بدأ يترتب عن الانقسام في تسيير الشأن الديني الإسلامي في اسبانيا مواجهات دينية كما جرى في مدينة سبتةالمحتلة علاوة على تعدد مبادرات تأطير الأئمة وفق مذهب أو آخر. ويكشف هذا الانقسام الصراع الدائر بين الرباطومدريد للسيطرة على تسيير المساجد في اسبانيا. في هذا الصدد، شهدت العاصمة مدريد خلال نهاية الأسبوع الماضي ورشة لتأطير الأئمة الذي يشرفون على المساجد في العاصمة وضواحيها. وكانت عملية التأطير من طرف فيدرالية الهيئات الدينية الاسلامية في اسبانيا "فيري" المقربة من المغرب. وتؤكد مصادر من هذه الفيدرالية ل "القدس العربي" أن "الهدف من اللقاء هو تأطير الأئمة وفق المذهب السني المالكي الذي ينهجه أفراد الجالية المغربية والذين يشكلون أغلبية المسلمين". وتوجد في اسبانيا جمعية لأئمة اسبانيا توجد خارج سيطرة اسبانيا والمغرب، ويعتقد أنها مقربة من تنظيم العدل والإحسان الذي يشكل أكبر قوة إسلامية وسياسية في المغرب، وتتخوف الرباط من التأثير الذي قد تحدثه هذه الجمعية وسط الأئمة في اسبانيا. وتأتي مبادرة تأطير الأئمة ضمن أنشطة محمومة من طرف مختلف الفيدراليات والهيئات الدينية في اسبانيا في محاولة لتغليب انتشار هذا المذهب الديني أو ذاك، وفي الوقت ذاته يكشف الصراع القائم بين المغرب واسبانيا والذي يتجلى في دعم الجمعيات الدائرة في فلك كل واحد منهما. في هذا الصدد، فإسبانيا ترغب في إبعاد المغرب عن تسيير الشأن الديني واعتباره ملفا داخليا، بينما تبرز الرباط حقوقها في تأطير الجالية المغربية التي تشكل أكثر من 80% من مسلمي هذا البلد الأوروبي بل وتستعمل تعبير "الأمن الروحي للمغاربة" والذي يعني تفادي تأثرهم بمذاهب أخرى مثل الوهابية والشيعة. ومن الأمثلة حول هذا الصراع، ما شهدته مدينة سبتةالمحتلة يوم الجمعة الماضي، بعدما انقسم المصلون في أكبر مسجد في هذه المدينة "سيدي مبارك" بين مؤيد لخطيب يؤيده اتحاد الجمعيات الإسلامية في اسبانيا الموالي لسياسة مدريد، وطرف مؤيد لخطيب عينته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية ويحظى بتأييد فيدرالية الهيئات الدينية الاسلامية في اسبانيا "فيري". وأبرزت الصحافة الإسبانية أن الشرطة تدخلت يوم الجمعة لتفادي مواجهة بين الطرفين ونشرت قوات التدخل لمواجهة الشغب لهذا الغرض. والمثير أن كل طرف أدى صلاته بمعزل عن الآخر. وأعلنت مندوبية حكومة مدريد أنها سترسل قوات الأمن مجددا يوم الجمعة لتفادي احتمال وقوع مواجهات بين أنصار الخطيبين. ويرى مهتمون بالشأن الديني أن ما جرى في مسجد سيدي مبارك في سبتةالمحتلة سينتقل لاحقا الى عدد من مساجد اسبانيا بحكم انقسام المسلمين في تأييد هذا الإمام أو ذاك.