دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا            تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    رشاوى الكفاءة المهنية تدفع التنسيق النقابي الخماسي بجماعة الرباط إلى المطالبة بفتح تحقيق    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    هجوم ماغديبورغ.. الشرطة الألمانية تُعلن توجيه تهم ثقيلة للمشتبه به    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 16 جنديا و8 مسلحين في اشتباكات شمال غرب البلاد    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معيقات النهوض بالقطاع الصحي في طنجة، والانتظارات الملحة

يشهد مستشفى محمد الخامس بطنجة في المدة الأخيرة إنجاز مجموعة من الإصلاحات الهيكلية خصوصا بعد التعيينات الأخيرة للمسؤولين بالمستشفى، حيث شملت جناح قسم الأطفال الذي أدخلت عليه إصلاحات جذرية مهمة من خلال توفيرالتجهيزات الأساسية كالحاضنات الاصطناعية والأسرة( 62 سريرا )، والمرافق الصحية، وقاعات استقبال الأطفال مع الأمهات، وتجديد الشبكة الكهربائية وتقوية شبكة التزود بالأوكسيجين. كما تمت إعادة النظر في النظام الداخلي لهذا القسم ، مما مكن من إضفاء حلة جديدة على مرافقه ومكوناته،هذا بالإضافة توفر برنامج إضافي يهم توسعة القسم عبر إحداث جناح خاص بألعاب الأطفال الذين يمرون بحالة النقاهة في الجهة الموازية ..
وينتظر أن تنطلق الأشغال الخاصة بإصلاح وتوسعة قسم المستعجلات الذي يعد من أعقد المشاكل التي يعاني منها المستشفى والمدينة ككل، وذلك بعد الإعلان عن الصفقة الخاصة بالمشروع. وسيمر المشروع بمرحلتين، يتم خلالهما إعداد الطابق تحت أرضي للمستشفى من أجل إيواء خدمات هذا القسم بصفة مؤقتة بغلاف مالي قدره 90 مليون سنتيم خلال مدة ثلاثة أشهر، في انتظار استكمال مشروع التوسعة الذي سيغطي المساحة المقابلة لمدخل قسم المستعجلات، والتي سيتم بناؤها وتجهيزها من أجل تخفيف الضغط عن هذه المصلحة . ويندرج هذا الإجراء ضمن بنود الاتفاق الموقع مع البنك الأوربي للاستثمار الذي سبق له أن رصد مبلغ 6.5 ملايير سنتيم لفائدة القطاع الصحي بطنجة، وهو المبلغ الذي كان مخصصا بالدرجة الأولى لبناء مستشفى جهوي. ذلك المشروع الذي ظل يتدحرج لعدة سنوات دون أن يرى النور، وتعثر إنجازه بسبب عدم العثور على العقار المخصص لاستقباله. وللعلم فإن هذا الموضوع ظل خاضعا للتسويف والمماطلة منذ بداية التسعينات . كما أن العقار المقترح تم تغيير موقعه أكثر من مرة اعتمادا على مبررات واهية وغير واضحة ، إلى أن تم السكوت كليا عن الموضوع، علما أن آخر أجل للاستفادة من هذه المنحة كان هو نهاية سنة2014. ومن المنتظر أن تشهد كل الأقسام إصلاحات مماثلة كقسم جراحة العظام، والدماغ اللذان يمران بوضعية حرجة. وبالموازاة انطلقت عملية إنجاز الأشغال الخاصة بالتجهيز الداخلي من خلال إصلاح النوافذ والأبواب والمرافق الصحية والشبكة الكهربائية في بعض الأجنحة، وينتظر أيضا الالتفات إلى المحيط الخارجي للمستشفى من خلال تبييض الواجهة وإعادة الصباغة .
وتجدر الإشارة إلى أن قسم المستعجلات كان ومازال يعد من أكبر التحديات بالمدينة، فهذا القسم الذي لا يتوفر به إلا 4 أطباء و6 من أطر التمريض يعملون بالتناوب، و9 أسرة في قاعة الملاحظة ، يستقبل ما يفوق عدد 500 حالة استعجال في اليوم، كما تجرى به 70 حالة تدخل لخياطة للجروح، و40 تدخلا لتركيب الجبص في اليوم . وهو في المجمل لا يتوفر على أدنى المعايير الخاصة بالمستعجلات . ويظل المرضى الذين يلجون قسم الولادة هم الأكثر معاناة بسبب قلة عدد الأسرية (37) وضيق المحيط ، مما فرض زيادة 6 أسرة داخل الممر، والجمع بين امرأتين في سرير واحد، كما أنه في حالة العمليات القيصرية يحتفظ بالأم مدة أربعة أيام داخل القسم .
ولقد جاء هذا التحول من أجل إنقاذ الموقف والاستفادة من الدعم الأوربي، و بدأ التفكير بهذه الصيغة حينما تم رفض تنفيذ مخطط تحول مستشفى القرطبي إلى قطب للأم والطفل الذي قوبل بمعارضة شديدة من طرف العاملين بالقطاع الصحي والمجتمع المدني، فتولدت فكرة توسعة قسم المستعجلات بهذه الصيغة، وإصلاح كل الأقسام داخل مستشفى محمد الخامس، وكذلك توسعة مستشفى محمد السادس ورفع عدد أسرة الولادة فيه من 56 إلى 120 من الأسرة ستكون موزعة على غرف مستقلة وفق توجهات منظمة الصحة العالمية .
وبالرغم من تلك الجهود المبذولة على صعيد مستشفى محمد الخامس، فإنها تظل قاصرة محدودة الأثر بفعل الضغوط التي يعاني منها على صعيد مدينة طنجة ، وبسبب الخصاص المهول في التجهيزات والأطر الطبية والممرضين والأعوان والوسائل الطبية، ويمكن استحضار حالة الأعطاب المستمرة لأجهزة الراديو والسكانير، مما يضطر المرضى في قسم المستعجلات للجوء إلى القطاع الخاص تحت عامل الضغط والإكراه .. فجهاز الراديو الوحيد يصاب بالعطب المستمر بسبب تقادمه وتعرضه للضغط القوي، بالإضافة إلى عدم كفايته. أما جهاز السكانير الوحيد الذي تخطى عمره 13 سنة، فقد أصبح متجاوزا من الناحية التقنية، خاصة وأنه يخضع لإنجاز 32 عملية في اليوم. هذا وقد تقرر في إطار التنسيق بين إدارة المستشفى ومديرية التجهيزات والصيانة بالوزارة، تزويد المستشفى بجهاز سكانير جديد سيتم التوصل به بعد إجراء الصفقة تحت إشراف مندوبية الصحة بعمالة طنجة أصيلة .. كما تسعى الإدارة المحلية إلى اقتناء جهاز راديو إضافي للتغلب على مشكل الخصاص.. والجدير بالذكر أنه يتوفر بالمستشفى جهاز إضافي للراديو تم اقتناؤه منذ سنتين في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشراكة مع إحدى الجمعيات، ومع ذلك لم يتم استعماله بسبب وجود نقص في أجهزته الخاصة ومخالفتها للمعايير المنصوص عليها في دفتر التحملات ..هذا بالإضافة إلى توفر جهاز للكشف بالأشعة تم اقتناؤه أيضا في نفس الإطار، لكنه ظل غير مشغل، ولا زال وضعه معلقا. ومن المشاكل المطروحة بحدة في كل المنشآت الطبية للصحة العمومية بطنجة، الخصاص الحاد في الموارد البشرية، وخصوصا بالنسبة لأطباء الاختصاصات والممرضين، مما يساهم في تعطيل إجراء العمليات الجراحية المبرمجة، ونقل المواعد أكثر من مرة خلال السنة ، بسبب النقص الحاد في أطباء التخدير الذين لا يستطيعون الجمع بين العمل في المستشفى والقيام بالمداومة بقسم المستعجلات .. ويكاد هذا الوضع ينسحب على كل المستشفيات ابتداء من مستشفى محمد الخامس، الدوق دي طوفار ، القرطبي..
فمستشفى الدوق دي طوفار التابع للمجلس الجماعي بطنجة : يتوفر به طبيب واحد خاص بمرض الغدد والسكري، بعد انتقال الطبيب الثاني إلى تطوان، كما تتوفر به طبيبة واحدة في اختصاص أمراض الدم، و3 أطباء لمرض القلب ، وطبيبة واحدة للإنعاش .. وكل هؤلاء مطالبون بالقيام بالحراسة بقسم المستعجلات بمستشفى محمد الخامس، علما أن مستشفى الدوق يحمل صفة المركز الاستشفائي الذي يستقبل مختلف الحالات المرضية القادمة من أقاليم الجهة. ولهذا يطرح مشكل التوفيق بين المهام واستمرار التغطية عند تكفل الطبيب بالحراسة ، مما يضطر مدير المستشفى للقيام بدور الطبيب المختص لسد الخصاص الموجود في مختلف الأوقات، بهدف مساعدة المرضى وتمكينهم من الاستفادة من العلاج في المواعيد المحددة .. وفي ظل هذا الوضع يظل الملمح الغالب للمستشفى،هو طول الانتظار، وبعد المواعيد الطبية إلى حد نفاذ المواعيد المخصصة لسنة 2014 بالنسبة لمرضى السكري بسبب النقص في أطباء الاختصاص .كما أن قسم الإنعاش الذي أنشئ مؤخرا بالمستشفى والذي أصبح جاهزا، فإنه يحتاج إلى 10 من الممرضين من أجل تشغيله وانطلاق العمل به ..
القرطبي : يتوفر به طبيب واحد للأعصاب، وطبيب واحد لمرض الروماتيزم على صعيد الجهة، وثلاثة أطباء للعيون، وطبيبان للجلد، وأربعة أطباء للأنف والحنجرة، وهو ما يكشف عن وجود خصاص بالنسبة لهذا المستشفى الذي كان في السابق يمثل المركز الجهوي لأمراض العيون، وكانت تتواجد به اختصاصات عدة ( الليزر، الشبكة ، العمليات الكبرى ..) فكان يقدم إليه المرضى من مختلف الأقاليم . لكن في النهاية تم التقليص من الاختصاصات وتصفية عدد من الخدمات الطبية التي حرمت منها ساكنه الجهة.. ويظل المشكل المؤرق أيضا هو قلة الممرضين والممرضات، حيث يتكفل الممرض الواحد بالسهر على جناح يضم 30 من الأسرة موزعة على 8 تخصصات أثناء الفترات الليلية ،علما أنه يوجد داخل المستشفى جناح خاص بمدرسة تكوين الممرضين الذين لا يستفيد منهم القطاع بالإقليم بصفة نهائية. فمن أصل العشرات الذين يتم إعدادهم خلال ثلاث سنوات، لا يتم توظيف أية نسبة تذكر لفائدة القطاع العمومي. . ويشكو المستشفى من انعدام سيارة الإسعاف، مما يفرض الاستنجاد بالسيارة الوحيدة المتوفرة في مستشفى محمد الخامس، وذلك لأن طواقم سيارات الإسعاف المرابطة بمقر المندوبية غير مشغلة لعدم توفر السائقين ، كما أن الوزارة غير مستعدة لخلق مناصب شغل خاصة بهذه المهمة، نظرا لحاجة كل سيارة إسعاف إلى 4 من السائقين ..نفس الأمر بالنسبة للأطر الإدارية المتوفرة بالمستشفى والتي أشرفت على سن التقاعد، مما سيخلق مشاكل في المستقبل على مستوى الخصاص وغياب الأطر المدربة والمؤهلة. فكل من المدير والحارس العام، وبعض أطر التمريض قد أشرفوا على التقاعد، بل حتى السكن الإداري المكون من ثلاثة مساكن، ظل مستغلا منذ سنوات من طرف جهات خارجية .. والمشكل الآخر المطروح بحدة، يتعلق بشركات التدبير المفوض المكلفة بخدمات النظافة والتغذية والبستنة والحراسة، حيث يسجل ضعف وهزالة الخدمات المقدمة من قبلها بسبب غياب المراقبة والمحاسبة. ويسجل استقواء هذه المقاولات التي لم تعد تعبأ بكل الملاحظات والتقارير التي ترفع في شأن تقصيرها وعدم احترامها لدفاترالتحملات، سواءعلى مستوى الخدمات المنجزة ،والمواد المستعملة في التنظيف ، وكذلك التغذية المقدمة للمرضى ..
المراكز الصحية : يتوفر على صعيد عمالة طنجة أصيلة 22 مركزا صحيا بالإضافة إلى 05 مراكز بعمالة الفحص أنجرة، إلا أن أغلب هذه المراكز ترزح تحت عبء المشاكل المستعصية والناتجة عن قلة الأطر والتجهيزات ووسائل العلاج، وتزايد الطلب على العلاج ، والاكتظاظ ، وقلة الإمكانيات والموارد البشرية، وخصوصا في جانب الممرضين ، فضلا عن المشاكل الأمنية وغياب الأطر الإدارية .. مما اضطر إلى توقف العمل بالعديد منها جراء تدهور البنية التحتية وغياب الصيانة والإصلاح . وكان المنفذ الوحيد هو طرح مجموعة من المشاريع في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ابتداء من سنة 2007 مكنت من إنقاذ عدد من المراكز التي خضعت لإصلاح هيكلي وإعادة التأهيل، وتوفير التجهيزات والمعدات، وإعادة البناء من جديد ، كما جرى في مناطق مسنانة ادرادب ، المصلى، والمركز الصحي الأمل، وينظر إعادة تشغيل هذه المراكز ..كما توجد مراكز مغلقة وأخرى في حالة يرثى لها كمركز اكزناية الذي فقد وعاءه العقاري بعد تفويته لأحد الأقطاب العمرانية دون إيجاد البديل .
ومن المرافق الصحية الأكثر تضررا وتدهورا مستشفى بوعراقية لأمراض الجهاز التنفسي ( الرئة ) الذي يعود تاريخه إلى الفترة الدولية ، والذي كان يشكل قطبا على الصعيد الجهوي إلى جانب مستشفى بنقريش بتطوان ، فهذا المستشفى يعاني من الإهمال التام الذي أدى إلى تقادم المعدات التي تعتبر بدائية مقارنة بما استجد في هذا المجال الطبي، ومقارنة بما جد على صعيد الإقليم من آليات وتجهيزات . كما يشكو من نقص مهول في الموارد البشرية بسبب عزوف الأطر الصحية عن العمل داخل بنياته المتهالكة والمشبعة بالرطوبة ..
مركز حسنونة لإعادة إدماج المدمنين الذي يعاني من ضعف الطاقة الاستيعابية ونقص في الموارد البشرية المؤهلة، والانعدام الكلي للأمن ، علما أن لهذا المركز وضعية خاصة لأنه يتعامل مع شريحة اجتماعية يصعب التحكم فيها، والدليل هو كثرة الاعتداءات التي يتعرض لها العاملون بالمركز، والتي وصلت إلى حد التهديد بالقتل في حق مدير المركز .
أما على صعيد التسيير المالي للمستشفيات العمومية بطنجة فإنه يسجل تراجع مداخيل هذه المستشفيات بما يفوق 900 مليون سنويا، بفعل انعكاسات تطبيق شهادة راميد، ومجانية الولادة، ومجانية تحاليل الحوامل، وتفويت منح الشواهد الطبية الخاصة برخصة السياقة إلى القطاع الخاص .
إن المشاكل التي يعاني منها القطاع الصحي بطنجة تدل دلالة واضحة على عشوائية تسير القطاع، فلا زال الكل ينتظر المصير المجهول لمستشفى القرطبي بعد أن راج مؤخرا خبر تراجع الوزارة عن قرارها القاضي بتحويله إلى مستشفى الأم والطفل وتوزيع اختصاصاته المتعددة على كل من مستشفى محمد الخامس والدوق دي طوفار، بعد تلقيها لسيل من الاحتجاجات والاعتراضات المحذرة من عواقب اتخاذ هذا القرار الغير المحسوب العواقب، والذي اتضح أنه ستكون له مضاعفات على حياة الساكنة ومردودية القطاع، و خدماته بالمدينة.. ومنذ ذلك الوقت ومستشفى القرطبي ينتظر دوره في الإصلاحات من أجل الحد من الخصاص الذي يعاني منه على مستوى التجهيزات ومرافق الإيواء والاستقبال والأطر الطبية.. فالقرار إلى حد الساعة ظل معلقا ومبهما ، مما انعكس سلبا على نفسية العاملين الذين أصبحوا في حيرة من أمرهم. فهذا المستشفى قد ظل يتمتع بوضعية خاصة لعدة سنوات، بحكم اختصاصاته المتعلقة بأمراض الأنف والحنجرة وأمراض العيون والطب التقويمي واختصاصات أخرى لا تتواجد إلا به على صعيد الجهة. ويحمل العاملون بالقطاع المسؤولية بالدرجة إلى المسؤول الأول بالإقليم الذي ساهم في خلق الأوضاع غير المستقرة، بسبب عجزه عن تنفيذ المقررات الصادرة عن الوزارة بخصوص خلق مصلحة إقليمية للإنعاش، تطبيقا للبرنامج الوطني الذي أعلنت عنه الوزارة، حيث عجز عن اتخاذ أي إجراء في الموضوع بالرغم من وجود 6 أطباء للإنعاش والتخدير(تقلص عددهم إلى 5) يتم توزيعهم على 4 مستشفيات داخل الإقليم، ولذلك يظل مشكل الخصاص قائما بسبب سوء تدبير الموارد البشرية بعد فرض نظام الحراسة المتعلقة بهذا الاختصاص داخل مستشفى محمد الخامس، مما نتج عنه تعطيل العمليات الجراحية بباقي المستشفيات بالإقليم.. كما أثر ذلك على نظام إجراء العمليات بباقي المستشفيات وخصوصا بالقرطبي الذي يتوفر على تخصصات طبية خاصة، والنتيجة هي حصول تأخير في المواعد التي تمتد لعدة شهور، وخضوعها للتغيير المستمر خلال سنة بكاملها ، بالإضافة إلى تضخم حجم طوابير الانتظار .. فالنقابات كانت قد اقترحت على المسؤول بالمندوبية العمل بمقترح الوزير القاضي بخلق مصلحة مركزية إقليمية لهذا التخصص بدلا من الاكتفاء بنظام الحراسة. وفي تطور لافت، أصبحت أن كل العمليات الجراحية المبرمجة موقوفة بقرار إداري منذ بداية شهر يوليوز 2013 في كل المستشفيات بالإقليم تحت داعي عدم توفر أطباء التخدير، ولا العدد الكافي لأطباء النساء ..
ونظرا لسياسة عدم الوضوح وغياب الشفافية، ظل هذا القطاع يرزح تحت عبء المشاكل المعلقة التي لم تجد طريقها إلى الحل رغم أنها ظلت تثار كل مرة وتعرض على طاولة الحوار مع المسؤولين . وفي هذا الصدد يطرح مشكل الخدمات الخاصة بالتغذية التي تظل دون المستوى المطلوب ولا تراعي شروط دفاتر التحملات. كما يشكو القطاع من غياب الوضوح والشفافية في إجراء الصفقات، ومن سوء تدبير الخدمات المتعلقة بالتدبير المفوض التي تشكو من غياب جودة الخدمات وعدم احترام المتعهدين لدفاتر التحملات. حيث لا تتعدى أجرة العاملين مع هذه المقاولات سقف 800 درهم للعامل تحت ذريعة تقلص ساعات العمل بما فيها أيام العطل، علما أنهم يشتغلون أزيد من 5 ساعات في اليوم بما فيها أيام العطل . . كما لا يتمتعون بأدنى حق من الحقوق، في الوقت الذي يطالبون بإنجاز الأعمال المحفوفة بالمخاطر في كل المستشفيات . ولا يتقاضون أجورهم الشهرية إلا بعد اللجوء إلى تنظيم الاحتجاجات بسبب التماطل في الأداء من طرف الشركات التي تظل تتذرع بعدم توصلها بالمستحقات من لدن الدولة .
ويظل المشكل المزمن الذي يثار في كل مرة هو المتعلق بالأجهزة المعطلة كالسكانير الوحيد الموجود في المؤسسات العمومية بالإقليم والمتواجد بمستشفى محمد الخامس، إذ يستمر عطبه لعدة أسابيع، بالإضافة تكرار أعطاب جهاز الراديو في كل المستشفيات.
فهل يمكن لهذه الحلول الترقيعية التي يتم اللجوء إليها من أجل تهدئة الوضع ، أن تشكل أرضية للحل النهائي للمشاكل المتفاقمة والموروثة ؟ إنه لا يمكن تجاوز هذا المخاض العسير إلا من خلال التعاطي مع مشاكل الإقطاع في إطار المقاربة الشمولية التي تراعي الأولويات والحاجيات والضروريات الملحة، وفي مقدمتها ضرورة التعجيل بإنجاز المشاريع الكبرى الموعودة والمعلن عنها في البرنامج الوزاري ، وفي مقدمتها المستشفى الجامعي ، والمستشفى الجهوي، وتنقيل مستشفى الأمراض العقلية، والتصدي لكل الاختلالات التي يعاني منها القطاع على صعيد الجهة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.