غاب رؤساء جماعات تطوان، مرتيل ، المضيق، الفنيدق والمجلس الإقليمي لتطوان عن الندوة التي نظمت من طرف مركز الدراسات والأبحاث في الحكامة المحلية الذي يرأسه الدكتور حميد أبولاس أستاذ القانون العام بالكلية المتعددة التخصصات، وجريدة الجسر الشمالي، حول موضوع "أزيد من سنة على دخول القانون 08.17 المتعلق بالميثاق الجماعي حيز التنفيذ: الإكراهات القانونية والصعوبات العملية". وتساءل الحاضرون عن سر هذا الغياب غير المبرر رغم توصلهم جميعا بالدعوة وتأكيدهم الحضور والمشاركة.. وقد كان دورهم ينحصر في إلقاء مداخلات وبسط تجاربهم، بينما يتولى الأساتذة الخبراء: الدكتور محمد يحيا عميد كلية الحقوق والدكتور محمد اعمراني بخبزة رئيس شعبة القانون العام والدكتور إدريس جردان أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بطنجة التعقيب عليها لتكتمل الصورة لدى الباحثين والطلبة والمستشارين وعموم الملاحظين الذين حجوا إلى قاعة سلام حدو بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بتطوان عشية يوم الجمعة 24 دجنبر. استجابت فقط جماعة واد لو ممثلة برئيسها محمد الملاحي الذي استهل مداخلته بالتأكيد على أن الجماعة هي أداة التنمية المحلية، إلا أن ما يعيق دورها هو ضعف الموارد المالية التي تقف حجرة عثرة أمام التأثير في المحيط الترابي عن طريق استثمارات تشكل رافعة للتنمية...و التأكيد كذلك على بعض الإكراهات الأخرى كالوصاية الإدارية الممارسة من قبل الإدارة الترابية،وهو ما يفسر ضعف استثمار الأملاك الجماعية وضعف الأنظمة القانونية المنظمة له. وفي سياق تعداد تجربة واد لو فقد وقف رئيسها عند عدة شراكات أبرمت مع جهات ومؤسسات وطنية وأجنبية جلبت للمدينة مشاريع مهمة تستفيد منها الساكنة، وهذا ما أهل جماعة واد لو للتواجد إلى جانب كل من الرباط وفكيك في المنتدى المنظم من طرف وزارة الداخلية الذي ستحتضنه مراكش في أل 25 و26 يناير المقبل لعرض تجاربهم الرائدة في مجالي التنمية المستدامة والشراكة. لكن خيب الرؤساء المتغيبون آمال الجميع وبقيت التساؤلات تتردد طيلة مدة الندوة مما دفع بالمتدخلين من القاعة بتوجيه انتقادات شديدة إبان المناقشة، التي مكنت العديد من الوقوف على ما يعتري التسيير الجماعي من اختلالات عارمة ، مصحوبة في جل الأحيان بأمثلة صارخة تعكس بجلاء الخلل العام الذي يتمكن من الجماعات المحلية كبرى كانت أو متوسطة وكل التجارب التي مرت بها.. ولم تسثنى طرق الترشيح والانتخاب وحتى اختيار المستشارين من لدن الهيآت السياسية من التحليل المعمق، بدءا كما طالب بذلك الدكتور إدريس جردان المساءلة، المساءلة والمساءلة التي هي الكفيلة بإضفاء روح جديدة للعمل الاستشاري والتدبير المحكم والنقي لجماعاتنا المحلية، المسؤولة عن التسيير الشأن المحلي ، والأداة الوحيدة لإصلاح تلك الاختلالات التي تتمكن باستمرار وترسخ من طرف من وضع فيهم الناخبون الثقة بالتصرفات الغريبة التي يفاجئوننا بها بعيد تقلدهم المسؤولية.. وهو مايفسر ويعلل الارتجال والترحال والمواقف اللامسؤولة الصادرة منهم عن أو غير وعي بخطورتها ومدى تأثيرها السلبي طبعا على كل الأصعدة في مجال يستوجب الصدق والإخلاص والجرأة والدراية وكثيرا من التضحية..، ولم يفت د. جردان الإشارة وفي إطار الحديث عن تدعيم اللامركزية، أنه يجب التوفر على شبكة محلية يتداخل فيها ( المسؤول، الساكنة، الصحافة، المصالح الخارجية... )لإغناء ما هو محلي وتجسيد المبادرات القائلة باللامركزية..وأكد بالمناسبة على دور النخبة في النهوض بالأداء الجماعي كما تساءل عن تاثير المال في تكوين المجالس ودور الأحزاب في تكوين منتخبيها. وبين الدكتور محمد يحيا بالملموس كيف أن نتاج نهج هش يستطيع أن يولد خللا كبيرا في النسق العام مشيرا إلى كيفية وطرق الاقتراع، ومدى تأثيرها في إفراز منتخبين لا يسايرون ولا يجتهدون ولا ينضبطون للقوانين التي ترسم بوضوح الخطوات السليمة في تحمل مسؤولية تسيير الشأن العام، وأشار في مجمل رده إلى أن هيمنة الهاجس الأمني وتكريس الدور الإداري الكلاسيكي على الجماعات بالمغرب. إلا أنه ومع تطور الأحداث وتغيير المفاهيم( مفهوم السلطة، التنمية المحلية..) بدأت الدولة تراهن على الجماعات المحلية لتشكل قاطرة للتنمية المحلية على جميع الأصعدة، خاصة وأن المركزية الإدارية قد أتبثت بما لا يدع مجالا للشك قصورها في تحقيق التنمية.( المقاطعات تتمتع بالاستقلال المالي والإداري ولا تتمتع بالشخصية المعنوية). ووضح أن القانون 17.08 وضع فقط الإطار القانوني للعمل، والسؤال الذي يطرح هو حول المنتخبين في مدى استيعابهم لمتطلبات المرحلة الجديدة وما تؤكد عليه من وعي.. ووقف عند جهة طنجة/تطوان ثاني قطب اقتصادي بالمملكة مذكرا إلى أنه يجب على المنتخبين الوعي بمدى الدور المنوط بهم وتجاوز النزاعات السياسية الضيقة. وأضاف في نفس السياق أن القانون 17.08 عن قانون 00.78 لم يفرق بين جماعة قروية وجماعة حضرية وأن الأملاك الجماعية مورد مهم في الموارد الذاتية للجماعات يجب استثماره(يجب توحيد النظام العقاري، الأحباس، الجموع..). ولهذا فالقانون لوحده لا يكفي، فلابد من ضرورة وجود مبادرة من المجالس للنهوض بأدوارها وتطوير الأداء الجماعي. وهذا ما ارتكز عليه الدكتورمحمد اعمراني بخبزة ليخلص إلى أن انعدام أو غياب فرض قرار من طرف " نخب الشمال " للتأثير على القرارات المركزية واستجلاب مكاسب تتطلع إليها الجماعات بالجهة، يزيد من هذه الأزمة التي تتخبط فيها الجماعات، ويؤكد على أن أهمية كل المؤسسات الحزبية والمجتمع المدني في صناعة النخب، ويضيف " نحن في حاجة إلى هذه القضية التي ستعبر عن مطامح ومصالح ومطالب وتطلعات كل مكونات المجتمع، لذلك فالانتقال من إعادة النظر في آلية إنتاج النخب إلى صناعة النخب، اعتبرها مسألة أساسية للخروج من هذه الأزمة". وقد تحدث بوخبزة عن النخب المحلية التي لا تمتلك الرؤية والتصور لمواكبة التطورات الحاصلة (منها القانونية)،تخلفهم عن الحضور في الندوة يثير علامات استفهام..وواصل حديثه مشددا على أنه يجب أن يكون المنتخب قادرا على بلورة تصورات للتنمية وحاملة للمشاريع عوض أخذ ضعف الموارد المالية كشماعة يعلق عليها الفشل في التدبير الجماعي والنهوض بالأداء الجماعي. فأغلب المجالس تقضي انتدابها الجماعي في الصراعات السياسية الضيقة، وكل حزب همه الوحيد عرقلة مجهودات المكتب حتى تكون تجربته في التسيير فاشلة، ولا يتم التصويت عليه في الاستحقاقات المقبلة. وهذه ظاهرة غير صحية تعيق جهود التنمية التي تؤجل إلى موعد لاحق. ويبقى الخاسر الأكبر هي الساكنة المحلية التي تنشد التنمية أيا كان مصدرها. وقد خلص ذلك اللقاء الذي تميز بالنقاش الحاد رغم غياب رؤساء الجماعات الذين فوتوا على الحاضرين فرصة الاستمتاع بتجاربهم و حرموا من الوقوف والاطلاع عليها خلال هذه المدة من انتدابهم، إلى مجموعة من التوصيات التالية: 1 – ضرورة إعادة النظر في مجموعة من المساطر المتعلقة بالوصاية. 2 – ضرورة إعادة النظر في المساطر الإدارية بالجماعات المحلية قصد تقديم خدمات في مستوى عال من الجودة. 3 – ضرورة إيجاد حل لإشكالية تدبير الممتلكات الجماعية عن طريق إخراج المشروع القانون الخاص بتدبير الممتلكات إلى حيز الوجود. 4 – ضرورة مراجعة المادة السادسة من القانون 08/17 وإعادة النظر في طريقة انتخاب الرئيس. 5 – ضرورة التمييز ما بين الجماعات الحضرية والجماعات القروية والجماعات الكبرى والمتوسطة وأخذ خصوصيات هذه الجماعات بعين الاعتبار. 6 – إعادة النظر في الوصاية ومنح القضاء الإداري دوراهما في هذا المجال. 7 – ضرورة إعادة النظر في نمط الاقتراع. 8 – ضرورة إعادة النظر في طرق تدبير المرافق العمومية والتركيز على شركة الاقتصاد المختلط أو شركة التنمية المحلية، التي تضمن التسيير المشترك. 9 – ضرورة ملائمة القانون الانتخابي والقوانين المنظمة للجماعات المحلية. 10 – ضرورة تأهيل الجماعات المحلية عن استثمار مؤهلاتها البشرية والمادية ووضع برامج تكوينية. 11 – ضرورة بلورة الجماعات المحلية برامجها على شكل مشاريع ومخططات قابلة للتطبيق. 12 – ضرورة عقلنة تدبير الموارد البشرية ووضع حد للتوظيفات العشوائية الزبونية. 13 – العمل على فتح نقاش من طرف المركز والانتقال إلى الجماعات المحلية حتى تكون الفائدة أعم بالنسبة للمنتخبين.