جعل الله سبحانه المسجد الأقصى وما حوله أرضا مباركة للعالمين ، أقام فيها أب الأنبياء إبراهيم ، وسار إليها كليم الله موسى لفتحها ، وولد فيها عيسى ابن مريم ، وأقام بها العديد من الأنبياء كداود وسليمان وزكرياء وغيرهم ، وسار إليها محمد خاتم الأنبياء صلى الله عليهم وعرج منها إلى ربه العلي الأعلى ، ولذلك كان يجب أن تكون هذه الأرض مقاما آمنا للمسلمين أجمعين ، ولكن اليهود لم يؤمنوا بعيسى وبمحمد صلى الله عليه وسلم ، وكفر المسيحيون بمحمد هم أيضا، ويعتقد اليهود أن أرض المسجد الأقصى لهم وحدهم ، ويعتقد المسيحيون أنهم وحدهم من يستحقون هذه الأرض . خلال مقال سابق [1] تبين لنا من الكتب المقدسة لليهود والمسيحيين أن بها تناقضات واختلافات كثيرة وأوصاف لا تليق بالله عز وجل وبها خرافات لا يصدقها العقل كعراك الله سبحانه مع يعقوب إسرائيل ، ولا زالت بها نبوءات وبشرى بقدوم النبي العربي الأمي وأخرى حول وحدانية الله سبحانه . وأشرنا إلى أن المسلمين يؤمنون برسالة خاتم النبيئين وما أنزل عليه من قرآن ، حفظه الله سبحانه بحكمته ورحمته حتى لا يتم تحريفه ونسيان بعض ما جاء فيه كما فعل بكتب اليهود والنصارى ، ويؤمن المسلمون أيضا أن الأرض لله يعطيها لمن يشاء من عباده المؤمنين ، وأن الأنبياء والرسل لم يكونوا هودا أو نصارى وكانوا مسلمين لأن الدين عند الله الإسلام وآمنوا بمحمد قبل مجيئه وأن اسمه مكتوب في التوراة والإنجيل [2]. ورأينا أنه بعد وفاة النبي صلى لله عليه وسلم قام المسلمون بفتح أرض فلسطين وما حوله ودخلوا بيت المقدس ، وأشرنا إلى أن اليهود والمسيحيون ظلوا يؤمنون بعقيدتهم الفاسدة ويتربصون بالإسلام والمسلمين ، وظلت أرض فلسطين بسكانها تحت حكم المسلمين لا يهدده شيء حتى جهز المسيحيون الأوروبيون حملات على فلسطين من أواخر القرن الحادي عشر إلى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر فترة 1096/ًَ1291 .[3] إن هذه الحروب الصليبية قام بها وجهزها ملوك وكنائس أوروبية تحت شعار الصليب ذات طابع ديني بررت بتطبيق "إرادة الرب" عن طريق الحج إلى الأرض المقدسة للتكفير عن الخطايا ، وكانت الغلبة في النهاية للمسلمين إلى أن ضعفت الدولة العثمانية وتم تقسيم مناطق نفوذها فكانت فلسطين من نصيب الانتداب البريطاني تسلل إليها اليهود بمساعدتهم عملا بوعد بَلفُور عام 1917 أصدرته الحكومة البريطانيّة لإعلان دعم تأسيس "وطن قوميّ للشعب اليهوديّ" في فلسطين ، ثم جاء تقرير جمعية الأممالمتحدة سنة 1947 ( تسيطر عليها دول الولاياتالمتحدةوروسيا والمملكة المتحدةوفرنسا المسيحية ) فأعطت هذه الجمعية لليهود الجزء الأكبر من الأرض رغم قلتهم وجزء صغير من فلسطين إلى أصحابها والقدس وبيت لحم لها صبغة دولية . لم يعترف اليهود مع ذلك بهذا التقسيم واعتبروا أن فلسطين وما حولها هي أرض الميعاد وساعدهم في ذلك دول غرب أوروبا وأمريكا بينما انهزمت الدول العربية في مقاومتها لهذا العدوان خلال سنوات 1948 و1956 و1967 و1973 وكانت الغلبة للإسرائيليين مدعومين بدول كثيرة وخصوصا من الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة المتحدةوفرنسا وألمانيا . وافق سياسيو العرب المنهزمون بعد ذلك ، ليس فقط على قسمة الأممالمتحدة ، بل واعترفوا بما فعله اليهود الإسرائيليون من قتل وتشريد للفلسطينيين واقتحام المسجد الأقصى المبارك ( إحدى أهم مقدسات المسلمين ) ، واعتبروا أن القضية سياسية وحلها بيد الأممالمتحدة . قام الرئيس الأمريكي ترامب خلال ولايته بنقل سفارة بلاده إلى القدس واعترف بها كعاصمة لإسرائيل واقترح على السلطة الفلسطينية والدول العربية " صفقة القرن " تقضي بضم المزيد من أراضي الفلسطينيين والاعتراف بدولة إسرائيل وتطبيع العلاقات معها مقابل مكافآت مالية واستثمارات مهمة ، فوافق مسؤولو بعض الدول العربية على هذه الصفقة وبتطبيع العلاقات مع إسرائيل طمعا في حماية دول الغرب لهم من بعضهم وفيما قد يجنونه من أموال . إن هذا هو واقع الأرض المباركة حاليا ولكن الشعوب العربية والمسلمة لن تستسلم إلى هذا الواقع وستتواصل المواجهات بين اليهود والمسيحيين من جهة والمسلمين من جهة ثانية حتى تعود هذه الأرض المباركة إلى المسلمين وتنعم بالأمان والسلام كما كان ذلك الحال خلال قرون طويلة ، فكيف ذلك ؟. المواجهة قادمة إن طبيعة اليهود ، كما جاء ذلك في القرآن الكريم ، هي العلو في الأرض والإفساد فيها (وقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ) [4] ، فعندما تسلل اليهود بمساعدة المستعمر البريطاني وتمكنوا فيها قاموا ، وما يزالون ، يفسدون في أرض فلسطين وما حولها في لبنان والأردن وسوريا – كما احتلوا أرض سيناء من قبل – وقاموا بقتل أصحاب الأرض وهدم دورهم وتجويعهم وقطع أشجارهم وتدنيس مسجدهم المبارك ومنع المؤمنين من الصلاة فيه . إن الإفساد في الأرض لا يرضي عنه الله فهو سبحانه لا يريد في الأرض علوا ولا فسادا وهو يمهل الظالمين ، ومن سنته أن يواجه الظلم بالحق حتى لا يعم الفساد (وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ) [5]، ولذلك كتب الله أن يستخلف الذين آمنوا وعملوا الصالحات في الأرض وكتب أن يدخل المسلمون المسجد الأقصى مرة أخرى كما أخرى . إن إفساد اليهود هذا في الأرض وقتل الأبرياء وتهجير أصحاب الأرض منها جعل هؤلاء يعيشون حياة قاسية وزرع في قلوبهم الغضب والأمل في استرجاع حقوقهم مهما طال الزمن ، ويرى إخوانهم المسلمين أيضا كيف يتم الاعتداء على الفلسطينيين ويتم تدنيس قبلتهم الأولى بالمسجد الأقصى ويرجو الكثير منهم الوقوف بجانب الحق وينتصروا لدينهم ولإخوانهم وهو ما يمليه عليهم إيمانهم وآيات كتاب ربهم القوي العزيز التي تأمرهم بالدفاع عن دينهم وأرضهم وعرضهم ، إذن فالمواجهة قادمة لا محالة . اليهود لهم حاليا قوة كبيرة وأسلحة متطورة وفتاكة ويستحوذون على أبناك عالمية وعلى العديد من دور الإعلام وعلى مجالات اقتصادية وصناعية الخ. ولهم منظمات قوية كالإيباك والماسونية والروتاري وجعلوا من دول كالولاياتالمتحدةوفرنساوإنجلترا تصدر قوانين تعاقب من يعادي الإسرائيليين . مقابل ذلك فضعف اليهود يكمن في غضب الله عليهم وعلى كراهية العديد من شعوب العالم لهم لأنهم لا يوفون لعهودهم ويفسدون في الأرض ويشعلون الفتن والحروب فيها ، فهذه الشعوب تتربص بهم لتشفي غليلها منهم ، ويحكي لنا التاريخ ما فعله الرومان والإسبان والإنجليز والألمان باليهود (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ )[6] . أما طبيعة المسيحيين فلم تعد هي محاربة العرب والمسلمين تحت راية الصليب وتحقيق "إرادة الرب" والحج إلى الأرض المقدسة للتكفير عن الخطايا ،، فقد نسوا حظا مما ذكروا به في كتبهم المقدسة وثاروا على الكنيسة وأخرجوا الدين من حياتهم وجعلوا من العلمانية عقيدتهم الدنيوية ، ثم مكنتهم الثورة الصناعية وتطورها من زيادة منتجاتهم وتصريفها عبر فتح الأسواق فزادت قوتهم الاقتصادية والحربية واستعمروا البلدان واستحوذوا على ثرواتها بل وأبادوا بعض شعوبها فعتوا بذلك عتوا كبيرا وجعلوا من الاستمتاع بالحياة الدنيا واتباع الشهوات هدفهم الأسمى وسلموا لليهود الأرض المقدسة ، مهد المسيح الذي قتلوه اليهود كما يزعمون ، وأطلقوا العنان لليهود فيها وجعلوا منهم رأس حربة لاستضعاف الشعوب المستضعفة في أرض العرب ، . إن عمل الدول الغربية المسيحية هذا وعلوهم في الأرض واستعمار الشعوب وبيع الأفارقة في الأسواق وقتل مئات الآلاف من البشر بأسلحة الدمار الشامل فتح عليهم عداوة كثير من شعوب الأرض في مقدمتهم الشعوب العربية والإفريقية والأسيوية التي لن تغفر لهم عملهم هذا . مقابل ذلك فضعفهم يكمن أيضا في العداوة بينهم سياسيا واقتصاديا الخ . ويذكر لنا التاريخ الحروب الطاحنة التي وقعت بين الإنجليز والفرنسيين والإسبان والألمان والحرب العالمية الأولى والثانية الخ. (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ )[7] . كما أن المجتمعات الغربية استحبت الحياة الدنيا وبحبوحتها وكثرت فيها الفواحش والخمور والمثليين والشيخوخة والأمهات العازبات الخ. ولهذا فإن العديد من شعوب ودول العالم بالصين واليابان والفيثنام واليابان وبإفريقيا وبالدول العربية والإسلامية لن تنسى جبروتهم وتريد أن تتخلص من قهرهم وعتوهم. بالنسبة للدول العربية والإسلامية فغالبيتها مستضعفة في اقتصادها وعتادها الحربي وفي كل شيء مقارنة مع الدول الغربية وإسرائيل التي انتهكت أراضيها ومقدساتها وتستنزف ثرواتها وتحتل أجزاء من أراضيها ولا يمكن أن نتصور أن تقوم حاليا دولة عربية بتحدي أمريكا أو فرنسا أو إنجلترا مثلا ، فقد حاولت العراق وليبيا ذلك فتم حصارهما وإنهاكهما اقتصاديا ثم اكتساحهما عسكريا ، وتقوم أمريكا والدول الغربية حاليا بحصار إيران وتحاول تجميع دول عربية (تحت قيادة إسرائيلية ) للإيقاع بإيران كما تعاني تركيا كثيرا من ضغوطات وحصار أوروبي وأمريكي عسكري واقتصادي . إن سبب ضعف الدول العربية هو ليس فقط تخلفهم في الجانب الاقتصادي والعسكري بل وبعزل شعوبها عن تدبير الأمور بها ، فأغلب هذه الشعوب لا تملك تقرير زمام شأنها وإن حاولت ، كما كان أخيرا بمناسبة انتفاضات الربيع العربي ، فإنها تلقى مقاومة شديدة من الدولة العميقة ويتم معاقبتها عقوبة شديدة . حاولت الأنظمة السياسية لهذه الدول والعسكرية منذ عقود العمل بحلول مستوردة من الشرق والغرب ففشلت ، وبالقومية والاشتراكية والليبرالية والديمقراطية وفشلت ، وظل الفقر والبطالة والظلم والفساد والظلم بها ينخر جسمها ولا تقوى على مجابهة أعدائها ولا استرداد أراضيها ولا ثرواتها ولا حتى أن تنتصر لكرمتها ولا بتحقيق ثقة شعوبها . إن الدول العربية والإسلامية، رغم ضعفها، تملك سلاحا قويا يتم إغفاله لتنهض شعوبها من كبوتها وإعادة تحقيق عزتها: إنه كلام الله القرآن: خريطة الطريق للنصر على كل شيء (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) [8] . وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ قبل بعثة سيدنا محمد على الصلاة والسلام كانت الأوضاع تشبه كثيرا كالتي نعيشها اليوم : قوى ظالمة وشعوب مستضعفة يتنازعها الروم والفرس ، وعنترية وفواحش كثيرة فأرد الله سبحانه رحمة بالعالمين أن يعم السلام والمحبة والعدل بين عباده فأرسل خاتم النبيين رحمة العالمين . ظل هذا النبي الأمين يجاهد الكفار والناس أجمعين بوحي من الله وتدبيره ولم يقل لقومه حاربوا المستعمرين ، ولا العمل على توحد العرب لمحاربة الغزاة ، ولا دعا إلى إصلاح الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لرفاهية السكان ، بل ركز الدعوة إلى عبادة الله والواحد الأحد وطاعته وتعريف الناس بأسمائه الحسنى وكل شيء عنه ، وظل على ذلك طيلة 13 عاما بمكة يعطي الدلائل الروحية والعقلية والعلمية على قدرة الله ورحمته ، وظل يعلم ويربي أتباعه على الخوف من الله والعمل الصالح ، وعندما كثر أتباعه وعلموا يقينا بعظمة الله سبحانه وقوته استرخصوا الحياة الدنيا وهاجروا إلى المدينة واستقبلهم سكانها المؤمنون بالترحيب ليحدث الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك أول دولة إسلامية ينظم شؤونها الدينية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية على وحي من الله ، فكانت تلك خير أمة أخرجت للناس(لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ َأنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.) [9] . توحد العرب أيام النبي وبعده وصلحت أحوالهم وانتفى الظلم والفاحشة بينهم وتقاسموا ما عندهم لأنهم علموا أن الله يراقبهم وأن عذابه هو العذاب الأليم وأن رحمته وسعت كل شيء ، وهكذا خضعت لهم القوى الظالمة والطواغيت بجهادهم وبتوفيق من الله وعاشوا قرون طويلة في عزة وحضارة لم يسبق لها مثيل وكتبت جيوش الطغيان في أوروبا عنهم " لم نر مثل هؤلاء : فرسان في النهار ورهبان في الليل " . تأخر المسلمون بعد قرون طويلة نتيجة بعدهم عن منهج الله وأصبحوا كغثاء السيل فتقاسمتهم قوى ظالمة وأهانتهم وأخذت ما في أيديهم مصداقا لحديث شريف" يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ؟ قال " بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن " فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال " حب الدنيا وكراهية الموت " [10] إن الرجوع إلى العزة لن يكون باتباع طريقة روسياوأمريكا والصين واليابان في الحياة بل باتباع الطريق الذي رسمه الله لعباده المؤمنين الذي جعل من كتابه العزيز ومن رسوله الأمين إسوة حسنة لمن يرجو الله واليوم الأخر ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ 0للَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ 0للَّهَ وَ0لْيَوْمَ 0لْءَاخِرَ وَذَكَرَ 0للَّهَ كَثِيرًا) [11]. إن على الدول العربية والإسلامية أن تعلم أنه لمواجهة الأعداء لا بد من تغيير أحوالها (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) وأن يعدوا لأعدائهم ما استطاعوا من قوة ، وإن أول خطوة لتغيير الأحول هو السير على خطوات الرسول وذلك بتقوية الإيمان بالله والخوف منه ومحبته لتستقيم الأمور وذلك بتعليم القرآن للناس ونشره ليعلم الناس أن الله على كل شيء قدير ، وهكذا يقل الظلم والفساد والاستبداد ، ويجب أن يكون القرآن وعلومه مادة أساسية في مناهج التعليم والتربية في المدارس والثانويات والجامعات ، وتكون العربية التي تكلم الله بها مع عباده هي التي تجمعنا وليس تعليم بطبوطة وبسكوتة هي لغة التعليم فمن جهل شيئا كان عدوا له كما أن طلب العلم هو فريضة على كل مسلم ومسلمة . الخطوة الثانية لتحقيق الكرامة للشعوب العربية والإسلامية هي تأمين الغذاء والسكنى والمستشفيات والعدالة (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[12]. والماء والكهرباء والطرق والتعليم المجاني لكل الأفراد ( وقل رب زدني علما ) فطلب العلم طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة والشغل الخ. وهكذا تتحول الشعوب العربية والإسلامية إلى شعوب مصلحة منتجة وقوية وما إن تشبثت بمنهج الله إلا ونصرها الله ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ )[13]. إن الشعوب بأوروبا وأمريكا وآسيا غافلة وتعيش في حيرة من أمرها وتواقة لمعرفة الحقيقة والسكينة والسلام ، فعلى المسلمين أن ينشروا القرآن كلام الله ورسالاته بين سكان القارات ونكون بذلك نسير على طريق النصر فالله مع المؤمنين وينصرهم بجنوده كما نصر رسوله والفئة المستضعفة معه من قبل . إن أول الأعداء لهذا المنهج الرباني سيكون من بين الشعوب العربية والإسلامية (الدولة العميقة ) ستقول أتريدون أن ترجعوا بنا إلى الوراء أيام الجمال والتمر والحليب ، وهؤلاء لن يكونوا إلا من المستفيدين من الأوضاع الحالية ، ويكون الأعداء كذلك من دول أخرى ظالمة خائفة على مكتسباتها وهذا كان كذلك أيام النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن القضية هي من هم الذين سيتولون القيام بهذا الحمل الكبير ؟ و نحن نقول نعمل والله غالب على أمره ولا نقنط من روح الله فقد جاء في الحديث المشهور " إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" فالأمل معقود على علماء الأمة للقيام بعملهم وعلى عمل خيار مسؤوليها وعلى شعوبها الموحدة ، فلا تجتمع أمة سيدنا محمد على ضلال ، وإلا ( … فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) [14] ، لأن الله سبحانه وتعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكتب أن عباده المؤمنين سيدخلون المسجد كما دخلوه من قبل (… فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا )[15] ذلك بأن الله القوي العزيز قال (كتَبَ 0للَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِى إِنَّ 0للَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ ) [16]. فما علينا أن نرجع إلى كتابنا ونجعل من محمد صلى الله عليه وسلم قدوتنا ولن يضيع الله أعمالنا . إسماعيل عمران [email protected] [1] الأرض المباركة : عقائد فاسدة ولعبة الأممالمتحدة ( الحلقة الأولى) https://tetouanplus.com/78241.html [2] نفس المصدر [3] الأرض المباركة: عقائد فاسدة ولعبة الأممالمتحدة (الحلقة الثانية https://tetouanplus.com/78384.html [4] الإسراء 4 [5] البقرة 251 [6] الأعراف 167 [7] المائدة 14 [8] سورة النحل 89 [9] سورة الحديد 10 [10] https://www.islamweb.net/ar/fatwa/319444 [11] الأحزاب 21 [12] البقرة 179 [13] محمد 7 [14] المائدة 54 [15] الإسراء 7