سمحت إسرائيل لما يتراوح بين 350 و450 أجنبيا بمغادرة غزة من خلال ممر خرساني يدخلهم إلى نقطة حدود إسرائيلية محصنة عبر بوابات أمنية تكشف عن أي ..متفجرات مخبأة، وتحركت خمس حافلات في رحلة قصيرة إلى الحدود، واحدة منهم أقلت حاملي الجوازات الأميركية وأربع حافلات حملت مواطنين من شرق أوروبا في الأغلب. ووصف بعضهم ما عاناه خلال أسبوع من الغارات والقصف بأنها كانت "أياما من الجحيم"، وقالت إيلونا حمدية وهي مواطنة من مولدوفا متزوجة من فلسطيني بالوضع بالسيء جدا، وأنهم خائفون على أطفالهم، وأضافت بلغة عربية ركيكة "نحن ممتنون لسفارتنا". وبرحيل أولئك الأجانب فإنهم قد خلفوا وراءهم 1.5 مليون فلسطيني لا يستطيعون الفكاك من الصراع والهجمات الإسرائيلية التي أودت بحياة 422 فلسطينيا على الأقل حتى الآن. كما قتلت الصواريخ التي تطلق من غزة 4 إسرائيليين. لقد تركوا وراءهم مدينة تفيق على يوم آخر من الضربات الجوية الإسرائيلية وانقطاع متكرر للكهرباء وصفوف طويلة لشراء الخبز. وبخلاف المخابز بدت الشوارع مهجورة تقريبا يلفها البرد وتتناثر في أرجائها القمامة والأنقاض التي خلفها أسبوع من القصف الإسرائيلي. وعلى وقع أصوات انفجارات تأتي من بعيد، قال رجل ينتظر في الطابور لشراء حصته من الخبز "الله وحده يمكنه انتشالنا من هذه الورطة". في مركز توزيع بمخيم الشاطئ تابع للأمم المتحدة كان شبان ورجال ينقلون على الخيول والعربات ما يتسلمونه من أكياس الطحين ومساعدات الغذاء الأخرى، من مخزن حصل قبل يوم على إمدادات جديدة نقلتها 70 شاحنة مساعدات سمحت إسرائيل بدخولها إلى القطاع. وفي مخيم جباليا إلى الشمال كان الصبية يتفقدون القطع الخرسانية والأنقاض المتخلفة من أحدث هدف قصفته القوات الجوية الإسرائيلية، وهو مسجد الشهداء الذي تقول إسرائيل إنه كان ترسانة أسلحة ومركز قيادة لمقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تحكم قطاع غزة. وعرض السلاح الجوي الإسرائيلي شريط فيديو بالأبيض والأسود من مسرح القتال يظهر انفجارات لاحقة ثانوية قال إنها تثبت وجهة نظره. وظل عدد كبير من المساجد التي تكون مزدحمة عادة بالمصلين يوم الجمعة مغلقة في الصباح، بعد أن أخطرها الجيش الإسرائيلي أنها ستتعرض للقصف، وقال رجل يشتري الحمص من أحد الأكشاك "سأصلي في المنزل. أنت لا تعرف. يمكن أن يضربوا المسجد ويدمروه فوق رؤوسنا". وقال آخر في نغمة تحد "هل هناك موت أفضل منه وأنت راكع لله؟!". وبقيت أسواق غزة التي تكون عادة مكتظة يوم الجمعة مهجورة، فيما قال أبو ياسر، وهو أب لأربعة، لرويترز "الخروج من بيتك لشراء كيلو من البندورة (الطماطم) أو أي شيء هو مغامرة. لكن علي أن أخاطر لأن أطفالي لا ذنب لهم في هذا ولا يفهمون لماذا يحدث كل هذا". وذكرت مئات الأسر أنها تلقت اتصالات هاتفية تحذرها من أن منازلها ستقصف، وقالت إنها غادرتها وانتقلت للإقامة مع الأقارب أو الأصدقاء. كما أن بعض الجيران جمعوا أمتعتهم ورحلوا أيضا، خوفا من أن يتحولوا إلى "أضرار عارضة". وأقبل سكان غزة على شراء الأشرطة اللاصقة؛ لتحصين نوافذهم على أمل منع تطاير الزجاج المتحطم من شدة الانفجارات، فيما يتحرك معظم رجال شرطة حماس بملابس مدنية دون سلاح ظاهر. وهم يحذرون التجار من السعي للإثراء خلال هذه الأزمة.