الشعب الروسي شعب وطني، ووطنيته هي التي أفشلت مشروع النظرية الشيوعية رغم نجاحها إلى حد ما في كثير من مناطق العالم ولكنها سقطت في النهاية لأن الشعب الروسي كالدب الروسي لا يبتعد عن موطنه ولا يريد المغامرة. وحين جاء غورباتشوف عجل بسقوط الاتحاد السوفيتي فتمزق النسيج الشيوعي ليتقدم الروس نحو اللبرالية المقيتة ويتأسوا بالغرب المستعمِر. صحيح أن الاتحاد السوفيتي كان قد عقد صفقة مع أمريكا بشأن تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ سنة: 1961م من القرن الماضي باجتماع كينيدي وخروتشوف الشهير ليبدأ في حينه التعايش السلمي بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي، ثم ينتهي إلى رأسملة العالم ولبراليته ولكن ذلك أثّر على مناطق النفوذ فطمعت أمريكا في مناطق نفوذ الاتحاد السوفيتي المنهار ونجحت في استقطاب أوروبا الشرقية إلى حضارتها وثقافتها الشيء الذي لم يفعله الروس في مناطق يُتوهَّم أنها تابعة لهم ومنها سوريا الحبيبة. سوريا بلد كان تابعا لدولة الخلافة قبل سقوطها سنة: 1924م، ثم استعمرته فرنسا، ثم انتزعته منها بريطانيا عن طريق الانقلابات، ثم جاءت أمريكا بحافظ الجحش وقضت على النفوذ البريطاني رغم وجود عملاء لبريطانيا في سوريا ولكنهم لم يقدروا على التأثير مثلما كان لهم سابقا، فقد كان الانقلاب المدعوم من أمريكا يتبعه انقلاب من بريطانيا إلى أن استقر الأمر في يد حافظ الأسد عن طريق تصفية خصومه وإبعاد أهل السنة من مراكز القرار إلا ما كان من التمثيلية التي كان يقوم بدور فيها وزير الدفاع السني مصطفى طلاس. وبمجيء ذلك النصيري الشيعي الخبيث والذي كان صالحا لدعم المشروع الغربي خصوصا أمن إسرائيل في بلادنا رغم وضعه في لائحة الإرهاب الدولي كما كانت تزعم أمريكا، وعلى الرغم من انتمائه لأقلية في سوريا؛ استطاع فرض سيطرته بالحديد والنار واعتمد على المخابرات من طائفته فنجح نجاحا منقطع النظير. وبقيام الثورة المجيدة التي فجرها أطفال من مدينة درعا والتي انطلقت ((..في 18 مارس عام 2011م ... ضد الفساد والقمع وكبت الحريات واعتقال أطفال صغار من مدينة درعا، تحدى الناس بشار الأسد بشكل غير مسبوق متأثرين بالربيع العربي المسبوق هو أيضا بالفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد وويكيلكس والذي انطلق في البلاد العربية في أواخر سنة 2010. انطلقت الاحتجاجات ضد بشار الأسد، وضد عائلته المستبدة بحكم البلاد منذ عام 1971، وضد حزب البعث السوري المستبد، وضد قانون الطوارئ المفروض منذ سنة 1963)). بوتين.. حسن نصر الله.. والتلذذ بقتل الشعب السوري، (رسالة من أديب مغربي إلى كل من السفير الروسي واللبناني بالرباط) الطبعة الأولى: 30 نوفمبر 2012م طنجة، منشورات الجيرة؛ ظن النظام أن الأمر سيحسم لصالحه في وقت قصير جدا لأن ما من فرد من أبناء الشعب السوري الأبي إلا وقد بصم من المخابرات الأسدية بحيث يعرفون عنه كل شيء، هكذا ظنهم، وهكذا كانت تقاريرهم الاستخباراتية المرفوعة إلى رأس النظام، يعرفون عن السوري مذهبه وانتماءه، ويحصون عليه حركاته وسكناته ولكنهم لم يكونوا على دراية بما في صدر الشعب السوري الذي نام على الظلم في عمومه عقودا من الزمن ولكنه لم يستمرئه لنجابته، ثم انتفض عليه وقرر اقتلاعه فانطلق عازما دون رجعة لينتقم منه المجرم بشار وشبيحته فقتله وذبحه وعذبه وهدم منازله وجوعه على مرأى ومسمع من العالم وقد خذله هذا العالم وخذله العرب اللذين من المفروض أن يدعموه، وخذله الغرب الذي بات خائفا من البديل في سوريا ومن هنا دخل على الخط الدب الروسي. لقد سمحت أمريكا لسوريا بشار أن تنشئ علاقات اقتصادية مع الروس بشيء من اللون الاشتراكي الباهت فطفقت روسيا تعزز تلك العلاقات الاقتصادية وتستفيد من بيع الأسلحة ومد سوريا بالتكنولوجية في حدود معينة متفق عليها بينها وبين أمريكا خاصة، وبما أنها موجودة برضا أمريكا في منطقة نفوذها وعند عمليها الرخيص بشار الأسد الذي هو امتداد للخائن حافظ الأسد قررت أمريكا الاستفادة من الوجود الروسي فقررت أن تجعل منها سمسارا ووكيلا تخفي بها علاقتها ببشار حتى تظل تك العلاقة سرا على السطحيين إلى أجل هو آت. حاولت أمريكا عن طريق المجلس الوطني السوري، ثم الائتلاف الوطني السوري وحركت عملاءها في الأممالمتحدة ككوفي أنان والإبراهيمي ولم تزل دون جدوى، وضعت رجْلا هنا وأخرى هناك لعلها تصل إلى الإبقاء على خديعة الممانعة التي يمثلها بشار الجحش والتي تستفيد منها هي في ابتزاز العرب، أو حل يمكِّنها من الاحتفاظ بمنطقة نفوذها حتى لا تذهب إلى الاستعمار التقليدي المتمثل في بريطانيا أو فرنسا مثلا، أو يطمع الروس فيها فيخطفوها من أمريكا خصوصا وأنهم قد وُجدوا بخبراء عسكريين وأن العميل مادام خائنا قد يستبدل قميصه بقميص آخر في كل لحظة خصوصا من تشبع بنفاق التشيع الزئبقي. وفي خضم ذلك ذُبح الشعب السوري العظيم ولم يزل، وفي خضم ذلك تقدم الثوار والمجاهدون وما زالوا وقد اقتربوا من الحسم رغم البروباكندة القائلة باستحالة الحسم العسكري من أجل فرض الحل السياسي الذي يراه الغرب باتفاق مع روسيا وبدعم أوروبي وعربي، رغم كل ذلك يتقدم الثوار والمجاهدون ويحققون انتصارات، والوقائع تؤكد أن نصرهم قريب وأن بشار لن يحكم سوريا أبدا ولن يقبل الشعب السوري بأي ممن ساهم في ذبحه وهدم بلده. وجاء الوجود الروسي من نوع آخر وعلى شكل مختف، وُجدوا في البحر بسفنهم الحربية من أجل القيام بمناورات عسكرية، هكذا قيل ولكن الظروف القائمة تؤكد شيئين اثنين يسعى إليهما الغرب وأمريكا خاصة وسينفذهما الروس وهما: أولا: وجود الروس في البحر خصوصا في ميناء طرطوس الذي يستأجرونه من سوريا منذ الاتحاد السوفيتي هو من أجل حماية بشار وعائلته الموجودين في سفينة حربية مع كبار رجالات الدولة وعائلاتهم.. ثم نقلهم إلى روسيا للعيش فيها، ونقلهم إليها ليس محبة فيهم ولا من أجل خضر عيونهم، بل من أجل الأموال المسروقة المهربة طمعا فيها وحماية لها من الملاحقة بعد سقوط النظام والتي هي موجودة في روسيا ومنها ما سينقل إليها إذا نجا من التجميد، ولا يهمهم مصير أتباعهم وجندهم وضباطهم وشبيحتهم لأنهم في اعتبارهم سقَط كالنفايات. ثانيا: تقسيم سوريا بإيجاد منطقة للأقليات على حد زعمهم وخصوصا العلويين البالغ تعدادهم 3،5 مليون علوي والذين يمثلون 12 في المائة من الشعب السوري في الساحل السوري بالأبيض المتوسط بالمنطقة الجبلية (الأنصارية) الواقعة في شمال غرب سوريا، وهى سلسلة من الجبال تمتد على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وقد بدأ الأسد يهيئها للمواجهة ويحصنها بالأسلحة تمهيدا لإقامة الدولة العلوية فيها وفي ذلك أفغنة لسوريا واستنساخ للحل العراقي الذي لم يكن حلا لأن سوريا ستُحكم من السنة وليس من الشيعة وفي حكم السنة غير الموالين للغرب وغير العملاء له انتقاص من مساحة الحكم وارتباك للغرب في مخططاته، وعليه وجب وضعهم تحت مراقبة الدولة العلوية الجديدة التي ستقام على الساحل حتى لا تقوم لسوريا التي سرقت من العلويين قائمة فيما بعد، وحتى لا يشكل أهل السنة خطرا على إسرائيل والمصالح الغربية، وإذا شكلوا خطرا بأن أقاموا دولة متحررة من التبعية للغرب قائمة على أساس عقيدة الإسلام مستهدِفةً سيادة حضارته فسيكون بدء ضربهم من هناك ومن تركيا والعراق والأردن ولبنان باسم الإرهاب.