في ندوة لمنظمة التجديد الطلابي بتطوان الفيزازي: إذا ضمن لي الملك فأنا مستعد لتأسيس حزب سياسي حسب قناعتي الشخصية تطاوين: تغطية خاصة في إطار فعاليات الأيام الثقافية لمنظمة التجديد الطلابي فرع تطوان استضافت كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمارتيل ندوة طلابية بتأطير من الشيخ محمد الفيزازي المعتقل السياسي السابق على خلفية أحداث 16 ماي الإرهابية، ففي مدرج محمد داوود احتشد مئات الطلاب اللذين اكتظت بهم جنبات المدرج لمتابعة محاضرة الشيخ، فقد استقبلته الجماهير الطلابية بحفاوة كبيرة حتى انه قال في مستهل محاضرته: "بلقياكم ينسى المرء مرارة غياهيب السجون و العذاب الذي تعرضنا له أثناء الاعتقال" ثم أثنى على الشباب الحاضر و حياهم على الاستقبال الحار. استهل الشيخ كلمته بالشكر الجزيل لكل من ساهم من قريب أو بعيد في إطلاق سراحه رفقة مجموعة من المعتقلين السياسيين السابقين، وقدم شكرا خاصا إلى الأستاذ مصطفى الرميد و الأستاذ عبدالإلاه بنكيران اللذان كان يثيران قضيته و قضية المعتقلين السياسيين في الإعلام الرسمي، كما لم يفوته شكر حركة 20 فبراير التي كان لها حسب قوله الفضل في المساهمة في إبعاد الظلم عن الشعب المغربي، و الحد من سطوة بعض المفسدين في أجهزة الدولة، واعتبر حركة 20 فبراير جزء من الشعب المغربي و أنها حركة أصيلة تنبذ الإرهاب و العنف بكل أشكاله، وبارك تحركاتها رغم اختلافه الفكري و الاديولوجي مع بعض أفرادها، ودعا الشباب المغربي إلى الانخراط في معركة الإصلاح و التغيير مادامت الاحتجاجات سلمية، و أهدافها محددة يتفق عليها المغاربة فيجب الخروج إلى الشوارع حتى إسقاط كل رموز الفساد، والقضاء على الظلم والفقر و التهميش و الطبقية المقيتة حسب قوله، حتى استرجاع كرامة المواطن المغربي، و ثمن شعار "ماتقيش بلادي" و "ماتقيش ولدي" لما لهم من أهداف نبيلة، و أشار إلى أنه يجب إضافة شعار آخر هو "ماتقيش ديني" كرامة للشعب المغربي المسلم. و كشف الفيزازي خلال حديثه عن الوضع الحقوقي داخل السجون المغربية، انطلاقا من واقع المعاناة التي عاشها بالسجن، وذكر أنه لم يعتقل و إنما تم اختطافه من مسجد الداخلة، من قبل ثلاثة عناصر أمن من بينهم "إيزو" والي أمن مدينة طنجة سابقا و طلب منه خمس دقائق تحولت إلى ثلاثين سنة، نقل فورا إلى كوميسارية المعاريف بالدار البيضاء حيث جرى التحقيق معه لمدة ثلاثة أيام حول "حديث السفينة"! يقول الفيزازي وضعوني في البداية في "زنزانة كلها غبار و جرذان و رطوبة زائدة ومتسخة وعفنة"، وذكر أن مسؤولا في الشرطة كان يخاطب شرطيين و هو يقول لهما و يبكي "نظفوا المكان لهذا العالم فلا والله لا يليق هذا المكان بعالم مثله". و تحدث الفيزازي أيضا عن أوضاع سجن الزاكي بسلا، إذ بدا متأثرا و هو يحكي معاناته هناك رفقة بعض المعتقلين ممن ألبست لهم تهمة الإرهاب ظلما و عدوانا، أنهم كانوا يعاملوننا هناك معاملة جد سيئة، وكانوا يهينوننا أثناء التفتيش، حيث مرت علينا سنة عسيرة جدا ذقنا فيها شتى ألوان العذاب النفسي. و من جانب آخر كشف الفيزازي عن مراجعات كثيرة في قناعاته الشخصية، واعتبر السجن مدرسة كبرى، وقال: هناك من قال أن هناك تراجع عن أسلوب الدعوة، ولم لا، المسلم ليس قالبا من حديد، نحن نراجع أنفسنا وإذا ظهر لنا الحق هنا أو هناك نتبعه و ما الضير في ذلك، بل سنتبعه ونعتصم به و نعترف بالخطأ لماذا نصر على التمادي في الخطأ؟" و أضاف قائلا "لست تكفيريا و لست سلفيا، أنا مسلم، إذا كانت السلفية هي منهاج رسول الله صلى الله عليه و سلم، أنا مع النبي صلى عليه و سلم و مع الصحابة و مع من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين"، و أكد أنه بعد هذه المراجعات تغير رأيه في بعض الحركات الإسلامية و لم يعد قاسيا عليها أو غليظا عليها لأنه كان خاطئا ومن كان على يحذو حذوه لأنه بفعل ذلك، كان كأنهم يساعد الاستئصالين على التطاول على كلمة الإسلام و التطاول على أخلاق الإسلام، لأن في الحركات الإسلامية كلها هناك ما يجمعها أكثر بكثير مما يفرقها، بل "لاشيء يفرقها" حسب قوله و إنما هي اختلافات بسيطة جدا، وقال "كنت متشددا على العدل و الإحسان و حركة التوحيد و الإصلاح وحزب العدالة و التنمية، ولكنني الآن أكن لهم كل الود و الاحترام و التقدير"، ثم أضاف أنه لاداعي لتعميق الاختلاف بين الحركات الإسلامية، بل يجب أن توضع أرضية للتوحيد تجمعنا نشر الفضيلة و الاخلاق المحمدية و جلب المصالح للمسلمين من كرامة و ديمقراطية وعدالة اجتماعية والمساواة، ودرء عنهم المفسدة من ظلم و تهميش و حكرة ومحاسبة ناهبي المال العام، و أكد على أن هناك حاجة ملحة في الظرفية الراهنة التي تعرف تحولات عميقة في المشهد المغربي، لكل الحركات الإسلامية أن تقود مسار التغيير و الإصلاح. و في سؤال وجه له ما إذا كان للشيخ الفيزازي نية لتأسيس حزب سياسي، أجاب: "إذا ما قدم لي الملك ضمانات للاشتغال بحرية وديمقراطية لإنشاء حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية على نهج القرآن و السنة مع استحضار تحولات العصر و مستجداته التقنية و التكنولوجية و كذا استحضار المتغيرات الاجتماعية و السياسية و الحداثة، فإني مستعد من الغد أن أقدم أوراقي للسلطات بطلب تأسيس حزب سياسي". و في الختام ترحم الشيخ الفيزازي على أرواح ضحايا الاعتداء الإرهابي الذي وقع بمراكش، واستقبح ذلك الفعل واستنبذه، وشدد على أنه ليس من أعراف الشعب المغربي و لا من تقاليده وأن قتل النفس بغير حق ليس من الدين في شيء. و في الأخير رفع الطلاب شعارات تطالب بإسقاط الفساد، و إسقاط قانون الإرهاب، و شعارات أخرى تنادي بمزيد من الحرية و الديمقراطية. تقرير : عبدالرحيم بلشقار بن علي