منذ اليوم الأول لانطلاقة حراك 25 يناير 2011 السياسي والاجتماعي في مصر المحروسة والذي انتهى، في جولته الأولى، إلى إسقاط رموز النظام الاستبدادي الفاسد البائد، لم نتردد في الانحياز للشعب المصري الذي نزل إلى الميادين المختلفة وبعفوية تامة وبلا ترتيبات للتعبير عن طموحاته في وضع نهاية للاستبداد والفساد والتبعية. وبرغم ما سجلناه من أخطاء سواء فيما يتعلق بإدارة مرحلة الشرعية الثورية بعد رحيل مبارك ( حيث كان المطلوب رفض إجراء تسويات مع العسكر وعدم التساهل مع فلول النظام والاتجاه إلى إنجاز متطلبات العدالة الانتقالية الحقة...)، أو فيما يخص متطلبات بناء مرحلة الشرعية الديمقراطية والدستورية والقانونية ( حيث كان من المفترض إيلاء الأسبقية لصياغة دستوري ديمقراطي يستوعب الجميع على قاعدة حوار وطني بين مكونات ثورة 25 يناير المجيدة بدل التسارع إلى تنظيم الانتخابات، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير بناء الثقة والتعبير على حسن النية بين تلك المكونات... ).. وعلى الرغم من تحفظنا من مجمل التدبير السياسي لمختلف شركاء ثورة 25 يناير على امتداد المسيرة الفاصلة بين انبثاق شرعية ديمقراطية وإلى حدود الانقلاب عليها ( حيث كان المطلوب تحقيق شراكة وطنية بين المكونات الثورية على مستوى تشكيل حكومة ائتلاف وطني وحدوي، واعتماد حوار وطني كخيار ثابت فيما بينها مع ترتيب آثاره على مستوى القرار السياسي الوطني، والشروع في دفع مستحقات الانتقال الديمقراطي على الصعيد الاجتماعي للتخفيف من أعباء الأزمة الاقتصادية على المواطنين...).. فإننا نؤكد على أن ما شهدته مصر من عملية سياسية ومن استشارات شعبية متنوعة، وإن لم تتم وفق ما ذكرناه أعلاه، فقد كانت استشارات ذات شرعية ديمقراطية معتبرة ومقبولة بشهادة الجميع داخليا وخارجيا. وبناء عليه، فإن ما جرى في مصر هو انقلاب فاضح على هذه الشرعية الديمقراطية، بتزكية من رمزيات دينية قبلت أن تكون شاهد زور، فأساءت بذلك إلى وضعها الاعتباري، وبمؤامرة من قوى سياسية، استعانت بالأساليب الانقلابية لتحقيق ما فشلت فيه انتخابيا، كاشفة بذلك عن حقيقة الشعارات التي ترفعها، ومسيئة إلى القيم المدنية والديمقراطية. وفي ضوء ما سبق وعلى إثر المجزرة الرهيبة غير المسبوقة التي ارتكبت في حق المتظاهرين السلميين أمام مقر الحرس الجمهوري بمصر تأييدا منهم لشرعية الرئيس المنتخب، فإن حزب الأمة يعلن ما يلي: 1- تقديمه العزاء للشعب المصري ولأسر شهدائه، وتأكيده على أن دماء الشهداء لا يمكن أن تذهب هباء؛ 2- تأييده للشرعية الديمقراطية والانتخابية التي أتت برئيس شرعي منتخب بمصر وإدانته للعملية الانقلابية التي قام بها قادة الجيش المصري الذين انحازوا لطرف في الشارع وكذا رفضه لكل نتائجها؛ 3- إدانته الشديدة لسلسلة الانتهاكات الجسيمة للحقوق والحريات التي تلت عملية الانقلاب مباشرة في مختلف المجالات تم تدشينها بقمع حرية التعبير ( منع بث العديد من القنوات واعتقال العديد من الصحفيين ومن القيادات السياسية) وتوجت بمجزرة 8 يوليو الرهيبة بحق متظاهرين سلميين إلى حدود اليوم؛ 4- دعوته باقي القوى الوطنية الديمقراطية المصرية وعموم الشباب الثوري الصادق إلى التداعي من أجل التباحث لإيجاد مخرج من هذه الأزمة، يفوت الفرصة على أعداء الحرية والاستقلال الوطني ويعيد الاعتبار للشرعية، من خلال إعادة الرئيس المنتخب إلى منصبه وإلغاء كل العملية السياسية الانقلابية، وفتح الباب أمام حوار سياسي، بدايته هو تشكيل حكومة ائتلاف وطني بكفاءات عملية واقتدار سياسي، يعيد مصر إلى المسار السياسي الديمقراطي، من أجل وضع شروط بناء دولة ديمقراطية تتسع لكل أبناء الوطن، وتستكمل إنجاز مهام الثورة إن على مستوى الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية داخليا، أو على مستوى الاستقلال والسيادة الوطنية عن كل من قوى الاستكبار العالمي والصهيونية وأدواتهما المحلية والإقليمية. الرحمة للشهداء، الشفاء للجرحى، الحرية للمعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي..