يمكن للانسان أن يتعامى عن سقط الكلام ، وعن اسفاف الكتابات ومقاصدها الواضحة في لجم حرية التعبير ، وخفض مستويات النقاش بدواعي عديدة للحجر على الفكر ونسف السؤال ، لكن أن ينبري شخص بحكم المهام والصفات التي يشغلها ويضفيها على نفسه ليلبس مشروعية التساؤل حول الاخفاق الذي صاحب وضع الدستور المغربي ، فهذا ما يعد منكرا في عصر الانفتاح وتشريح المعطيات وتذرير التفاصيل والدقائق . ما العيب في أن يتساءل صحفي عن أجواء اقرار الدستور وهو الوثيقة الجوهرية حسب تعبيركم ، خاصة وقد تسرب من أحد أعضائها وهو الدكتور والأستاذ محمد الطوزي وأقر ذلك الدكتور والأستاذ عبد العالي حامي الدين ، بما يفيد ان الدستور عرف نكوصا وابدالات في الكوليس في ثلاث مراحل ، كما أن دستور الفرنسية ليس هو دستور العربية . وللعلم فالقارئ البسيط في مجال القانون يستطيع الجزم أن الدستور يفتقد للمهنية والحرفية والدقة العلمية كما ينبغي في وثيقة تعد عقدا اجتماعيا وسقفا يغطي ويظل جميع المشاركين في وطنية وطن اسمه المغرب ، ولو كان الأمر يتسع لفصلت في مقالك ، فتهافته واضح ، والدفاع عن الخطأ خطأ ، وما بني على باطل يظل باطلا ، ومبدأ الثالث المرفوع لا يجوز في عصر ما بعد الحداثة وان نظريا . لا يمكن أن نتخطى حاجز النكوص الذي ارتد اليه المغرب ونحن لا نزال نخاف مواطنين كل صفتهم الاعتبارية قربهم من الملك ، مع أن ذلك البند الصغير في عبارته الكبير في مضمونه قد تم حذفه من مسودة مشروع الدستور ، قبل أن يقتحمنا الدستور المعدل والمزيد بما استنكره ثلاث باحثين ؛ أحدهم كان عضوا في لجنة وضعه وهو السيد محمد الطوزي . وهو الفصل الذي كان يقول : الملك مواطن . فاذا ما أصبح من نافلة الطابوهات أن لا نتعرض ولو بالتساؤل عن رفاق صاحب الجلالة ومستشاريه ، فنحن نطالب بقانون من أين لك هذا ، ومحاسبة كل من استأثر بمشاريع ضخمة دون مناقصة أو منافسة تذكر كما هو حال السيد منير الماجدي ، ودون الاقرار الشفاف بتأدية ما بذمتهم من ضرائب . فاذا كان البرلماني فلان أو علان ، واذا كان رجل الأعمال زيد أو عمرو يتهربون من تأدية الضرائب فكيف نتصور أن يؤدي مستشاري الملك ما بذمتهم من ضرائب وأخص بالاسم منير الماجدي ؟ العيب وكل العيب أن يتقدم شخص بحجم السيد عبد الرحيم منار السليمي بصفته *رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات* بالدفاع عن دستور لايوجد رغم علاته الا في الورق بين الدستور المطبق عكس ما هو مسطر على هذا الورق . أم أن له رأيا آخر ، بحكم أنه يعيش في مغرب آخر ؟. ليس دفاعا عن الصحفي توفيق بوعشرين ، بل هو دفاع عن مغرب دستور 2011 ، الذي رسخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ، خاصة اذا تعلق الأمر بوثيقة تعتبر وثيقة جوهرية حسب تعبير الأستاذ عبد الرحيم ، وهنا وفي هذا السببب الأول حسب تبويب رئيس المركز المغاربي ، يهمنا ان نضع النقط فوق الحروف ، هل تعتبر سيادتكم أن هذه الدكاكين أحزابا سياسية ؟ بالله عليك ان صفة الشكلية نفسها لا تنطبق عليها ، انها أحزاب صورية عديمة التأثير والفاعلية والمهام الموكولة اليها بحكم الدستور معطلة تماما ، ونتائجها يشرب شايها المر كل المغاربة ، بل الوطن نفسه يشرب كأسه المر من مراكزه المخجلة التي بوأوه ايها !!!! أما السبب السادس ، الذي اندرج فيما اندرج فيه غيره من الأبواب من خطورة ، وهو ما تعلق بصفات الملك وبطبيعة النظام المغربي ، وأتحاشى هنا ان اقول النظام الهلامي ، فهو خارج عن سياق الجدال ومقحم اقحاما في الموضوع لأن الاجماع الوطني حول هوية المغاربة ودينهم ، وحول ملكهم ، رغم أن ستارا سميكا يلف الملك ، وكثير من مستشاريه لا يقومون بمهامهم بما يفرضهم عليهم موقعهم . أما عن حكومة العدالة والتنمية ، فهي حكومة تنكرت لجميع تعهداتها وبرامجها سواء الحزبية أو الحكومية ، وعاكست أفق انتظار المغاربة جميعهم الا المرتبطين بها ، ولن أحيلك الى انتقادات أعضائها ومريديها ، فواحد منهم اعتبرها حكومة محكومة ، والآخر انتقد سلبياتها علنا فالسيد عبد العالي حامي الدين شخصية لها اعتبارها عاكس في أكثر من محطة توجهات وتصريحات رئيس الحكومة ورئيسه في الحزب ، والسيدة بسيمة الحقاوي أيضا عاتبت بطريقة غير مباشرة تصريحات رئيس الحكومة حول حركة عشرين فبراير ، وآخر الخرجات هو ماصرح به السيد لحسن الداودي حين قال : ليس من حق بنكيران التدخل في القضاء . لبناء المغرب علينا ان نواجه كل سلبياته وندافع عن الوطن وليس عن الأشخاص ، فالوطن لا يخطئ والأشخاص أرهقونا بأخطائهم .