كانت لي مداخلة ، في المائدة المستديرة التي نظمها الإتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية بشراكة وتعاون مع المديرية الجهوية لوزارة الإيصال بجهة طنجةتطوان. بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بطنجة ،حول مشروع قانون الصحافة الإلكترونية بالمغرب . وتطرقت للقاعة القانونية في المجتمع الطبيعي ،وقلت بان خصائصها لا تنطبق على المجتمع الإفتراضي هنا أعود لأفكك تلك المداخلة في قالب مقالات الهدف منها المساهمة في إغناء النقاش الدائر حاليا في المغرب . لذا أقول أن المجتمع دائما سابق على القانون ،وهذا الأخير يوضع لظواهر مستقرة وثابتة في مجتمع ما ، فأتساءل عن كيفية تقنين أو وضع قواعد قانونية لمجتمع افتراضي من سماته وخصائصه الجلية التقلب وعدم الثبات والاستقرار ، فهو دائم التطور ، فكلما تطورت التكنولوجيا (برمجيات، حواسيب، اتصالات...)،يتطور المجتمع الافتراضي . لهذا ينبغي وضع قانون الصحافة الإلكترونية مع الأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن يجود به الزمن مستقبلا .فالرؤية المستقبلية ينبغي أن تكون حاضرة ، لأننا قد نجد أنفسنا غدا ما بعد الإنترنيت ، أمام أشكال تواصلية وتفاعلية تختلف جذريا عن ما نحياه اليوم . وبهذا نكون أمام تقنين ظاهرة لا تقبل التقنين أو التكبيل من الأصل ، إذن نحن أمام وضع متمرد (تكنولوجيا) لا تنطبق عليه معظم خصائص القاعدة القانونية ، وهذا يجعلنا أمام تحديات كبرى . إذن نحن ننطلق إلى تقنين افتراضي لمجتمع أو ظاهرة افتراضية ،تؤثر في واقعنا الطبيعي وتنعكس علينا بدون فرضيات أو نظريات سابقة سواء لفقهاء القانون أو علماء الإجتماع . لذا نحن كمن يسير في ضوء النهار يحمل قنديلا ،ويتجول في مكان مليء بالناس لكن يجهل أهله ولا يدري وجهته مثل التائه الغريب ، يسير ولا يعرف إلى أين المسير . رغم ذلك يفضل التحدي والمغامرة والسفر افتراضيا بدون خريطة ،لأنه لا يعرف كيف يتم رسمها ولا بوصلة ،لأنه لا يميز بين الجهات الأربع وبلا زاد أي بدون معرفة لأن علم اليوم يصبح خرافة أو أسطورة وفي أحسن الأحوال تراث الغد . هذه كانت مقتطفات من المداخلة .وأعود للموضوع لأسلط الضوء على معنى التمرد وعدم الاستقرار وعدم قابلية تقنين مجال متقلب و أتساءل . من منا يدري أنه بعد غد يكون بإمكان الإنسان أن يكتب مقالا وتحرير خبرا ويتفاعل افتراضيا من خلال إيماءاته وأحاسيسه ومشاعره ؟ من منا يفترض أنه بعد غد يمكن أن يكون أما حاسوب لا مرئي ؟ من منا يهب أو يظن أن نجد أنفسنا أمام صحافة الحدس والإيماءات والمشاعر ؟ وبذلك يغيب الركن المادي للجريمة ونحن نعلم أن القانون لا يحاكم النوايا والضمائر والمشاعر والحركات . فعندما قلت أننا نحاول تقنين مجال أو عالم غير قابل للتقنين أو بالأحرى ولد حرا ومتمردا على الجميع . ولا أريد أن يفهم من كلامي أني ضد تنظيم قطاع الصحافة الإلكترونية ،بل الحاجة ماسة للتنظيم تمهيدا لقانون تنظيمي . ولكن رغم ذلك أثير أسئلة لا وجود لها لحد الآن ،ويمكن اعتبارها خيالا في عقل صاحبها ، ونعلم جميعا كم شيء كان يبدو خياليا فأصبح واقعا بل تجاوزه الواقع ليحل محله خيال ما يلبث إلا وقد تحقق. إذا كنا نعلم أنه كيف تطور الكمبيوتر عبر الزمن وفي ظرف وجيز بالمقارنة مع التاريخ البشري ، بدء بالحجم الكبير إلى أن توصلنا للحجم الصغير، وكذا اختفاء لوحة المفاتيح والفأرة وتم تعويض كل ذلك باللمس .أليس غدا قد نتواصل مع الحاسوب بالكلام وتتطور التكنولوجيا ونتواصل مع الحاسوب بالإشارة ،وبعد ذلك بالأحاسيس والمشاعر والأفكار ،وقد يأتي الخير في مرة واحدة ونجد أنفسنا في مجتمع آلي رقمي . فالانترنيت بما هو وسيط يحوي وسائط أو وسيط لوسائط. والصحافة الإلكترونية التي نعرفها اليوم هي شكل من أشكال تواصل الإنسان مع الحاسوب .وإذا تغيرت طريقة تواصلنا مع هذا الحاسوب ،ونفترض هذا التواصل يتم بالحدس والإيماءات . فما هو مشروع القانون الذي يمكن أن نقترحه وما هي بنوده . النقاش مفتوح للعموم وبكل حرية حرية وللمساهمة في هذا النقاش، المطلوب أن تطلقوا العنان لخيالكم الواسع في أرض الله الواسعة . وبما أن الموضوع يتعلق بصحافة الحدس والشعور والضمير . فأقترح أن يكون أولى المباديء العامة لهذا القانون ،الذي يتعلق بما يختلج في النفوس والباطن . هو الضمير المهني الحي الحر والمستقل . وحتى لا أذهب بكم بعيدا .ربما يدعي أحد ما أن ليس هناك قانون يحكم الباطن، فأجيب بأن هناك قانون يحكم الباطن ،وهو القانون الأخلاقي وكثيرا ما نتغنى بأخلاقيات المهنة ، ومن بين هذه الأخلاقيات الصدق في نقل الخبر الصادق . لهذا فقانون الصحافة ينبغي أن يكون قانون الأخلاق لا قانون قطع الأعناق والأرزاق .هذا إذا كنا فعلا نريد أن نساير عصر التقدم والتكنولوجيا . ولنا عودة مرة أخرى لبعض مقتطفات المداخلة وخاصة التعقيبات على بعض البنود . [email protected]