في الحقيقة أجدني غير قادر عن التعبير ، فاقداً للكلمات من هول الفاجعة ، محتاراً أمام هذا التتابع المريع للأحداث ، غير مصدق لما جرى ، هل يعقل أن تعرف بلادنا تفجيراً إرهابيا ، و عملية إجرامية شنيعة كالتي حدثت بمراكش يوم الخميس 28/04/2011 ، في هذا الظرف بالذات ، ولماذا ؟ وأين ؟ بمقهى أركانة في قلب جامع الفنا ، الساحة التي تملك على المغاربة وجدانهم وتتربع في قلوبهم ، و ترمز إلى البهجة و التآلف و التراث و الحكاية و التاريخ و الحضارة ...في نفوسهم وكل القيم الأصيلة المتمكنة من روح المغاربة بشتى فئاتهم ، لاشك أن من فعل فعلته المخزية تلك فكر قبل كل شيء في كل هذا ، وأراد أن يوجه الضربة للشعب المغربي ، في رمز من رموزه التراثية ، أن يرعبه بمشاهد دماء الأبرياء وجثثهم ،في ساحة تعوّد المغاربة و جميع من زار مراكش من السياح الأجانب ، أن تكون رمزاً للسلام و التآلف. وأغلب الضحايا الأبرياء الذين قضوا في هذا الحادث الأليم سياح أجانب فضلوا مراكش على باقي بقاع العالم الأخرى ، وأتوا ليقضوا عطلتهم في أمن و أمان ، لكن أولئك المجرمين عمدوا إلى تكدير صفو زيارتهم و زرع الألم في نفوس أحبتهم ، لماذا ؟ لأنهم أرادوا كذلك أن يشوهوا صورة المغاربة في الخارج و الصاق تهمة الارهاب بهم ، و ليلطخوا سمعتهم، وينزعوا من على أكتافهم رداء الكرم و الضيافة وحسن استقبال زائري وطنهم الجميل ، تلك القيم التي عرف بها المغاربة عبر عصور تاريخهم وحافظوا عليها إلى اليوم ، هذه هي أهداف هذا العمل الحقير و أغراضه الدنيئة. إن الأيادي الآثمة التي أقدمت على المس بأمننا القومي و سلمنا الاجتماعي هدفت وقبل كل شيء ، إلى إيقاف المسلسل الديمقراطي في بلادنا ، بعد أن غاضهم حراك الشارع المغربي ، ومطالبته السلمية بالإصلاح ، و القضاء على الفساد ، ومحاربة المفسدين ، وبعد أن غاضهم استجابة الملك لمطلب الإصلاح الدستوري ، و غاضهم أكثر أن تكون الإرادة السياسية للدولة في مقدمة الفاعلين في تطوير حقل الممارسة السياسية و تجذير البناء الديمقراطي و المؤسساتي لدولة الحق و القانون خاصة بعد الخطاب الملكي ل 9 مارس ، الذي جعل من الخيار الديمقراطي ركنا أساسيا لا تراجع عنه ، ومن الإصلاح الدستوري و السياسي مشروعا وطنيا للشعب المغربي بجميع مكوناته السياسية و الجمعوية إن حادث مراكش ، هو رسالة شيطانية خسيسة ، هدفها زعزعت استقرار الوطن ، وضرب أمنه وسلامته و تطلعات مواطنيه نحو الغد الأفضل الذي تسود فيه قيم المواطنة الحقة و العيش المشترك و المساواة ، و تهب فيه نسمات الحرية المسؤولة ، في مناخ ديمقراطي حقيقي ، يشارك فيه المواطن إلى جانب المؤسسات العمومية في تدبير الشأن العام ، محافظاً على الثوابت العليا للأمة ، ووحدتها الترابية ، وفي احترام تام لقيم التعددية الخلاقة ، التي تضمن لكل مواطن التعبير عن رأيه في إطار قانوني مسؤول. لكن عبثا حاول الجناة ، فلم يحصدوا سوى الآثام و الذل و الخزي والعار ، حين أسفروا عن نيتهم الشريرة وعن جبنهم في استهداف الأبرياء الآمنين. ردنا عليها وبصوت جميع المغاربة، أن اليد التي ستمتد للوطن سنقطعها، ولا عزاء للظالمين.