يعتبر الانتقال من التعليم الإعدادي إلى التعليم الثانوي مرحلة أساسية في حياة التلميذ المغربي، أصبح يسند لها اهتمام كبير من طرف أولياء الأمور خاصة و المجتمع المغربي كافة لكونها منعطفا حاسما في مستقبل التلميذ، بعدما كان كل الاهتمام مركزا بكثرة على البكالوريا و ما بعدها، إلا أن العديد من المناطق المغربية و خاصة تلك البعيدة عن ثقافة المدينة لازالت بعيدة كل البعد عن التوجيه السليم. امتحانات متتالية، محلية و جهوية، شعب جديدة و أخرى منقحة، لوائح رئيسية و لوائح انتظار : كلمات قليلة لكنها مصدر حيرة كبيرة لا يحس بحرها إلا من يمر بنارها، حيرة ترسم طريقها في نفوس تلامذة تتعدد بها الأسئلة و لا تجد إلا ما قل دون أن يدل من الأجوبة. في هذا الإطار، أبت جمعية طنجة مدينتي إلا أن تضع بصمة محمود صداها في مجال التوجيه منذ سنوات عدة، لتأخذ على عاتقها مسؤولية توجيه الشباب خطوة بخطوة من خلال أنشطة توجيهية في المستوى. في هذا الإطار، نظمت جمعية طنجة مدينتي نشاطا للتوجيه بشراكة مع جمعية جبل الحبيب للتنمية البشرية، تحت شعار : "لنخط مستقبلكم.. معا"، و ذلك لصالح تلاميذ السنة الثالثة إعدادي بمؤسسة معاذ بن جابر بجماعة جبل الحبيب. هن تلميذات و هم تلاميذ أعينهم تشع أملا، سيغادرون عائلاتهم نحو المدن في سبيل مجهول لا يجدون في العديد من الأحيان من يرشدهم في ثناياه، إنهم في مرحلة انتقالية جذرية في حياتهم، قفزة نوعية من التعليم الإعدادي إلى تعليم أوسع و أحيانا أرحب ألا و هو التعليم الثانوي، هو واقع أصبحوا يعيشونه كل يوم، هم و معهم عائلاتهم، حيث أن الاندماج فيه يصبح لزاما أكثر مما هو مجرد اختيار، فضاء هم ملزمون بقبوله و التأقلم معه. بيد أنه يكون من الصعب أحيانا على بعضهم أن يضعوا أول اللبنات في هذا العالم الجديد، فيصدمون بقساوة و صعوبة الاندماج على أرض واقع مازالوا يكتشفون معالمه. يتعلق النشاط إذن بتوجيه التلاميذ و تيسيير خطواتهم من خلال يوم تواصلي بامتياز، شمل ندوتين : الأولى قدمت لهم جميع الشعب و المسارات المتاحة و توضيح أعمق لشروط القبول بها و كذا آفاقها و الثانية كانت في إطار التنمية الذاتية و التي ركزت على تكوين شخصية التلاميذ و التخطيط لمستقبلهم بطريقة أنجع وعلى كيفية الاندماج السليم في مدن الاستقبال. بالإضافة إلى ذلك وضعت الجمعية مجموعة من الأروقة رهن إشارة التلاميذ، و ذلك حسب مختلف الشعب المتاحة بالتعليم الثانوي سمحت لهم بالالتقاء مع مجموعة من الطلبة الذين عملوا على توضيح الشعب و آفاقها بشكل مفصل و استقبال مختلف الأسئلة مع إعطاء نصائح عامة لكيفية الاندماج و السير بخطى ثابثة نحو هدفهم و كذا تقنيات تسمح لهم بالدراسة بذكاء و تجنب مختلف أشكال الفشل، الشيئ الذي شد انتباه الطلبة بشدة و سمح لهم بتصحيح مجموعة من المعتقدات المغلوطة ليجعل نظرتهم أكثر بريقا و ايمانا بما يستطيع الطالب المغربي تحقيقه بالجد و العمل الدؤوب و الكثير من الأمل. و في إطار رؤيتها الطموحة في اشراك الشباب في التنمية المستدامة، فتحت الجمعية من خلال هذا النشاط باب نقاش واسع و فعال بين تلامذة يأملون بمستقبل أفضل و خريجين اندمجوا أو يندمجون في سوق العمل رغم إكراهاته و صعوباته، الشيء الذي حسس التلاميذ دون أدنى ريب بقوتهم و دورهم الفعال في الاشعاع السوسيو-اقتصادي و السوسيو-ثقافي للمغرب، باعتبارهم ينتمون للفئة الشابة التي تشكل أكثر من ثلث الشعب المغربي، مقتنعين بكون التعليم الثانوي مرحلة أساسية في حياتهم وربما أحسنها، الا أنها لن تكتمل دون أن يعمل التلميذ على المشاركة الفعالة في التغيير الايجابي نحو الأفضل، ليكون هو التغيير الذي يرجى أن يراه حوله. نشاط ربما اقتصر على يوم واحد، إلا أن مفعوله سيرافق التلاميذ خلال مسارهم الدراسي ككل، و ربما يغير نظرة بعضهم أو يساعد بعضهم الآخر في اتخاد القرارات الصائبة. على ندرته، يكون نشاط كهذا قد ملأ و لو جزءا بسيطا من " الفراغ المهول " الذي يعرفه مجال التوجيه و مرافقة التلميذ و الاستماع لما يشغل باله في المنظومة التعليمية بصفة عامة، و خاصة في القرى و المناطق النائية. مروان فرتات