إن المتتبع لوضعية الإنارة العمومية بطنجة في واضحة النهار، سيدرك من الوهلة الأولى قمة العبث الذي تدار به شؤون هذه المدينة ، وخصوصا حينما يتم الوقوف يوميا على مئات المصابيح المشتعلة بشكل مستمر طول النهار داخل عدد من المناطق والأحياء ، دون أن تبادر أية جهة إلى إطفائها وصيانة التجهيزات الخاصة بالتشغيل والإطفاء الأتوماتيكي ، وذلك في الوقت الذي تعاني العديد من الأحياء المهمشة من انعدام الإنارة بالمرة خلال الليل بسبب الأعطاب المتكررة التي تتعرض لها الشبكة المتهالكة. .. ويرتبط المشكل بفشل المجلس الجماعي في تدبير هذا القطاع الذي لم يعرف استقرارا منذ أزيد من عقد من الزمن ، فمن التدبير المباشر للمرفق ، إلى التدبير عن طريق عقد الامتياز الذي تم التعامل به مع المكتب الوطني للكهرباء الذي تم استبداله بكيفية متسرعة وغير واضحة بإحدى الشركات الخاصة التي أثبتت عدم فعاليتها وجديتها في إدارة هذا المرفق، وذلك بالرغم من المقاربة المعتمدة من طرف المجلس الجماعي في تحديد صيغة العمل المشترك بين تقنيي المجلس وأطر الشركة ، وضبط عملية صرف الاعتماد المخصص للصفة التي أشرفت على نهايتها ، فإن النتائج ظلت ضعيفة ومحدودة الأثر والفعالية، وكان مما تم الوعد به عند توقيع هذا العقد الأخير هو، هو ضمان التغطية الشاملة لكل أرجاء المدينة ، والحد من الاختلالات القائمة، واقتصاد الطاقة ، وتكثيف التواصل مع السكان وجمعيات المجتمع المدني من أجل تحسين الأداء والتغلب على المشاكل التي يعاني منها عدد من الأحياء . ومن أجدل ذلك أحدثت لجن للتتبع على صعيد المقاطعات الأربع ولجنة مركزية بمقر المجلس الجماعي ، كما أحدث رقم أخضر للاتصال.. إلا أن هذه التدابير لم يكن لها أي أثر محسوس على أرض الواقع ، لأن الأعطاب تظل مستمرة في مختلف الاتجاهات، كما أن التدخل من أجل الإصلاح لا يمر إلا بعد مرور عدة أيام ، وفي المقابل يظل الرغم الأخضر غير مفعل ، ولا يستجيب للمكالمات ، وتستمر الإنارة مشغلة طول النهار لعدة أسابيع وشهور دون أن يلقى لها بال ، علما أن اشتعال الإنارة بهذه الكثافة ليلا ونهارا يشكل أكبر استنزاف لميزانية المجلس الجماعي الذي يشكو من العجز ، كما يِؤدي سنويا ما يقرب من 5 ملايير سنتيم على استهلاك الكهرباء .. فأين الحديث عن حسن التدبير والنجاعة الطاقية ، والمردودية ، وجمالية الإضاءة ، وما تم ترديده من شعارات جوفاء خلال أشغال اليوم الدراسي الذي تكبد المجلس مشقة تنظيمه منذ 3 سنوات ، ومن أجل الوقوف على تقصير المجلس الجماعي في هذا المجال ، يمكن التذكير بتوصيات اليوم الدراسي كما أوردها موقع طنجة نيوز سنة 2010 للتأكد من غياب الجدية والمصداقية في اتخاذ القرارات وتنفيذها . 1- إنجاز دراسة شاملة و متكاملة حول تدبير مرفق الإنارة العمومية، وإسناد هذه المهمة لذوي الإختصاص في الميدان. وتشمل هذه الدراسة: أ- جرد وإحصاء جميع الممتلكات المرتبطة بالمرفق. ب- تشخيص تقني شامل ومفصل للوضعية الراهنة لمنشآت الإنارة العمومية من الجانب الكهربائي والميكانيكي والضوئي قصد التأكد من مدى استجابتها للمعايير الوطنية والدولية المعمول بها. ج- وضع برنامج للعمل لتأهيل شبكة الإنارة العمومية ،وتحديد قيمة الميزانية اللازمة لإنجازه سواء فيما يتعلق بالإستثمار، وما يتعلق بالصيانة والتسيير. د- إعداد تصميم مديري للتهيئة الضوئية للمدينة يتضمن خصوصا : * تصميما ضوئيا للمدينة يأخذ بعين الإعتبار إبراز المعالم الأثرية والتاريخية والطبيعية للمدينة * إعطاء هوية ضوئية للمدينة * توظيف منتوجات الصناعة التقليدية المحلية في منشآت الإنارة العمومية. * صياغة ميثاق للإنارة خاص بالمدينة ه- وضع استراتيجية للنجاعة الطاقية وترشيد الإستهلاك، من حيث اختيار التجهيزات الملائمة واستغلال الشبكة. و- إعداد دفاتر التحملات لإنجاز متطلبات التصميم المديري. ز- الدعم التقني والقانوني في إعداد آليات التدبير. ح- تكوين و تأطير الطاقم التقني للجماعة. 2- تشكيل لجنة تحضيرية لتأسيس الجمعية المغربية للإنارة على غرار ما هو معمول به في بعض الدول، يكون بمدينة طنجة. 3- تنسيق العمل بين الجماعة ووكالة تهيئة ميناء طنجة في مجال الإنارة العمومية قصد الحفاظ على التجانس . هذا دون استحضار التداعيات المرتبطة بهذا الملف وفي مقدمتها المشاكل الأمنية الناتجة عن الحوادث التي تسجل في النقط السوداء التي تفتقر إلى الإنارة العمومية ، حيث يتعرض المواطنون للاعتداءات بالسرقة والضرب ، كما لا يأمن الناس على الخروج ليلا بهذه المناطق التي تظل بعيدة عن أعين المسؤولين ..