من باب التقييم و التفاعل مع الاحداث الاخيرة التي شهدتها البلاد و ما تحمله من إشكالات كبرى هي في الاصل إمتداد لمسار سياسي فتراكمت لتشكل أزمة بنيوية في تدبير الشأن العام ، و تفاقمت التعقيدات في طبيعة البنى السياسية و الاجتماعية و المؤسساتية لبنية النظام الحاكم، فإعتمدت منهجية تسودها القاعدة الميكيافلية في معالجة الملفات و القضايا في المغرب على إختلاف مستوياتها. لا يمكن الفصل بين ما يعيشه البلاد من تحركات كبيرة لقاعدة عريضة من الشعب ضد سيادة الاستبداد و الفساد مع المتغيرات المتسارعة للأحداث بالخصوص في المحيط الاقليمي نتيجة الإرتباطات و الاختيارات المشتركة و المصيرية، مما شكلت أرضية خصبة لإستقرار مناخ الربيع العربي فإحتظنت تدعيات و تأثيرات المناخ الذي غطى سمائها بروح عالية رغم غياب وحدة الموقف و تباعد الرؤى لمكونات المجتمع في معركة التغيير و الاصلاح و الحسم في مغرب ما بعد 20 فبراير . 1 - تأثيرات مناخ الربيع الديمقراطي لصناعة مشهدا جديد بالبلاد: تكاثرت القراءات حول الحراك الشعبي بين السياسية و الاكاديمية فتشكلت كتلتين من دعاة الاقلام و الرأي و الساسة بين رأي يشٍيد بالإصلاحات السياسية الغير المعهودة من قبل و اللحظة التاريخية الانتقالية التي يشهدها المغرب بفضل التفاعل الجريئ لعاهل البلاد مع مطالب الشارع ، و بين رأي يؤكد أنه لم تتبدل الاوضاع بل إستمرار مسلسل الإجهاز على الحقوق و الحريات و تقوية الاستبداد بتوظيفها لجملة من الخطابات و المساحيق لتزيين الواجهة و الأدوار للإدارة الملكية في تأسيس مغرب الجديد ، الرأيان في حلبة المنافسة حول السياقات و مخارج الاحداث لتبلغ درجة الفصل التاريخي و الدقيق في الخريطة السياسية لمغرب ما بعد 20 فبراير ، يطبعها أجواء من المفرقات في الخطابات العمومية و في عناوين التغيير بين الموافقة على مسودة الاصلاح و الإعتراض عليها ، المسافات بين الدولة و المجتمع مليئة بالحواجز نتيجة هيمنة صقور الدولة العميقة على الملفات السياسية و الترابية و الاجتماعية و الاقتصادية لتبلغ درجة واقع الأزمات المركبة . حفاظ على مبدأ التحكم في كل تفاصيل المرحلة أعلن النظام الحاكم رزمانة من المبادرات و أسسها الاصلاح الدستوري فركز على العناوين العريضة مع تغييب مقصود في تحديد لمضامينها نتيجة تَحكَم فيها هاجس الزمن هُروبا من إستقرار الأوضاع على مبدأ عدم الافلات من المحاسبة و من زعزعة بيت نظام الحاكم خصوصا مع بروز جدل كبير داخل المجتمع حول مشروعية الحكم و الحسم في طبيعة نظامه السياسي و علاقته بحجم القضايا و الملفات المتراكمة ، الى جانب الآثار القوية للأحداث الاقليمية التي تساهم في صحوة الرأي العام و توجيهه وفق موجة محددة، و عن القضايا العالقة و المتنازع عليها الغير قابل للحل تداخل فيها السياسي بالأمني و المدني بالعسكري. المغرب لم يسلم من تدعيات منطقة تحولت الى بؤرة إقليمية ذات بعد دولي احتضنت الشطر الثاني من مخططات الهيمنة الدولية تحت مظلة محاربة الإرهاب و إقامة الديمقراطية (1) الآتية من مختبرات الدول العظمى فطبقت نظرية القنبلة الهيدروجينة من أجل إغراقها في فوضى كبيرة و إستباق الزمن من أي حراك يخالف مصالح وحسابات القوى المهيمنة و فرض خريطة سياسية جديدة تتجاوز لغة الجغرافيا بسقوط أنظمة و تنصيب أخرى دون المساس بجوهر السلطة و الحكم . الوضعية المأزومة بالبلاد ليست سوى نتاج غياب أرضية ديمقراطية صلبة؛ و غياب إرادة سياسية حقيقية تترجم إرادة الشعب وتوقها نحو التعاون والاندماج؛ على طريق بناء دولة الحق و القانون و دولة الكرامة تساهم في تفعيل الأدوار، رغم الإنذارات الموجهة من قبل أسياد الرأسمالية عبر تقارير من المؤسسات الدولية أن تكلفة الاستبداد باهظة الثمن على المستويين: الداخلي عبر قمع الحريات والحقوق وصدّ أي تغيير سياسي بنّاء وإهدار الطاقات وتعطيل مسار التنمية.. أو الخارجي المتمثل في تدهور النظام الإقليمي وتنامي التهديدات الخارجية والصراعات في عدد من البلدان العربية وتأزّم مسار المصالحة الوطنية مع الماضي و التنمية الاقتصادية. ثمة سياق عالمي لا يجب إغفاله، الأزمة المالية ودكتاتورية الأسواق وهيمنة المال على عالم السياسة والاقتصاد ، أما السياق الوطني بكل تجلياته السياسية والاقتصادية والثقافية ، فقد اتسم بطغيان النزعة الفردانية والفساد واقتصاد الريع وغياب الشفافية والإفلات من العقاب. كل هذا يساهم الى تعطيل ماكنة التغيير و توجيه الإنذارله من عدم الاجترار وراء عقليات التسلط و القبضة الدموية كما هو الحال في أزمة ليبيا و سوريا و اليمن أو عدم إتباع منطق إستعمال المفرط للآلة الأمنية كما هو الحال تونس و مصر و البحرين بل التوجه نحو مخرج ليين هو التعاطي مع مطالب الشارع بإزدواجة التعامل و استغلال غياب وحدة الموقف في رؤية التغيير بتكلفة أقل الثمن وذلك بتحويل كل مسارات ثورة الشباب الى استغلال غياب وحدة الموقف في رؤية التغيير بتكلفة أقل الثمن وذلك بتحويل كل مسارات ثورة الشباب الى مجال المضاربات السياسية بإخراج ورقة الإمتيازات و التكليف لإختصار المسافة عوض الاشراك الحقيقي في عملية البناء و التحصين من فيروسات الفساد التي تنخر جسد الوطن. المشهد الجديد إستبعد مبدأ التغيير الشامل لبنية النظام بل إعتمد على منهجية تعدد المقترحات الوظيفية لمفهوم السلطة البديلة من خلال تعاقد سياسي مع أطراف لا تهتم بمصالح المواطنين إلا في الضرورة الملحة و لم تمتلك الجرأة الكافية في إدارة الشؤون السياسية و الاقتصادية للمواطنين بإستقلالية تامة على القصر ، و لا تستطيع الجهر بمطلب الدولة المدنية بمرجعية حقوقية شمولية تساير مستويات التطور من جيل لأخر ، مما مكن لمهندسين الخرائط السياسية التحكم في كل مراحل تورة التغيير أو المسمى الربيع الديمقراطي و إعطاء صفة خاصة لتجربة المغرب ضمن تعريفات التغيير في عنوان الربيع العربي مما أهلها الى الدخول في مربع الحماية الضامنة من شر السعودية – أمريكا بإلتحاقه بمجلس التعاون الخليجي . 2- مطالب التغيير و السقف السياسي و الاجابة الدستورية : التوجه العام الذي طغى بداية الحراك الشعبي هو الاجماع نحو تحرير الدولة من الاستبداد و المجتمع من الفساد السياسي و النزول الى الشوارع الى حين القطع مع الحكم الفردي المطلق المتمثل في شخص المؤسسة الملكية ، فرُفعت مطالب التغيير من الشارع عبر حركة 20 فبراير و التي تضمنت العديد من الجوانب السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية تحقيقا لدولة المواطنة الحقة بإشراك الشعب في القرار السياسي و في التدبير الشأن العام ، السياق الذي تحرك فيه الشارع مشحون بالتوتر و اللإستقرار و بلغ درجة من الاحتقان الكبير و الغضب نتيجة تعمق الأزمات ، كل المعطيات و المؤشرات تعكس المسار المخالف لما خُطط له من قِبل إدارة الهندسة السياسية المغربية فإضطرت الى المراجعة الشاملة لكل البرامج لاسيما أنه إستنفذت جهودا كبيرة و أموال خيالية في تمرير أوراش العهد الجديد على سبيل المثال لا الحصر ملف هيئة الانصاف و المصالحة ، و يبدو أن الدولة لم تكن تفكر في الإصلاح الدستوري قبل 20 فبراير فالمد الاحتجاجي المتنوع في كل جهات المغرب المرتبط بمحدودية المقدرات التوزيعية للدولة والحاجة الى نقل السلطات الى الوحدات الجهوية لتدبير المشاكل ، ويبدو ان انتظارات المجتمع السياسية يثار التخوف من السقف الذي يمكن أن تقترحه الدولة في مشروع تعديل الدستور و من تقدم اجابات سياسية ،لكن هذا الإصلاح الدستوري لايجب فهمه بالمنطق المبني على فكرة وظيفة التعديل كمورد رمزي لإعادة تاطير المخيال السياسي والاجتماعي ،فالبنية الديمغرافية المغربية تغيرت وبات الشباب حاملا لإيديولوجية عملية تؤمن بالملموس والنتائج الميدانية ، فلحظة المرور من نظام سياسي مغلق إلى نظام آخر مفتوح ويؤسس لعملية بناء قواعد سياسية جديدة تعكس طبيعة التسوية التي انتهى إليها أطراف الميثاق السياسي لمشروع التغيير ، ويطرح في قلب معادلته البناء الديمقراطي، و دور المتغير المؤسساتي لفهم سقوط الأنظمة الاستبدادية وتدعيم اشتغال الأنظمة الديمقراطية، بمعنى مدى قدرة الدستور على شرح عملية الانتقال والتدعيم الديمقراطيين، و أن أسئلة التغيير والإصلاح تطرح خارج الخطاطة الدستورية حيث استمرار التعايش بين مستويات دونية للتغيير مع استقرار في قواعد اللعبة السياسية ، إن المجال العمومي للحقوق قد أسس لثقافة حقوقية جديدة لم تعمل سياسة التعديل الدستوري على إدماجها بالمعنى الصحيح بل هي عناوين فارغة المضامين في أفق إعداد قوانين تنظيمة لم ترقى للنقاش المجتمعي و العمومي كما هو الشأن مع منظومة إصلاح العدالة ( 2)، فرغم جهوزية الدولة إن أرادت تفعيل مضامين التغيير الحقيقي التي أعلنت من الشارع إلا أنها تعمدت الى تأخير العملية الى حين الفرز في المكون السياسي بالمغرب و قياس سقف الرؤية الاصلاحية لديه ، فلم تتجاوز النخب الحزبية نمط التقليدي للتدبير ، ولم تتجرأ الحديث عن أية نظام سياسي و مؤسساتي بديل يساير مغرب ما بعد 20 فبراير باستثناء تنظيمات سياسية تطرح مطلب الجمعية التأسيسية أو الملكية البرلمانية مما شكلت لدى الأخير نقطة خلاف و نهاية التكتل الشعبي . فالاجابة السياسية و الدستورية من السلطة الحاكمة بعدما أفرغت عامل الزمن من الضغط الشعبي تكمن في تفعيل مقاربة الابتعاد من النقاش المجتمعي العمومي المباشر و إعتمادها فقط على أهمية إشراك النخب الحقوقية و السياسية و الخبراء القانونيين من أجل التوازن سواء على مستوى الإعداد و الإخراج . و إقناع الدوائر الخارجية بأنه ماض نحو تأسيس مرحلة جديدة ترقى الى درجة ديمقراطية تتفاعل مع المرجعيات الدولية و الوطنية بطريقة منهجية و معيارية دقيقة، و تنزيل الفعلي لمضامين الدمقرطة و حقوق الانسان دون التعارض مع مبدأ الخصوصية و مع بنية الحكم و ثوابة نظامه ، و الإكتفاء بأجرأة قضايا الهوية و اللغة و المرأة و العدالة ... في بنود عامة تسودها ضبابية في طريقة التفعيل و التنزيل من أجل بلوغ هدف مغرب الجديد 3- تنازلات أم إستحقاقات النظام الحاكم في مغرب ما بعد الحراك : فبمدخل مفاهيمي ونظري حول الأهداف العامة للتكاملات والاندماجات و الأبعاد الاستراتيجية الأمنية على مستوى الواقع المحلي وعلى مستوى الاتفاقيات والمعاهدات وفي ضوء تجارب معينة، خلص إلى أن المرحلة تستنتج أن حالة اللاإستقار و التدهور الأوضاع لايمكن معالجته إلا في إطار اندماجي لايمكنه أن يتحقق إلا على أسس ديمقراطية، يحرر ثقافته من الأيديولوجيا ويستثمر ما تحمله من قيم إنسانية كونية لافتكاك حقوقه التي ترتهنها شبكات الفساد والاستبداد التي ليس من مصلحتها الاندماج، بل هناك ما يؤشر على افتعالها، بشكل محترف وبتحالف لوبيات ، للأزمات الأمنية بهدف تعطيل أي تقارب بين وجهات النظر كما لو أن لسان حالها، يقول للشعب: "الخنوع مقابل الأمن". فشعار الاستقرار السياسي و الأمني و حماية البلاد من التدخل الاجنبي تم إستعماله بالشكل المطلوب وإفراغ محتواه بشكل دقيق منذ بداية 20 فبراير ، فإستطاع النظام الحاكم تجاوز مرحلة الضغط الشعبي بذكاء و تحويل إتجاه معركة الشارع الى مستوى ثانوي من خلال تقليص جسد الفساد على أسماء معيينة و إستعمال ورقة الإرهاب للإلتفاف بالوطن و الملك - أحداث أركانة- ، و إستغلال موقف عدم وحدة مكونات حركة 20 فبراير و مجلس الداعم لها المنادية بالتغيير السياسي من رسم رؤية جماعية لمسودة الاصلاح و تحديد سقف المطالب بوضوح دون الدخول في جدالات عقيمة مما سنحت الفرصة لأحزاب و هي كثيرة بالتفاوض باسمها و تمرير كل المبادرات التي قدمها القصر الى الشارع و أهمها خطاطة الدستور الجديد . في السياق العام المغرب تعامل مع مسألة لغة التنازلات بالإستحقاق السياسي و وظفها في لغة الانجازات الحكيمة لعاهل البلاد كل هذا تم بموافقة أغلب الكائنات السياسية و المدنية ، و عدم قدرة المعارضة السياسية بالشارع من القيام بالدور الأساسي في توجيه معركة التغيير نحو هدفها الصحيح و إستغلال الظرفية بشكل محكم و جيد بفرض تنازلات كبيرة على النظام الحاكم و القطع مع سلوكات الماضي في الصراع السياسي و التخلي على الهاجس الأدبي الحزبي و التغلب على الاختلاف المذهبي و المرجعي لتحقيق تعايش الجسم المعارض بين اليساري و الإسلامي و الأمازيغي على أرضية 20 فبراير و غيرها خدمة للوطن و الشعب لاسيما حجم التضحية جسيمة من شباب التغيير و الاختراقات المتتالية للدولة و اكبرها إنسحاب أحد الفاعلين منها – العدل و الاحسان- ، فهذا يؤكد أنه من الصعوبة التقليل من الأشياء و العيش على الخطابات الحماسة فالمؤسسة الحاكمة إستفادت من المرحلة بتعزيز تواجدها و إضفاء الشرعية في الحكم بتوازنها بين المكون البشري و بنيته الثقافية و النمطية و الإختيار المؤسساتي و السياسي و عقيدته الايمانية. 4- اللجوء الى سلطة الدين للحفاظ على مكانة المؤسسة الملكية : في مسألة الدين والدولة كمجال يكتنفه الكثير من الصعوبة والجدل، وقدم من ضمنها أن ثالوث (القبيلة ، النسب والدولة) يمثل القانون المضمر والسبب الخفي والعقل الباطن الذي حرك التاريخ ووجه مساره ورسم غاياته وجعل منه مسرحا تتصارع فيه قوى يطبعها التضاد والتحالف، وهذا ما جعل المسألة السياسية دائما جوهرية في الدين، و اعتبار أن مختلف الأنظمة وظفت الدين كأديولوجيا، وسجلت آثار على صعوبة التحول من منظومة إلى أخرى، فكان الثمن مكلفا وباهظا. و في نفس السياق السوسيوتاريخي، و التفاعل السياسي للمذهبية الدينية فقد أسس النظام المغربي شرعية الحكم من حجية النسب و الانتماء و إضفاء المشروعية على السلطة، للمؤسسة الحكم تصور واضح من مسألة توظيف إرث الخلافة –أمير المؤمنين-؛ بحيث يكون مصدر الشرعية قوامها البيعة والمرجعية التاريخية المرتكزة على الإرث التاريخي – السلالات الحاكمة قبلا - والمرجعية الوطنية من خلال مبدأ التوازن بين القيمتين المرجعية والتحكيمية؛ فهناك تلازم منهجي في جعل الملك حكَمَا وحاكما، البنية الدستورية في نطاق آليات ممارسة السلطة عبر طابق المشروعية وليس طابق الشرعية، فإن مرجعية "الحكَم" لم يتم تحجيمها في المغرب ما بعد 20 فبراير ، و أن التعديل الدستوري الأخير ركز على مجال السلطات العصرية للملك دون أن يمتد إلى عمق المجال التقليدي للملكية. فلم يطرأ على المهام التقليدية للملك أي تعديل أو تحوير؛ كما أن بعض روتشات التعديل التي طرأت على الجهازين التنفيذي والتشريعي لا تعني مطلقا تفويت سلطات الملك لهذين الجهازين بقدر ما لا تعدو أن تكون تفويضا لبعض سلطاته دون أن يمس هذا التفويض المهام التاريخية للمؤسسة الملكية. إن البنية الدستورية القائمة على المصالحة مع التقاليد المحلية والقيم الدينية قد أدت الى تداخل الديني والدنيوي، السياسي والديني وأفضت الى تشكيل مجال عمومي يقصي فكرة اللائكية مما أدى الى غموض مفاهيمي في الوثيقة الدستورية في تشكيل مدخل للتحديث و دولة المؤسسات في وقت تظهر فيه البنية القانونية تحت دستورية متعدة بشكل كبير عن المرجعية الدينية، مما يشكل نوعا من " العلمانية الضمنية " (3) الناتجة عن تعايش النصوص ذات الأصلين الديني والوضعي. واعتبار المقتضيات الدستورية على الشاكلة الحالية المسوغ الوحيد للشرعية السياسية و الدينية للحكم والضابط لاشتغال النسق السياسي و العودة التدريجية الى ثيقراطية القانون الدستوري رغم الحديث عن تدعيم الدمقرطة و القنوات والمؤسسات الديمقراطية . 5- الحلقة الضائعة في معركة التغيير بمغرب ما الربيع الديمقراطي : . الإدارة السياسية بالبلاد منذ تولي محمد السادس الحكم تعاملت مع تركة الماضي و ملفاته بنوع من الأهمية الكبيرة ، فأقرت بوجود إختلالات عميقة، إعتمدت على مقاربات توجيهية و دقيقة ، ترسم الأولويات على حسب حجم الملف فحولته الى نقاش شبه عمومي بين العديد من الفرقاء السياسيين و المدنيين كما هو الشأن في ملف الانتهاكات الماضي ، الدولة سلمت الملف وفق مصلحتها الى حقوقيين تأثروا بنظرية عولمة الرأسمال البشري و فلسفة العدالة الانتقالية فإنتقلت الى دور المتفرج و المتحكم الى أن أُفرغ من محتواه .فبعد تنفيذ العديد من السيناريوهات في البلاد إستقرت الأوضاع على معادلة سهلة الفهم و صعبة التحليل ، في ظاهر الأحداث - منذ 20 فبراير- الكل إستوعب مجرياتها و تقبل نتائجها بمرارة مقاسا بحجم التضحية لدرجة الجميع لا يريد العودة الى الوراء فتعمقت الهوة و إفتقدت الثقة خاصة عند تولي مقالد السلطة دعاة التغيير و دخول غمار الحكم – الاسلاميين و حلفائهم- على حساب معاناة البسطاء و على ظهر الذين استشهدوا و الذين إعتقلوا لا رؤية لهم و لا برنامج تغيير يجيب على تطلعات و مطالب الشعب بل التخفي وراء عباءة الملك كسلطة تحكيمية دون تكليف عناء البحث عن أصول الأزمة . في باطن الحقائق أن موجة التغيير لم تؤسس على رؤية تنظيمة و سياسية واضحة ، و الإنطلاقة القوية لحركة شباب التغيير لم تستوعب بشكل معقلن النقيض الذي تصارعه له من الإمكانيات و التجربة في إخماد الانتفاضات و قمع الاحتجاجات ما تؤهله في ايقاف الحراك و تحويل اتجاهه لصالحه ، بل تفاعلت بعنفوان مع مناخ الربيع راجية أن الفينيق التونسي سيحيى من جديد بالمغرب ، فتعاملت مع اللحظة أنها الحاسمة. دائما ما نعيش هزات سياسية و إجتماعية و في كل مرحلة تؤطرها سياقات معينة ، أما ما عشناه إبان 20 فبراير و ما بعده هو مرتبط بسياق دولي و إقليمي في إعادة تركيبة جغرافية المناطق و إعادة توزيع الأدوار للأنظمة الحاكمة إما تبديل هرمه أو تغيير مسار الأدوار ، المغرب إنخرط مسبقا و نفذ كل الإملاءات مما ضمن سلامة عرشه من الزوال ، فحظي برعاية و تشجيع كبير من صناع الأحداث ، فعندما إستقر الحال على نموذج آخر من الربيع الديمقراطي تعاظمت المهام في معركة التغيير و من الصعوبة إسقاط النظام على نفس الشاكلة التي لحقت بلدان الربيع لاسيما أن قوى المنادية بالتغيير لم تهيأ بالشكل المطلوب مما يجزم القول أن الشارع يفتقد الى حركة سياسية شعبية تحمل مشروعا مجتمعيا بديلا يقابل النظام الحاكم في ميزان الصراع و غياب وعي التنظيم السياسي في المخيال الشبابي – 20 فبراير - تحت مسببات الرفض و عدم الاقتناع بالمشهد السياسي الرديئ و التداخل بين الزعامة الدنكشوطية و الهيمنة الميدانية داخل ذات الخركة ، و عدم التوجه نحو كسر بنى الأمن التسلطي في الدولة و القضاء على الفساد بالدرجة الأولى و تشتيت مؤسساته بخلق صراع داخل نظامه و بين الملك لمسايرة ميزان الصراع كخطوة أولى ثم تليها المساهمة في الاختلالات العمودية على مستوى الحلفاء الدوليين و الاقليميين قبل الحديث عن إسقاط نظام ، ربط إنجاز التغيير بتقليص السلطة المركزية بالدفاع على نظام الجهوية السياسية رغم وجود الملكية ، التوعية الشاملة في صفوف المواطنين على إعادة الصياغة للمنظومة القانونية العامة و الخاصة كمدخل الى الدولة الديمقراطيية المدنية ، الحلقة الضائعة في مغرب ما بعد 20 فبراير هي عدم إستيعاب أن التغيير ليس مدخله الشارع و فقط بل هو ركن أساسي و مكمل الى الصراع داخل الموسسات ليس على نمطنا السائد بل على أسس الارتقاء الى خلق قوة معارضة حقيقية في قلب مؤسسات الدولة من أجل تغيير الوسائل المألوفة في الخطابات السياسية و قلب المعادلة الصراع و إنفجاره من الداخل على الشارع. * ناشط سياسي و حقوقي في المهجر 1 - التكامل المغاربي مرهون بحسْم الأمريكيين والأوروبيين د .عبد الرحمان حاج الناصر , حوار الحضارات بين التَّكامل والديمقراطيّة 2 – محمد أتركين التغيير الدستوري وسيناريو الانتقال الديمقراطي بالمغرب وكذلك, المقدس والوثيقة الدستورية للانتقال الديمقراطي في السياق المغربي 3- تأملات في المسألة الدستورية في ظل المتغيرات الإقليمية والوطنية علي أوعسري