سمحت السفارة الامريكية في الخرطوم لموظفيها غير الضروريين بمغادرة السودان اذا رغبوا بذلك.وجاء في بيان اصدرته السفارة ان التظاهرات والاحتجاجات الشعبية التي شهدها السودان منذ صدور مذكرة القاء القبض بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير "قد تشجع على العنف" ضد الاوروبيين والامريكيين. ونصح البيان الرعايا الامريكيين في السودان بالاعتماد على انفسهم فيما يخص خططهم مغادرة البلاد، قائلا إن قدرة السفارة على مساعدتهم على ذلك "محدودة جدا." ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول في السفارة قوله: "إن هذا الاجراء يقل بدرجة واحدة عن الاجلاء القسري للموظفين غير الضروريين." وقال المصدر إن الخطوة تعتبر - جزئيا على اقل تقدير - ردا دبلوماسيا على قرار الحكومة السودانية طرد منظمات الاغاثة من البلاد. يذكر ان كل سفارات الدول الغربية في السودان قد صعدت اجراءاتها الامنية قبيل صدور قرار محكمة الجنايات الدولية بالقاء القبض على الرئيس البشير، الا ان الخطوة الامريكية هي اول خطوة فعلية في هذا المجال. وكان جين بينج رئيس مفوضية الاتحاد الافريقى قد قال عقب لقائه الرئيس السودانى عمر البشير فى الخرطوم امس الاثنين إن قرار المحكمة الجنائية الدوليه بتوقيف الرئيس السودانى يعرض جهود انهاء العنف فى دارفور للخطر ويقوض مساعى الحوار والمصالحه فى السودان. وعلى صعيد آخر، قال جون هولمز مساعد الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية إنه ليس لدى الاممالمتحده ولا الحكومة السودانيه القدره على ان تحل محل منظمات الاغاثة التى امرتها الحكومة السودانيه بمغادرة اقليم دارفورعقب صدور قرار المحكمة الجنائية الدوليه. من جانب آخر، اصيب اربعة من قوات حفظ السلام الدوليه فى كمين نصب لهم عند قاعدة الجنينه عاصمة غرب دارفور. ويعد هذا الهجوم الاول من نوعه منذ صدور حكم المحكمة الجنائية الدوليه الاسبوع الماضى بتوقيف الرئيس البشير بتهم ارتكاب جرائم حرب فى دارفور. ويقول نور الدين المازني المتحدث باسم قوات حفظ السلام المشتركه فى دارفور ان الهجوم يعد مؤشرا على تصعيد للعنف مثير للقلق فى دارفور. وكان حسن الترابي، الأمين العام للمؤتمر الشعبي المعارض في السودان، قد عبر عن عدم استغرابه في مقابلة اجرتها معه بي بي سي من ان تلجأ "بعض القوى" الى استعمال القوة مع السودان كما فعلت في العراق. وجاء كلام الترابي ردا على سؤال موفد بي بي سي الى السودان محمد خالد حول الاحتمالات المقبلة بعد اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير. واضاف الترابي بعد ساعات من إطلاق السلطات السودانية صراحه ان "التهمة موجهة الى شخص وليس الى الحكومة السودانية فعلى الشخص الاستجابة للمحكمة التي تناديه، ولكن في حال لم يستجب، وعلما ان المحكمة لا تملك سلطة تنفيذية لقراراتها، فستعود الى مجلس الامن لينفذ لها طلب حضور او تنفيذ الحكم مثلا." وتابع قائلا: " من ثم سيخاطب مجلس الامن اعضاءه والحكومات ومن بينها الحكومة السودانية وسيطلب تسليم المتهمين واحدا تلو الآخر، وفي حال لم تقبل الحكومات بتسليم المطلوبين، فعندها يعود الامر لمجلس الامن المحكوم بضوابط سياسية. ولكن، اذا تعذر تأمين الغطاء الشرعي من مجلس الامن، يمكن لبعض القوى ان تتصرف كما فعلت في العراق بالقوة وكما تقول من اجل الانسانية، وكل هذه احتمالات في هذه القضية". وكرر الترابي ان "موقفه من العدالة الدولية هو موقف ثابت، ومبدئي. ومن الممكن القول ان هذا الموقف تعزز في ما يتعلق بتحقيق العدالة وبسط سلطة المحاكم، وهي اهم من سلطة مجلس الامن لذي يخضع للفيتو وللعلاقات السياسية حيث ينتصر الاقوى على الاضعف في نهاية المطاف". واعتبر الترابي انه "لا يشترط ان يكون السودان عضوا في المحكمة، فالمحكمة جنائية تحاكم اشخاصا ولا تحاكم السودان كبلد". وعما يشاع حول ان المحكمة هي سياسية قال الترابي انها " ليست مؤلفة من دبلوماسيين وسياسيين، بل من قضاة ورجال قانون فمدعي عام المحكمة نفسه هو رجل قانون وليس سياسيا، والقضاة يحكمون في الوقائع والبينات وليس في السياسة". اما حيال التهم الموجهة للبشير قال الترابي لبي بي سي: "بعدما قرأت الادعاء استنتجت ان هناك مادة ثقيلة فلو جاء الي بصفتي رجل قانون، شخص يواجه ادعاءات مماثلة لقلت له ان هذا الادعاء ثقيل عليك ولا بد لك من ان تأتي بمحام يحسن الاجابة بالحجج على الاتهامات الموجهة اليك". وتطرق الترابي في المقابلة الى امكانية اعادة اعتقاله قائلا ان "في السودان قد يعتقل المرء ولا يعتقل، فان ذلك لا يتم استنادا الى القانون". وكرر الترابي دعوته للبشير بتسليم نفسه الى المحكمة الجنائية الدولية قائلا ان "العلاقات الدولية سوف تتحسن إذا ما سلم الرئيس السوداني نفسه للمحكمة"، وانتقد قرار طرد منظمات الغوث الانسانية من دارفور ووصفه بأنه رد فعل غاضب. وكانت السلطات السودانية قد اطلقت سراح الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض وذلك بعد شهرين من الاعتقال على خلفية مطالبته الرئيس البشير بتسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية، حسبما اعلن افراد من عائلته. وقد تم إطلاق سراح الترابي من سجنه في بور سودان، واعادته للخرطوم جوا في الساعات الأولى من صباح اليوم وذلك حسب ما قاله نجله صديق.