائل الإثبات، من أجل تقديم المتورطين في هذا النوع من الجرائم إلى العدالة، موضحا أن هذا العمل يندرج ضمن اتفاقيات دولية متعددة الأطراف. وأشار إلى أن هذه المناظرة تشكل مناسبة سانحة للمهتمين بدراسة الوسائل الكفيلة بمحاربة الجريمة المنظمة على الصعيد الدولي. من جهة أخرى، أكد خوان تيراديوس باسوكو، أستاذ القانون الجنائي بجامعة قادس (إسبانيا)، ان الجريمة المنظمة استغلت الجو العالمي المتسم خاصة بحرية تنقل الأشخاص والبضائع لتوسع نشاطها عبر الحدود الدولية، وشدد على ضرورة محاربة هذه الظاهرة الخطيرة، مركزا على ضرورة القضاء على مصادر تمويلها. وحلل المشاركون مجموعة من الجوانب المتعلقة ب "تبييض الأموال"، و"تبييض الأموال والسر البنكي"، و"الإنتروبول ومكافحة الجريمة المنظمة"، و"التعاون الدولي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة فيما يتعلق بالاستغلال الجنسي بأميركا الوسطى والمغرب"، و"المعالجة الأمنية للجريمة المنظمة"، و"القضاء المغربي والجريمة المنظمة"، و"حقوق ضحايا الجريمة المنظمة". وتطرقوا إلى أن "الاقتصاديات العالمية، خاصة في الدول النامية، تعاني من الأضرار الناجمة عن تغلغل عوائد الإجرام فيها، بما في ذلك الأرباح غير المشروعة، والتي يوجه بعضها إلى الأنشطة الإرهابية". وركز المتدخلون على الإشارة إلى الشبكات الإرهابية تستغل بمنتهى السهولة المسالك والأساليب الإجرامية التي تستعملها المنظمات الإجرامية، في وقت تشير الأرقام إلى أن حوالي 800 مليون مسافر يعبرون الحدود عبر العالم، دون تدقيق جوازات سفرهم، بينما هناك حوالي 10 ملايين جواز سفر أبلغ عن سرقته أو فقدانه. وعرج المشاركون على تجربة المغرب في مجال مكافحة تبييض الأموال، خاصة أن الحكومة تستعد للكشف عن إنشاء هيئة مركزية مكلفة بمحاربة تببيض الأموال، ومن المتوقع أن يكون للقانون المتعلق بمحاربة تبييض الأموال، الذي أصبح ساري المفعول منذ نشره بالجريدة الرسمية في أيار/مايو 2007، آثار إيجابية على جميع الأنشطة المالية والتجارية، بالنظر للأهداف المتوخاة منه، خاصة فيما يتعلق بضمان التمويل السليم للاقتصاد الوطني وتعزيز وضعه المالي للتمكن من تعبئة التمويلات الخارجية وجلب الاستثمار، وكذا تخليق الحياة العامة. وتأتي هذا بعد أن صادقت حكومة الرباط، أخيرا، على القانون رقم 50 -43 المتعلق بمكافحة هذه الظاهرة، وهو ما سيمكنها من احترام التزاماتها الدولية والاتفاقيات الأممية الخاصة بمحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ويهدف هذا القانون، الذي صدر أخيرا، إلى تقوية الثقة في النظام المالي والبنكي ومصداقيته، وتعزيز مناخ الاستثمار في المغرب، وإنعاش المعاملات مع الخارج، وإلى المساهمة في الجهود المبذولة من طرف المنتظم الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة، واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المعمول بها دوليا. ورصد بنك المغرب، خلال سنة 2007، ما يقارب 14.574 ورقة بنكية مغربية مزورة تناهز قيمتها الإجمالية مليون درهم . واختلف تطور الأوراق البنكية المزورة بشكل كبير من فئة إلى أخرى، إذ ارتفع بنسبة 35 في المائة بالنسبة إلى فئة 200 درهم، فيما انخفض ب 29 في المائة بالنسبة إلى فئة 100 درهم.