أسندت رأسي على زجاج حافلة NOURD كنت ببساطة ذاهبا إلى عملي حيث يستعبدني" النازي " في مصنعه الكبير. وكان مكان عملي لا يتجاوز المترين في مساحته .وكانت أمامي آلة ميكانيكية بمثابة الهي الذي أعبده دون الألهة الأخرى وقد حُرمت عليّ المناسك إلا مناسك الخضوع والذلة والمسكنة لتحصيل رغيف الخبز اليومي . وكنت أبدو في مكان عملي شبيها بأسد أثخن بالجراح وانتزعت مخالبه بالقوة وقد استبدلها بوقفة علياء ناظرا ببصره إلى فوق يبحث عمن يُسرع زمنه الضائع وينقذه من ثماني ساعات كأنها دهر لا ينقضي . وكنت أشعر أني محبوس في قفص وأنه تمت مصادرة حريتي رغم عن أنفي ، فتمتمت لاعنا هذا الزمن الرديئ الذي استبدلت فيه كرامتي وعزة نفسي بمعبود الرغيف الذي أركع له 8 ساعات في اليوم و 48ساعة في الأسبوع . وكان "النازي" الذي هو آلهنا في غفلة الألهة. يتقربون إليه بقربان الخضوع وتمريغ الجباه والإنحناء إلى حد الإنبطاح المهين .وكان هو ينتفخ في مشيته وكأنه يشعر بلذة غريبة وانتعاش لا مثيل له ممارسا ربوبية تذهب للمرحاض وتستمني على مؤخرة مهجورة . وكان "النازي" الذي تقدم إليّ بهدوء وقد لا حظ أني لم أعره اهتماما ولم أكترت لوجوده وقال : _ أنت أيها المتعجرف لما لم تأدي الطقوس ؟ نظرت إليه بازدراء وقلت : _ من أنت أيها النازي الحقير لكي أأدي لك الطقوس ؟ رد بغضب : _ اسمع أيها المتعجرف الصغير .أنت مسلم .تؤمن بوجود الله .تؤمن بمحمد .تؤمن بقدسية القرآن .هل يمكنك أن تطلب من الله أن يمنحك الدراهم عند كل شهر ؟ فكرت قليلا وقلت مع نفسي " أيها النازي الجاهل أنت لا تؤمن إلا بالمادي والمحسوس لكني سأجيبك " وقلت بصوت مسموع : _ إن اختزال الألوهية والربوبية في طلب مادي كهذا أمر يدعو للسخرية .لأن الله أعطاني ما هو أنفس من الدراهم .اعطاني القوة والسمع والبصر وغيرهما .على سبيل المثال بكم تبيعني عينيك ؟ ثم سكتُ برهة لأنظر في عينيه فشعرت بضعفه وأضفت " ثم إن الله أعطني الصحة وقد وعدني بأن لي رزقا وكل ما عليّ فعله هو السعي في الأرض لأجد رزقي المقدر أفلا يكون الله قد منحني أكثر مما أطلب . قال "النازي " مرة أخرى : _ أيها المتعجرف الصغير إني لا أومن بما تقول أنا هو الإله هنا لأنك تشتغل عندي فإما أن تؤدي الطقوس وإلا فذهب عندك إلهاك الرزاق ليرزقك بعيدا عني . وكنت قد تذكرت بعد أن اختليت بنفسي في لحظة تفكير وشرود أن النازي ماهو إلا واحد من بنو جلدتنا تعدى النازية في جبروتها وقد حول نفسه لإله يسجدون له صبحا وعشية .أما النازي المفترى عليه فيجلس في مكتبه وحيدا لا يتكلم إلا قليلا يراقب بعينيه ويحدق في العاملين دون أن ينبس بكلمة واحدة .لكني كنت اقول دائما " إن الذين يحكمون خارج السجن أفظع من الذين يحكمون داخله .حكم الحاكم ولا حكم المحكوم " و عملي سجن خارجي فظيع .فظيع جدا . هامش NOURD: اسم لا وجود له في دنيا الواقع. [email protected] http://9isa.maktoobblog.com