القصر الكبير، المدينة التي تشدني دائما بحراكها الأدبي والثقافي، المدينة التي تفتح أحضانها لمصافحة كل المبدعين الوافدين عليها من مدن مختلفة، من أجل الاحتفاء بالإبداع والمبدعين، وها هي "رابطة الإبداع الثقافي" تحتفل بالذكرى الأولى لتأسيسها، استضافت خلالها أسماء أدبية لها وزنها وحضورها في المشهد الأدبي بالمغرب. عندما تلقيت دعوة من أصدقائي في "رابطة الإبداع الثقافي"، لم أتردد لحظة في شد الرحال من أصيلة إلى القصر الكبير من أجل المشاركة في الاحتفاء بالشاعر المغربي أحمد هاشم الريسوني (ابن مدينة أصيلة)، ضمن سلسلة أصوات إبداعية التي تنظمها الرابطة. وقد عرف فضاء النادي المغربي مساء يوم الجمعة 31 غشت 2012، حضور ثلة من المبدعين المغاربة والمهتمين بالشأن الأدبي. وشهدت الجلسة الأدبية كلمة الأستاذ حسن الشريف الطريبق (القصر الكبير)، تحدث فيها عن أحمد هاشم الريسوني الشاعر والباحث الأكاديمي، ودراسته الجادة في ثنايا الشعر الحر وفي الشعر المغربي بشكل خاص، كما أشار إلى دواوينه الشعرية الأربعة الصادرة عن نظرة عميقة ومن ذات شاعرة. في حين ركز الأستاذ المهدي أخريف (أصيلة) في كلمته التي عنونها ب "شطحات في منتهى الغناء" على بداية أحمد هاشم الريسوني الشعرية خلال الثمانينات، ومدى حرصه على تطوير معرفته الشعرية عبر إعادة قراءة شعراء الحداثة العرب من مختلف الأجيال، كما تحدث عن دواوينه الأربعة "مارتيليات"، "النور"، "الجبل الأخضر" و"لا". أما كلمة الأستاذ عبد اللطيف شهبون (طنجة) التي عنونها ب" مقاربة في موضوعات التحديث الشعري عند محمد الصباغ"، تحدث فيها عن مضمون الكتاب والسياق التاريخي والثقافي الذي ساعد الصباغ على الانتهال من الثقافة الاسبانية على وجه الخصوص والتراث الأدبي المهجري وتأثير هذا التمازج في الكتابة الصباغية وأنماط الإيقاع في الكتابة عند الصباغ. وقد تطرق الاستاذ عبد الله المرابط الترغي (طنجة) في كلمته إلى الحديث عن مسيرة أحمد هاشم الريسوني الدراسية (طالب في شعبة الآداب العربي) والمهنية (أستاذ في شعبة اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمارتيل) والأدبية (شاعرا منتجا لعدة دواوين شعرية وباحثا كتب مجموعة من الدراسات النقدية). واختتمت الجلسة الأدبية بكلمة الشاعر أحمد هاشم الريسوني، شكر فيها رابطة الإبداع الثقافي على هذا الاحتفاء الأدبي، كما شكر الحاضرين على مشاركته هذه الجلسة الأدبية، وتحدث عن الحلم باعتباره (الحافز للاستمرار والانطلاق في الكتابة، الدافع الأساسي لممارسة الكتابة، الحافز لفتح مجال التأمل والنقد والدراسة والإبداع، الدافع للنظر صوب المستقبل...)، كما أشار إلى محاولاته في قراءة بعض الأعمال الشعرية المختارة، وتحدث عن الأدب المغربي والاديب الصباغ باعتباره رائد قصيدة النثر. وقد ختم كلمته بقراءة قصائد شعرية من ديوانه "لا" "دعاء"، "رأفة حائطية"، "رؤيا"، "جفاف"، "عظات مشردة"، "ننتظر مطرا لا يشبه المطر"، "شجرة التفاح"، "لا"، "الوردة"، "ارم ذات العماد"، "أحمد بركات"، "بحث عن متغيبة". ثم انطلق حفل توقيع إصدارات الشاعر والباحث أحمد هاشم الريسوني: "لا" (ديوان)، "إبداعية الكتابة: دراسات في التحديث الشعري عند محمد الصباغ" (دراسة)، "الشعر العربي المعاصر بالمغرب: جدلية الاختلاف والإئتلاف" (دراسة). وإذا كان الشاعر عبد السلام دخان (مسير الجلسة)، قد أعلن عن نهاية فعاليات هذه الجلسة الأدبية، فإن جسور التواصل مع عشاق الكلمة ظلت ممتدة، لتسجيل لحظات إبداعية ستظل ذكرى غائرة في أعماق ذاكرة القصر الكبير.