في الوقت الذي لا تزال عدد من أحياء ومناطق طنجة تغرق في ظلام دامس بسبب انقطاع الإنارة العمومية منذ عدة أشهر، دعا خبراء وباحثون ومتخصصون في مجال الإنارة العمومية إلى إعداد دراسة شاملة ومتكاملة حول تدبير هذا المرفق وإسناد هذه المهمة إلى ذوي الاختصاص في الميدان. وتعيش مناطق طنجة في ظلام دامس منذ أسابيع طويلة، وهو ما أدى إلى تسيب أمني غير مسبوق في مناطق معينة، مثل أجزاء من أحياء «مسترخوش» و«عين الحياني» و«بني مكادة» و«مغوغة» ومناطق أخرى وسط المدينة أو في أطرافها. وتعتبر هذه أول مرة يمارس فيها المكتب الوطني للكهرباء، المسؤول عن الإنارة العمومية، حيفا واضحا في التعامل مع أحياء المدينة، حيث عمد فقط إلى إصلاح الإنارة في مناطق «الواجهة»، بينما يغرق عدد من الأحياء الشعبية في الظلام. وقالت مصادر مطلعة إن المكتب الوطني للكهرباء رفض إصلاح الإنارة في عدد من المناطق، في انتظار ما سيتم مستقبلا، حيث يحتمل ألا تقوم الجماعة الحضرية بتجديد الاتفاقية مع المكتب في هذا المجال. وقال خبراء فرنسيون، خلال لقاء دراسي نظمه المجلس الجماعي حول الإنارة العمومية، إن هناك ضرورة لوضع تشخيص تقني شامل ومفصل للوضعية الراهنة لمنشآت الإنارة العمومية من الجانب الكهربائي والميكانيكي، قصد التأكد من مدى استجابتها للمعايير الوطنية والدولية المعمول بها. ودعا الخبراء المجلس الجماعي إلى وضع برنامج للعمل لتأهيل شبكة الإنارة العمومية وتحديد قيمة الميزانية اللازمة لإنجازه، سواء في ما يتعلق بالاستثمار، أو ما يتعلق بالصيانة والتسيير. وأوصى الخبراء بضرورة إعطاء «هوية ضوئية للمدينة وتوظيف منتجات الصناعة التقليدية المحلية في منشآت الإنارة العمومية وصياغة ميثاق للإنارة خاص بالمدينة. كما أوصوا بإعداد تصميم مديري للتهيئة الضوئية يأخذ بعين الاعتبار إبراز المعالم الأثرية والتاريخية والطبيعية للمدينة. من جهته، قال رئيس الجماعة الحضرية لطنجة إن سوء خدمات مرفق الإنارة العمومية وتعطل وظيفته هو نتيجة لمسار طويل من تراكم الأخطاء واختلالات في التدبير واعتماد منهجيات تقليدية، وأحيانا عشوائية في التسيير لم تعد تواكب الرهانات المعقودة على هذا المرفق. من جهتها، قالت مصادر الجماعة الحضرية إن «فاتورة هذه الخدمات المتدنية كلفت الجماعة مبالغ ضخمة لم تعكس حجم الإنفاق ولم تحقق الأهداف المرجوة». وأضافت هذه المصادر أن المجلس مدرك للمشاكل والاختلالات التي يتخبط فيها مرفق الإنارة العمومية ويفكر في إعداد تدابير جديدة في مجال تدبير الإنارة العمومية. وكان المجلس الجماعي قد وقع اتفاقية جديدة مع المكتب الوطني للكهرباء مدتها ستة أشهر، من أجل تدبير مرفق الإنارة العمومية في انتظار إعداد المجلس لتصور واضح بخصوص هذا المرفق، غير أن تلكؤ المكتب في صيانة الإنارة العمومية في مناطق كثيرة من المدينة شجع على الانحراف والجريمة ودفع معدلات الجريمة إلى الارتفاع.