تتعرض لحادثة ما أو تجد نفسك أمام حادثة ما في بيتك أو في الشارع العام تضطرك الظروف لطلب الرقم المجاني للوقاية المدنية والمعروف لدى الخاص والعام، يرن الهاتف تجد الخط مشغولا تكرر المحاولة مرة وأخرى وربما عشرات المرات دون جدوى، دائما تجد الخط مشغول، في مثل هذه الحالات يبدأ المواطن في السب والشتم واللعن لهؤلاء الذين لا يجيبون على الهاتف، ولا يسرعون لإنقاذ مريض في حالة خطرة رغم أن هذه هي مهمتهم، منذ حوالي أسبوعين قادتني الظروف رفقة صديق لزيارة ثكنة الوقاية المدنية تذكرت ما يعانيه المواطنون في الاتصال بالرقم المجاني ، ولكن عند تواجدنا في الثكنة وجدنا أناسا متحمسين للعمل عكس الصورة أو الانطباع السائد عنهم جاهزون في أية لحظة لتلبية النداء كلهم إحساس بالمسؤوولية الملقاة على عاتقهم ولكن أيضا كلهم يتحسرون ويتألمون لما يعانونه، ويمنعهم من القيام بمهامهم على أكمل وجه، بين الصورة الاولى الموجودة في ذهن المواطن والصورة الثانية الموجودة في الثكنة فارق شاسع فما السبب إذن في ذلك؟ السبب تعرفه عندما تلج القاعة الخاصة بالرد على المكالمات الهاتفية، والتي يوجد بها رجل من الوقاية المدنية مهمته الرد على كل المكالمات الواردة، و الاتصال بالقيادة لتلبية النداء سواء لنقل مريض أو إطفاء حريق أو غير ذلك، دخلنا القاعة وجدنا خمسة هواتف كلها ترن في وقت واحد ولا تتوقف عن الرنين ولكن المفاجأة أنه كلما حمل الرجل سماعة الهاتف ليرد على المتصل يفاجأ بصوت أنثوي يتحرش بهم جنسيا يضع السماعة، ليحمل الاخرى في الهاتف الاخر صوت آخر يطلق ضحكات ويطلب النجدة لاطفاء حريق ولكنه حريق في مخيلة صاحبة النداء التي تقصد التحرش أيضا، قضيت بضع الوقت والهواتف ترن ومكالمات كلها من نفس النوع وعندما يرد عليها لا يجد سوى أصواتا متحرشة برجال الوقاية المدنية، فاجأني ذلك ووجدت العذر لرجال الوقاية المدنية الذين لا يستجيبون للنداء لأن صاحب النداء الحقيقي لا يجد الخط حيث كل الخطوط تظل مشغولة مع هؤلاء المتحرشين والمتحرشات الذين وجدوا في الرقم المجاني فرصة لمضيعة الوقت ولكنهم لا ينتبهون إلى أنهم يضيعون الفرصة لآخرين في أمس الحاجة للوقاية المدنية، بل أكثر من ذلك حينما أخبرني أحدهم أنه أحيانا يتصل البعض للابلاغ عن حريق مثلا أو حادثة فيتم اخراج العربة الخاصة والمجهزة تجهيزا جيدا والاسراع في الذهاب إلى عين المكان فيفاجأون أن البلاغ كاذب والهدف منه تزجية الوقت بالضحك على الآخرين. من باب الانصاف خصوصا وأن هذا الاسبوع يتم الاحتفال فيه باليوم العالمي للوقاية المدنية يجب علينا أن نقف احتراما وتقديرا لرجال الوقاية المدنية الذين يسارعون للعمل كلما أتيحت لهم الفرصة لذلك والذين في نفس الوقت يعانون في صمت من الصورة السلبية التي تلصق بهم والتي لا علاقة لهم بها بل يتسبب فيها بعض المواطنين من عديمي الاحساس بالمسؤولية، لذلك ففي اعتقادي أنه ينبغي ايجاد حلول لهذه المعضلة سواء بجعل الرقم الهاتفي بالمقابل وليس مجانيا أو الضغط على شركات الاتصالات لكي تعطي أرقام هواتف المتصلين المتحرشين لمتابعتهم قضائيا لما يضيعونه من فرص لمواطنين في أمس الحاجة للوقاية المدنية، فتحية احترام وتقدير لرجال الوقاية المدنية في يومهم العالمي.