بُني ، سيأتي يوم أصبح فيها عجوزاً… ستتغيركل تصرُّفاتي ، و تنتهي صلاحيتي… ستراني عندما ترتعش يدِي فيسقطَ الطعام على صدري… ستراني لا أقوَى على لبسِ الثياب، فتحلَّى بالصَّبر معي ِ.. ولا تكن سريع الغضب وكن مِثلي ومثلي ، وتذكَّر سنوات الخوالي … سنوات علمتك فيها ما لا أستطيع فعلَه حينها… إنْ لمْ أعُدْ أنيقةً … جميلةَ… طيبة العطر، واسعة الفكر… فلا تلُمْني وتذكر أني جعلتك في صغرك أنيقاً… جميلا … ملاكا طاهرا… لا تضحك علي إذا رأيْتَ أو سمعت عن عدَمَ فهمِي لأمورِ الدنيا والعباد… وكن أنتَ عيني ، أنت عقلي ويدي وفمي… وكل شيء… فأنا من علمك الأدب…. أنا من علَّمكَ الخروج من البيت… أنا من علمك فن العيش … فأرجوك بُني ، علِّمني وخذ بيدي… لا تملّ من ضعف ذاكرتي وبُطئ كلماتي وتفكيري …. لأنّ سعادتي تكمُن في الحديث معك … ولأنّ سعادتي في إصغائك لي ، وإحساسك بمعاناتي… وأن ضحكتك وابتسامتك ستفرحني كما كنت طفلا … وسترحل بي للماضي… أرجوك… ساعدني لقضاءِ ما أحتاج إليه، عندما تخذلني يداي … و تخذلني قدماي على حملي ، كُن عطوفاً معي … وتذكَّر أنّي أخذتُ بيدكَ كثيراً كي تتعلم المشي … فلا تتردد أبداً وعلمني فن المشي……. إعلَم حينها أنّي لستُ مُقبلةً على الحياة مثلك واني أنتظرُ الموتَ… فكُنْ معي … ولا تكُنْ علىّ !… وعندَما تتذكَّر شيئاً أساء اليك مني ، إعلَمْ أنِّي لمْ أقصد ذلك … وأنَّ أفضلَ ما تفعله معي … هو أنْ تسامحني و تغفرَ سيئاتي .. وتستُرَ عورتي.. غفر الله لي ولك… فلا تحرمنِي النظر إليك ،ولا تحرمني صداقتك ، وعد باكرا للبيت… بُني كنتُ معكَ حينَ وُلِدْتَ، فكنْ معِي حينَ أموت … وحين أموت ، يحيا إبني… إمتلأت عيناي من الدمع ، وتذكرت أن الجنة تحت أقدام أمي… فإبتسامة أمي تخفي ألف..ألف لغز… ووراء ضحكت أمي ألف..ألف دمعة… فأمي سر الحب … وأمي سر الحياة… ما لعينيك يا أمي على الأرض بديل… اللهمَّ ارحَم أمَّهاتَ المُسلِمِين