أثار هدم ثلاثة منازل بمدشر العوامة خلال الأسبوع الماضي من طرف السلطات المحلية التابعة للمقاطعة رقم 19 الكثير من النقاش وجدلا سياسيا وإعلاميا كبيرا بالنظر لشساعة هذه المنطقة الشعبية وكونها أهم نقاط التوسع العمراني لمدينة طنجة خاصة في مجال السكن العشوائي، وكذلك الدور الانتخابي الذي مافتئت تلعبه هذه المنطقة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية مؤخرا بشكل جعلها وإلى حدود الانتخابات التشريعية الأخيرة معقلا للمستشار محمد الحمامي (رئيس جماعة بني مكادة) وخزانا للأصوات في حملاته الانتخابية. وبعد أن راجت جملة من الإشاعات حول اعتبار عملية الهدم التي أعقبت الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية الأسبوع الماضي عملية لتصفية الحسابات بعد الخساراة التي مني بها المرشح الحمامي، جاءت تصريحات مصادر جماعية لتنفي هذه الشائعات وتؤكد أن عمليات الهدم مجرد إجراء طبيعي وقانوني كرد فعل على عمليات النباء العشوائي التي تنتشر عادة بطنجة خلال الحملات الانتخابية ومن بينها الحملة الانتخابية التي سبقت المصادقة على الدستور المعدل الحالي. لكن تساؤلات وجيهة يمكن طرحها بهذه المناسبة: لماذا يتم التغاضي عن بناء هذه المساكن العشوائية خلال الفترات الانتخابية سواء من السلطات المحلية أو السلطات المنتخبة قبل أن يتم تجريم هذه الأفعال عقبها؟ وهل هو نوع آخر من الرشوة الانتخابية ؟ ومن المسؤول عن التغاضي هذه الأفعال في ظل وجود اتهامات مباشرة من بعض الأطراف حول تورط بعض أعوان السلطة (المقدمين)؟ ولماذا تطال عمليات الهدم في العرف المغربي السكن العشوائي و"الدراوش" بينما هناك أمثلة عديدة للبناء غير القانوني وسط المدينة لمساكن يتم بناؤها بدون ترخيص أو الزيادة غير القانونية (مجرد مثال فقط لبناء نشأ بشكل قانوني خلال الحملة الانتخابية الأخيرة بطنجة لكنه يستفيد من الامتياز العرفي الذي تحدثت عنه وتجدون بالصورة منزلا حديثا يقع بمقاطعة بني مكادة التابعة لنفوذ الرئيس الحمامي تجزئة ابتسام زنقة 9 حي الجيراري قريبا من دائرة بير الشفا وتقع أسفل المقاطعة السابعة 7 بحوالي 150 مترا تقول مصادرنا أنه يستفيد من دعم رئيس الجماعة)؟ بل إن التساؤل الأبرز يطرح حول مدى قانونية التسهيلات التي أقدمت عليه الدولة مؤخرا بخصوص تسوية وضعية مختلف المساكن المخالفة لتصاميم البناء؟ وهل يعتبر هذا شرعنة لواقع مخالفات قانونية وفساد ينخر قطاع التعمير؟ عموما فإن هذه تبقى مجرد تساؤلات منطقية ليس الهدف منها مناقشة عدد من اختلالات واقع التعمير بالمغرب الذي يعد مدخلا أساسيا للإصلاح في بلدنا، إصلاح يجب أن يتيح تعديل مختلف قوانين التعمير ووثائقه لتصبح أكثر مرونة، وبدلا من لجوء المغاربة البسطاء للبناء العشوائي تحت جنح الظلام أو تحت غطاء العطل أو الحملات الانتخابية، فإنه يجب أن يتاح لهم البناء بشكل قانوني بشكل تستفيد منه الدولة عبر تنمية مداخيلها الضريبية خاصة في ظل واقع الأزمة المالية العالمية، وعبر واقع تدبيري يراعي بشكل أساسي معطى التنمية الحضرية المستدامة وإذا كان لا يجب علينا استعجال هذا الإصلاح أو التخوف من واقع مستقبل مأساوي يتم فيه التضييق على واقع المخالفات القانونية عبر عمليات الهدم، فإنه ينبغي علينا أن نؤمن بأن عملية الإصلاح عملية متدرجة يجب أن تعتبر واقع مخالفات البناء سلوكا اجتماعيا سلبيا متأصلا ومستفحلا يجب أن نتعامل معه بحذر شديد خاصة في هوامش المدن التي يمنع فيها البناء وتنعدم فيها الحلول القانونية في الوقت الراهن، لذلك ينبغي المبادرة بشكل عاجل من الحكومة المقبلة لوضع التشريعات المناسبة لتغيير هذا الواقع العمراني البئيس الذي عمر طويلا وضاق به الكثير من المغاربة وحتى عدد من المسؤولين.