قبل دقائق من الأذان, كان ميدان التحرير قد امتلأ بملايين جاؤوا لصلاة الجمعة فيه للمرة الأولى منذ نحو ثلاثين عاما خلف العلامة يوسف القرضاوي. وكان صبحي عزيز -وهو مسيحي- من بين كثيرين حملوا أطفالهم إلى الميدان, وكانوا جميعا يحملون الأعلام المصرية.
وقال صبحي للجزيرة نت وهو يغالب دموعه من فرط تأثره بالمشهد "لا تتعجب فدموعي لأني أرى أبنائي وهم يحملون الأعلام وسط الميدان الذي هو ميدان المصريين, وفي يوم جمعة النصر. إنه تتويج لانتصارنا على النظام الفاسد الذي حاول اختصار الوطن في علم ونشيد ومباراة لكرة القدم أو أغنية لفنانين مرتزقة".
وأضاف "في الماضي خرجنا نحمل الأعلام فرحا بكأس أفريقيا أو مؤازرة للمنتخب في بعض المنافسات. هم الذين علمونا كيف نحمل الأعلام المصرية. أرادوا أن يحشدونا خلف قضايا وهمية بحجة أنه الوطن, لكن انقلب السحر على الساحر, وتعلم الشباب أن يرفعوا العلم للمطالبة بالعدل والحرية".
ولم تمنع صبحي مسيحيته من الحضور للميدان كي يسمع وأولاده خطبة الشيخ القرضاوي, قائلا إنه كان لكلمات الشيخ فعل السحر في استمرار الثورة. خطبة القرضاوي لم يخيب الشيخ القرضاوي أمل صبحي عزيز وغيره من المصريين فقد استهل الخطبة بقصة سحرة فرعون الذين انقلبوا عليه وانحازوا للحق، وقال إن إرادة الشباب من إرادة الله الذي غير ما بهم عندما نزعوا عنهم الخوف.
وأضاف أن الشباب "لم يخافوا فرعون وهامان وأمن الدولة والحمير والبغال لذا حقق الله لهم النصر"، قائلا إنه يقبّل أيدي هؤلاء الشباب, وشبههم في إيثارهم غيرهم على أنفسهم بالأنصار.
وشدد على أن الثورة لم تنته بل بدأت وستستمر في بناء مصر الجديدة، وحذر الشباب من محاولات سرقتها، مطالبا إياهم بصون وحدتهم وعدم التناحر.
وتابع القرضاوي أن النظام السابق فرض الجوع والخوف, وتحدث عن تهريب ثلاثة تريليونات دولار للخارج, قائلا إنه لو استرجعت تلك الأموال لسددت ديون مصر, وصنعت لها حاضرا ومستقبلا أفضل.
ودعا القرضاوي الشباب المسيحي إلى السجود شكرا لله في ميدان التحرير مثل إخوانهم المسلمين, وعرض بعض النماذج التي تؤكد زوال الطائفية البغيضة والتعصب الأعمى، مؤكدا على ضرورة أن تظل هذه الروح بين المصريين.
وحيا القرضاوي الجيش المصري الذي وصفه بدرع الوطن, وقال إنه لن يخذل الشعب أو يخونه لأنه أشرف من ذلك وأنبل, ولن يكون أقل وطنية من جيش تونس.
وأشار إلى أن الجيش المصري تعهد بضمان حق التعبير السلمي, وبعدم استخدام القوة ضد المتظاهرين، وبأنه ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب.
وأشاد القرضاوي برغبة الجيش في الإسراع بالتحول إلى الدولة المدنية، وطالبه بإلغاء الحكومة التي شكلها مبارك.
وقال إن الناس كلما يرون الوجوه في تلك الحكومة يتذكرون البطش والطغيان، داعيا إلى تشكيل حكومة مدنية من المصريين الشرفاء, والإفراج فورا عن المعتقلين السياسيين.
شباب الثورة الطريق إلى ميدان التحرير صباح اليوم كان سالكا بخلاف ما كان أيام الثورة. لا خوف من البلطجية, ولا وجود لرجال الأمن, بينما هناك تعامل راق من قبل ضباط وجنود الجيش في مشهد يوحي بأن الجميع جاء ليحتفل بالمليونية الأولى عقب الثورة.
زهراء (16 عاما) تستوقف المارة لتطلب منهم ألا يستمعوا لأي أصوات تخرجهم من الأجواء الاحتفالية, وتقول "نحن اليوم نجني ثمار عملنا. المطلوب ألا نسمح لأحد بإفساد هذا العرس".
هكذا بثقة المنتصر خاطبت زهراء الواقفين في طابور الانتظار للتفتيش من أجل دخول الميدان.
وأضافت "نريده استعراضا للقوة. هم (الحكومة والجيش) يراقبوننا يعولون على انطفاء بريق الثورة بعد تنحي الرئيس السابق للنظام، ومن ثم يتلكؤون في تنفيذ بقية مطالبنا. لكننا سنجبرهم على الإسراع في تنفيذها".
وتابعت "لن نكتفي بحبس بعض المسؤولين, لكننا نريد محاسبة الجميع". وكان النائب العام المصري أصدر قرارا بحبس أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني أحمد عز, ووزراء الداخلية والسياحة والإسكان السابقين حبيب العادلي وزهير جرانة وأحمد المغربي 15 يوما على ذمة التحقيق بشبهة هدر المال العام, والكسب غير المشروع