يشتد الإقبال خلال فصل الشتاء في المغرب على العطارين والأطباء الشعبيين للاستفادة مما يقدمونه من أدوية ووصفات شعبية تعالج أمراض الشتاء من نزلات البرد والربو والحساسية، وتحارب تأثيرات اشتداد البرودة على العظام والمفاصل وما يسببه ذلك من آلام وصعوبة في الحركة. وأشارت جريدة "الوطن" السعودية إلى أن سبب الإقبال الكبير على الوصفات التقليدية التي يقدمها العطارون يرجع إلى الخوف من تأثيرات العلاج الدائم بالأدوية وتكرر الإصابة خلال فترة بسيطة وعدم القدرة على تكاليف الدواء والعلاج الطبي. ويزداد الاهتمام في المغرب بأساليب الطب الشعبي والعودة إلى الطبيعة في معالجة الكثير من الأمراض, بعد الشهرة التي حققها بعض العطارين وتعميم دراسات علمية تؤكد توفر الأعشاب النادرة في غابات وجبال الأطلس المغربي، ويسود الاعتقاد لدى المغاربة أن النباتات والأعشاب مصدر طبيعي لعلاج الكثير من الأمراض خال من التأثيرات الجانبية على صحة الإنسان، وقد ساعد تأثير الثقافة التقليدية واحتفاظ العطارين بسمعتهم و"سطوتهم" في الأحياء الشعبية على استمرارهم رغم التقدم الطبي وتوفر العلاج، واليوم أصبح عدد العطارين وخبراء الأعشاب يفوق الأطباء وأعداد زبائنهم في تزايد مستمر كما ظهرت جمعيات ومنظمات خاصة بهم كمجلس العشابين والهيئة الوطنية للعشابين. وتصطف على جنبات ومدخل سوق العاصمة الرباط محلات العطارة، كما يوجد وسط السوق جناح خاص بالعطارين يجذبون الأنظار إليهم بطريقة تزيين محلاتهم إضافة إلى الكتب والشواهد والصور التي تشير إلى خبرة كل منهم، ويعرض العطارون علبا مختلفة الأنواع والأشكال وقنينات ذات أحجام وألوان مختلفة، مملوءة بسوائل وخلطات ومساحيق، وبين الرفوف توجد قرون وجلود الحيوانات المتوحشة معلقة بشكل يجذب الأنظار كجلود الضبع والذئب والغزال والثعلب والأفاعي. وقال علي أوشن أحد عطارة سوق العاصمة: "هذه الجلود ليست للزينة بل إنها ضرورية في وصفات معينة، حيث يتم تحنيط الحيوانات وتقطيع أجزاء صغيرة منها لوضعها في بعض الخلطات". ونفي أوشن أن يكون استعمال جلود الحيوانات نوعا من السحر والدجل، وقال: "إنه يتم استعمالها في خلطات لإنتاج مراهم مفيدة في علاج أمراض العظام والروماتيزم". ويجلس هذا "العطار" وراء مكتب صغير وسط محل العطارة، يزين مكتبه بمجموعة من الكتب العتيقة المتخصصة في الطب والحكمة وعلم الأعشاب، ينصت لزبونه بصبر كأنه طبيب معالج، ويتحرك داخل محله ووسط البضائع الكثيرة بخفة الصيدلي، كيف لا وهو ينافس الاثنين معا يحدد الداء ويبيع الدواء. وعن أكثر الأمراض التي يعانيها زبائنه قال العطار أوشن: "هناك الصداع والشقيقة والتهاب اللوزتين المتكرر، والربو والحساسية، وهي السائدة في فصل الشتاء إضافة إلى آلام العظام والمفاصل، وفي باقي الفصول نستقبل مرضى يشتكون من أمراض الجهاز الهضمي والأمراض الجلدية والفطرية وأمراض النساء والعجز الجنسي، وأمراض أخرى مستعصية على الطب نحاول التخفيف من آثارها وآلامها من خلال وصفات كثيرة، كما نقدم للنساء وصفات لتخفيف الوزن والجمال والشعر والعقم". واعترف هذا العطار بأن مجال عمله يعاني من الفوضى والغرباء مما يؤثر سلبا على الإقبال عليه واستفادة الناس منه، وقال: "إن العمل في ميدان العطارة والأعشاب بدون علم وخبرة مسألة خطيرة تعرض حياة الناس للخطر، فلكل مادة وعشب وخليط قيمة دوائية ومضاعفات جانبية، ويرتبط استعمالها بالحالة المعالجة وتقدير العطار الذي يجب أن يكون على دراية دقيقة بكل مكونات ما يبيع، وألا يعتمد على المؤلفات القديمة والخبرة القليلة لمعالجة الناس". كشفت دراسات وأبحاث أن أغلب المتعاطين للطب الشعبي يفتقرون للعلم والخبرة، إنهم يستعملون أعشابا سامة لها تبعات خطيرة ونتائج وخيمة على صحة الإنسان، حيث تم إحصاء 750 من الأعشاب السامة بالمغرب يتداولها العطارون والمعالجون الذين يبيعون الوهم للناس ويصفون العلاج الطبيعي بطريقة غير سليمة أو زائدة عن الحد، مستغلين تفضيل المغاربة للطب والعلاج البديل وانعزال العالم القروي والمجال النباتي المغربي الذي يوفر أصنافا نادرة من الأعشاب. وقال الطبيب محمد العلمي: "إن هؤلاء العطارة يمارسون مهنة الطب بشكل غير قانوني، ويستغلون جهل الناس وفقرهم وحاجتهم للعلاج من أجل ترويج أعشاب ومساحيق وخلطات تحمل أسماء مشرقية وعربية، ومن أجل خداع الزبون يقومون بمزجها بمسحوق أدوية حقيقية عبارة عن مسكنات وأدوية أخرى انتهى تاريخ صلاحيتها".