عندما حاولت مؤسسة إسرائيلية لرعاية الفقراء وضع إعلان للتبرع من أجل الأطفال الفقراء في إسرائيل، لم تجد صورة أكثر تعبيرا من صورة طفلة تبكي، لكن المفارقة أن الصورة لم تكن لطفلة إسرائيلية، بل لطفلة فلسطينية تبكي على ذويها الذين قتلتهم إسرائيل في الحرب على غزة العام الماضي؛ لتعترف إسرائيل سهوا أنه ليس هناك أكثر بؤسا من الطفل الفلسطيني. فبحسب إذاعة هولندا العالمية الجمعة 5-3-2010، قامت مؤسسة "مائير بانيم" الإسرائيلية التي تعمل في مجال إغاثة الفقراء في إسرائيل، باستخدام صورة لطفلة تبكي في إعلان إلكتروني نشرته على عدة مواقع، من بينها موقع المؤسسة ذاته، وموقع صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تحت عنوان "أطعموا أطفال إسرائيل البؤساء الجائعين". إلا أن مواقع لمدونين فلسطينيين أوضحوا أن الصورة لطفلة فلسطينية تبكي إثر فقدانها لعائلتها في غارة إسرائيلية على قطاع غزة في مطلع يناير 2009، والتقطها لها المصور الفلسطيني فادي عدوان؛ حيث كان عدوان يشارك في جنازة خمسة من أقارب الفتاة استشهدوا في الغارة. وقال عدوان: "التقطت هذه الصورة في الرابع من يناير في العام 2009، في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وأخذت هذه الصورة أثناء توديع الطفلة لأقربائها.. كانت الطفلة واقفة بجانب حنفية للمياه؛ فالتقطت الصورة، وحاولت الربط بين دموعها الجارية وقطرات الماء المتساقطة من الحنفية" بحسب الهولندية. وبعد أن تنبهت مؤسسة "مائير بانيم" -وهي مؤسسة إسرائيلية تنشط في عدد من الدول الأوروبية إضافة للولايات المتحدة وإسرائيل وتهدف لمد يد العون للفقراء الإسرائيليين عبر المساعدة في توفير الوجبات اليومية والسكن والعمل- قامت بتغيير الصورة. وصرحت شلوميت باركان -نائبة مدير المؤسسة في إسرائيل- بأن الفرع الأمريكي للمؤسسة في بروكلين بولاية نيويوركالأمريكية هو المسئول عن نشر هذه الصورة، وبحسب شلوميت، فإن زملاءها في أمريكا قاموا بشراء الصورة مع مجموعة أخرى من صور الفقراء من مصدر آخر. وقالت في تصريحات للإذاعة الهولندية: "توضيحنا للقضية هو أن الفرع الأمريكي للمؤسسة قام بشراء ملف من الصور لاستعمالها في الإعلانات، ونحن كمؤسسة لا يمكننا أن نصور الأطفال المحتاجين ونستعمل صورهم لجمع التبرعات"، وأضافت أن إحدى هذه الصور كانت صورة طفلة تذرف الدموع بدون ذكر المعلومات عنها "وبمجرد أن علمنا أن الصورة كانت لطفلة فلسطينية قمنا بإزالتها". وشددت شلوميت على أن المؤسسة الإسرائيلية "معنية بإطعام وإغاثة فقراء إسرائيل عربا ويهودا على السواء". لكنها لم تفصح عن اسم المصدر الذي قالت إن المؤسسة اشترت الصورة منه. ولم يقتصر نشر الإعلان على موقع الفرع الأمريكي للمؤسسة، أو على مواقع أمريكية فحسب، بل استعملته أيضا مواقع إسرائيلية من بينها موقع صحيفة "هآرتس"، والتي قامت هي أيضا بإزالة الإعلان بمجرد أن عرف أنها لطفلة فلسطينية. من جهته نفى المصور الفلسطيني -وهو مالك حقوق النشر لهذه الصورة- بيعها بهدف التوزيع، وقال إنه غالبا ما يبيع صورة معينة للنشر مرة واحدة وليس لغرض بيعها للمستهلكين، وأضاف بأنه حتى ولو كانت المؤسسة قد اشترتها من مصدر آخر، فإن العنوان الخاص والمعلومات المرفقة بكل صورة تشتريها تكون واضحة وتشرح بالتفصيل محتوى ومكان الصورة. ويعتقد عدوان أنه من الأرجح أن الصورة وقعت في أيدي الجمعية الإسرائيلية بعد أن نُشرت في مواقع أخبار دولية عديدة؛ حيث عمل عدوان العام الماضي خلال الحرب على غزة كمصور حر لصالح وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية للأنباء ووكالات أخرى، وكانت هذه إحدى الصور التي انتشرت عبر الإنترنت على مواقع وكالات الأنباء وصحف أجنبية. وعلم عدوان بنبأ نشر الصورة على موقع المؤسسة الإسرائيلية، بعد أن اتصل به مراسل لإذاعة أجنبية رأى الصورة، ليسأل عدوان إذا كان هو بالفعل مالك هذه الصورة. وقال عدوان إنه لن يتصل بمؤسسة "مائير بانيم" لطلب اعتذار عن ذلك، ولكنه أشار إلى أنه يخطط في المستقبل لأن يطالب بحقوقه عن طريق جمعيات أخرى، قائلا: "سوف أتحدث لجمعيات تهتم بحماية الحقوق الملكية الفكرية وحقوق النشر".