المغرب يشارك في المؤتمر الأول لنساء القبعات الزرق بنيودلهي    الطالبي العلمي في كلمة بمجلس النواب المكسيكي: "للمغرب إرادة قوية للارتقاء بعلاقاته مع المكسيك إلى شراكة متنوعة ومستدامة    بوريطة:محاولة دخول برلمانيين أوروبيين للعيون بطريقة غير قانونية "هي محاولة تشويش ليس لها أي تأثير"    منظمة الأغذية والزراعة.. المجموعة الإقليمية لإفريقيا تشيد بدور المغرب في مجال الأمن الغذائي    تعيين محمد بنشعبون على رأس اتصالات المغرب    بالتفاصيل.. فرنسا تفرض عقوبات على مسؤولين جزائريين وتلوّح بإجراءات أوسع    الصين: مجموعة "علي بابا" تعتزم استثمار حوالي 53 مليار دولار في الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي    ترامب يعقد أول اجتماع لحكومته بحضور ماسك    المنظمة الدولية للهجرة ترفض المشاركة بأي إخلاء قسري للفلسطنيين من غزة    كيف انتزع أتلتيكو التعادل امام برشلونة 4-4 في ذهاب نصف النهاية    غرامة ضد ميسي بعد مشادة مع المدرب المغربي مهدي البلوشي    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    إذا كان من الممكن بيع السردين بخمسة دراهم، فلماذا يُباع بعشرين درهم وأكثر؟    برامج إعادة الإسكان تربك مخططات انتخابية لكبار المرشحين في المغرب    دراسة تهتم بقياس الذكاء الترابي    الحوادث تخلف 22 قتيلا بالمدن    باسو: الجمهور يحتاج الكوميديا السوداء .. و"سي الكالة 2" يقدم مفاجآت    وفاة شاب متأثراً بجراحه في حادثة طنجة المروعة التي أودت بحياة شابتين    شبكة مُعقدة من الاسرار والحكايات في المٌسلسل المغربي "يوم ملقاك" على ""MBC5" يومياً في رمضان    "مجموعة MBC" تطلق MBCNOW: تجربة بث جديدة لعشاق الترفيه    العيون .. تطوير الشراكة الفرنسية المغربية في صلب مباحثات السيد لارشي مع مسؤولين محليين    توقع تساقطات مطرية وانخفاض في درجات الحرارة بهذه المناطق    المعرض الدولي للفلاحة بباريس.. تعزيز التبادلات التجارية محور مباحثات السيد البواري مع الوزير الفرنسي للتجارة الخارجية    نجم تشيلسي الصاعد إبراهيم الرباج … هل يستدعيه الركراكي … ؟    أتلتيكو يحبط ريمونتادا برشلونة بتعادل مثير في كأس الملك    بوريطة: محاولة نواب من البرلمان الأوروبي دخول العيون "تشويش بلا تأثير"    نايف أكرد يتعافى ويستعد لمواجهة ريال مدريد    قضية "بائع السمك" تصل إلى البرلمان عقب إغلاق محله في مراكش    قيوح يتباحث مع وزير خارجية الرأس الأخضر سبل توطيد التعاون الثنائي بين البلدين    خلفا لأحيزون.. تعيين محمد بنشعبون رئيسا لمجلس الإدارة الجماعية لاتصالات المغرب    المنتخب الوطني النسوي يتعادل وديا مع هايتي (1-1)    مجموعة MBC و"شاهد" تكشفان عن مفاجآت الموسم الرمضاني 2025    تأسيس جمعية للتضامن المهني بالشمال عقب حرائق الأسواق وانقلاب شاحنات الخضر    السياقة الاستعراضية بطنجة تقود سائق ميرسديس للتوقيف    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    دلالات التطرف الرقمي في تغطية الفعل الارهابي    بعد بيعه بأسعار رخيصة.. سلطات مراكش تغلق محل "مول الحوت عبد الإله" لبيع السمك    أمن العرائش يمسك بتاجر مخدرات    حفل نسائي يحيي طقوس "شعبانة" المغربية في ستوكهولم    دراما وكوميديا وبرامج ثقافية.. "تمازيغت" تكشف عن شبكتها الرمضانية    فتح باب الترشح لجائزة المغرب للشباب في دورتها الثانية    فرنسا تمهد لمعاقبة نظام الجزائر وتتوعدها بإجراءات انتقامية في نظام التأشيرات    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية: نظرات حول الهوية اللغوية والثقافية للمغرب    حسنية أكادير تنفي أخبارا حول ميزانية النادي ومدربه    برشلونة يُخطط لتمديد التعاقد مع فليك    وصفها بالإيجابية.. ترامب يعلن إجراء مباحثات "جدية" مع بوتين لإنهاء حرب أوكرانيا    الوقاية من نزلات البرد ترتبط بالنوم سبع ساعات في الليل    الشرع يشدد على وحدة سوريا و"احتكار" السلاح بيد الدولة في افتتاح مؤتمر الحوار الوطني    حدث فلكي.. اصطفاف 7 كواكب في السماء هذا الأسبوع    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    









الأرض المباركة: عقائد فاسدة ولعبة الأمم المتحدة ( الحلقة الثانية )
نشر في تطوان بلوس يوم 31 - 01 - 2021

أشرنا في مقال سابق إلى أن الله سبحانه بارك في أرض بيت المقدس وما حولها للعالمين ونجا إليها خليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم وسار إليها كليم الله موسى لفتحها ، وولد فيها عيسى ابن مريم ( كلمة الله إلى مريم وروح منه ) ، وهي مسرى خاتم النبيئين رسول الله إلى الناس أجمعين وانطلاق معراجه من بيت المقدس إلى السموات العلى وتوحيد القبلتين بالمسجد الأقصى والمسجد الحرام بمكة [1].
وأشرنا أن اليهود يعتقدون أن هذه الأرض ، من النيل إلى الفرات ، وعدها الله أن تكون من حق بني إسرائيل ، ورأينا كيف أن كتبهم لا زالت تحتفظ بوعود الله لذرية سيدنا إبراهيم ومنهم سيدنا إسماعيل سيجعل منه أمة عظيمة كما هو مكتوب عندهم ، ولكن اليهود يدعون أن إسماعيل هو ابن أمة وليس في مستوى ابنه إسحاق أب إسرائيل يعقوب عليه السلام [2].
وأشرنا إلى أن المسيحيين يقولون أنهم يؤمنون بالتوراة (العهد القديم ) وأن الله نزع من اليهود الأفضلية وعهدها إليهم لأن اليهود كفروا برسالة عيسى ابن مريم ابن الله وأن عهده ( العهد الجديد ) انتقل إليهم وأنهم أحق بهذه الأرض ، رغم أن فقرات من الكتب المقدسة عندهم (على ما فيها من تناقضات ) تبشر بمجيئ خاتم النبيئين وفقرات لا يعقلها عاقل كعراك إسرائيل والله سبحانه تعالى الله سبحانه [3].
وهكذا فقد قال اليهود أنهم هم الشعب المختار ، واختلف معهم أتباع عيسى هم أيضا فيما عندهم من العلم وقالوا بأنهم هم الأفضل أتباع ابن الله يخلصهم من كل الذنوب ، (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ) [4] .
أخرج اليهود من فلسطين وإجلاءهم منها، وبقي فيها المسيحيون الذين أصابتهم فتن كبيرة وانقسموا إلى
طوائف وتفرقوا في الأمصار هم أيضا ونسوا حظا مما ذكروا به من كتب الله حتى جاء الإمبراطور قسطنطين
( 325 م.) وتم إلغاء أناجيل والاعتراف بأربعة منها فقط ( وكتب أخرى كما أشرنا ) يؤمن بها المسيحيون ويقولون أنها ملهمة إلى رسل الله رغم ما فيها من تناقضات والله سبحانه ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا) [5] .
نور الله ورحمته
طال الأمد على أهل الكتاب واختلطت الفلسفة بالنصوص الدينية والخرفات وتجبر رجال الدين عندهم من الأحبار والرهبان تحكموا في تابعيهم بشرائع دينية ما أنزل الله من سلطان . وشاءت رحمة الله أن يبعث في الناس جميعا خاتم النبيئين وينزل عليه القرآن ( كلام الله ) وجعل من محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين ويحفظ القرآن من كل تحريف وتبديل وتبيانا لكل شيء ، ويكون الرسول إسوة للناس أجمعين يبين كيفية العمل بكتاب الله ويرشدهم بحكمته ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ )[6].
جعل الله عز وجل في كتابه العزيز آيات معجزات تدعو إلى الإيمان، فمنها ما تخاطب عقول عوام الناس والدعوة إلى عدم عبادة التماثيل والأوثان التي لا تنفع ولا تضر، ومنها ما تدعو إلى التفكر في ملكوت السماوات والأرض وأن لها خالق ومدبر، ومنها ما تخبر عن بداية وكيفية خلق السماوات والأرض هداية للفلكيين والعلماء ، ومنها ما تبين بداية خلق الإنسان من طين وتطوره في رحم أمه ليكون نسله من نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم خلقا آخر ثم الموت ثم البعث ليؤمن الأطباء وغيرهم .
ومنها ما يرشد إلى كيفية إحياء الأرض وخروج المرعى والثمرات وحب الحصيد للفلاحين وغيرهم ، ومنها ما يتحدى الشعراء والكتاب من الإنس والجن بجمال التعبير وقوة التأثير ، ومنها ما تخبر علماء التاريخ والآثار عن مآل ومواقع أقوام سابقين ، ومنها ما تخبر عن موقع وأحداث وقعت كانتصار الروم على الفرس بعد بضع سنين ، وفتح مكة في القريب بغير حرب، ومنها ما تخبر عن هزيمة الكفار والمشركين وانتشار الدين في الأرض الخ. (ولقد ضربنا للناس فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ. وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ )[7].( قلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يأتون ِبمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)[8] .
حقيقة ادعاءات اليهود والنصارى
يؤمن المسلمون أن الله يؤتي ملكه من يشاء ويختص برحمته عباده المؤمنين سواء أكانوا من بني إسرائيل أو من بني أبناء عمومتهم بني إسماعيل أو غيرهم ذلك أن الدين عند الله الإسلام وأن عهده ونصره لا يكون للظالمين وأن منطق القرب عند الله هي الطاعة والتقوى ، وأن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب لم يكونوا هودا أو نصارى ، بل وحتى يوسف وداود وسليمان وموسى كانوا مسلمين ، ويقرأ المسلمون في القرآن كلام الله :
+ أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ[9]
+ ربِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [10].
+ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ[11].
+ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ[12].
إذن فكل الرسل والأنبياء ومن اتبعوهم بإحسان هم مسلمون ، أما ملك الله وأرضه فيؤتيها من يشاء من عباده الصالحين و النصر والغلبة والاستخلاف في الأرض تكون للمسلمين ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ لَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.[13]
دين الحق
بعث الله محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للناس أجمعين، وكان القرآن، كلام الله، هو قوة جهاده (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) [14] فآمنت به العرب ثم ذهب أصحابه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم إلى الأمصار يفتحونها ويعلمون الناس دينهم ودخلت الشعوب والأمم في دين الله بآسيا وأوروبا وإفريقيا، وتسلم عمر ابن الخطاب الخليقة الثاني مفاتح القدس من أهلها ( سنة 637 م.) . بعد الفتح الإسلامي للقدس، سمح لليهود بزيارة وممارسة شعائرهم الدينية بحرية في القدس من قبل الخليفة عمر بعد ما يقرب من 500 سنة من طردهم من الأراضي المقدسة من قبل الرومان.
لمحة تاريخية
ظل اليهود والمسيحيون يؤمنون بعقيدتهم الفاسدة وأنهم أبناء الله وأحباؤه ويتربصون بالإسلام والمسلمين الدوائر ، وأنهم أحق بأرض فلسطين وما حولها مهد ديانتهم ، وظلت أرض فلسطين بسكانها من المسلمين تحت حكم المسلمين لا يهدده شيء حتى جهز المسيحيون الأوروبيون حملات على فلسطين من أواخر القرن الحادي عشر حتى الثلث الأخير من القرن الثالث عشر خلال فترة 1096/ًَ1291 م .
حملات الصليبيين
خلال هذه الفترة قام المسيحيون بحملات دينية تحت شعار الصليب وكانت سلسلة من الصراعات العسكرية ذات طابع ديني بررت بتطبيق "إرادة الرب" عن طريق الحج إلى الأرض المقدسة للتكفير عن الخطايا خاضته معظم دول أوروبا المسيحية لاستعادة القدس والأراض المقدسة عندهم ومات فيها الملايين.
ففي 4 يوليو 1187 وقعت معركة حطين التاريخية انتصر فيها السلطان صلاح الدين الأيوبي سلطان مصر والشام فحرر القدس في 2 أكتوبر 1187، فقام البابا غريغوري الثامن بالدعوة إلى حملة صليبية جديدة ، ثم كانت حملات صليبية أخرى قادها الباباوات منها عام 1187 رداً على استرداد صلاح الدين للقدس وعودتها للمسلمين .
وفي عام 1202 حملة دعا إليها البابا اينوقنتيوس الثالث ، وحملة صليبية أخرى عام 1213 سعى إليها البابا انوسنت الثالث ، وحملة سادسة قام بها الإمبراطور فريدريك الثاني هوهنشتا الألماني في صيف 1228، ثم أدت الهزيمة التي لحقت بفصائل الصليبيين عام 1244 وخسارتهم التامة للقدس إلى ترتيب الحملة الصليبية السابعة، فقادها الملك الفرنسي لويس التاسع وتوجه بها إلى مصر واستمرت الحملة بين عامي 1248 و1254، ثم الحملة الثامنة انطلق في هذه الحملة لويس التاسع ملك فرنسا في عام 1270، وبين 1443 إلى 1444 حدثت آخر حملة صليبية بتمويل من بابا روما هي "حملة ڤارنا الصليبية" وقتل الملك ڤلاديسلاڤ الثالث والمبعوث البابوي المحرض على الحملة .[15]
عودة الصليبين
بقيت الأرض المباركة بأيدي المسلمين دولة بعد أخرى إلى أن ضعفت الإمبراطورية العثمانية وسقوطها وتقسيم المناطق التي كانت تحت نفوذها فكانت فلسطين من نصيب الانتداب البريطاني. وهكذا لم ينس اليهود والنصارى أطماعهم وحسدهم للإسلام والمسليين واستولوا على فلسطين وما حولها وتسلل إليها اليهود بمساعدة دولة المملكة المتحدة عملا بوعد بَلفُور ( بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1917 ) وهو بيانٌ علنيّ أصدرته الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالمية الأولى لإعلان دعم تأسيس "وطن قوميّ للشعب اليهوديّ" في فلسطين، التي كانت منطقة عثمانية ذات أقليّة يهوديّة ثم جاء تقرير جمعية الأمم المتحدة عام 1947 ( تسيطر عليها دول الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا المسيحية) فأعطت الجمعية لليهود الجزء الأكبر من الأرض رغم قلتهم وجزء صغير من فلسطين إلى أصحابها والقدس وبيت لحم لها صبغة دولية، أعطى القرار اليهود دولة تمثل نحو 56.5% من إجمالي مساحة فلسطين التاريخية ، رغم أن أعدادهم لم تتجاوز آنذاك نسبة 33% من إجمالي سكان فلسطين ومنح القرار العرب الذين بلغت نسبتهم السكانية حوالي67%، يمتلكون غالبية الأراضي، ما نسبته 43.5% من"فلسطين التاريخية".
وهكذا يتحقق قوله سبحانه ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) [16] .
لم يعترف اليهود رغم ذلك بقسيم الأمم المتحدة واعتبروا أن فلسطين وما حولها هي أرض الميعاد وساعدهم في ذلك بقوة دول غرب أوروبا وأمريكا . نشبت صراعات ومواجهات عنيفة بين اليهود ( مدعومين بدول غربية مسيحية قوية ) وبين عرب فلسطين مدعومين بدول عربية ضعيفة ، ثم تواصلت هذه المواجهات خلال سنوات 1948 و1956 و1967 و1973 فكانت الغلبة في كل مرة للإسرائيليين مدعومين بدول مسيحية كثيرة وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا .
وهكذا نرى أن الإسرائيليين اليهود اتخذوا من فلسطين وما حولها أرض الميعاد ووفاقهم على ذلك المسيحيون بدول غرب أوروبا وأمريكا الذين يؤمنون بكتاب العهد القديم واعتبروا إسرائيل رأس حربة لهم وسهم متقدم في صدور المسلمين ونكاية بهم ، واستمر تخاذل العرب والمسلمين وقبلوا بقرار تقسيم فلسطين إلى دولتين كما فعلت بعد ذلك حتى السلطة الفلسطينية ، ولكن اليهود راوغوا وماطلوا بقبول قرارات الأمم المتحدة عن طريق مفاوضات عبثية مدعومين بالدول الغربية القوية ، وهكذا قام اليهود بالاستيلاء شيئا فشيئا على المزيد من الأراضي الفلسطينية وأراضي أخرى بدول مجاورة كمصر والأردن وسوريا ولبنان سعيا وراء تحقيق حلمهم بالدولة الكبرى من النيل إلى الفرات حسب ما جاء في كتبهم المقدسة .
مقابل ذلك اعتبر سياسيو العرب والمسلمون المنهزمون أن القضية سياسية وحلها بيد الأمم ثم قام الرئيس الأمريكي ترامب خلال ولايته أخيرا بنقل سفارة بلاده إلى القدس واعترف بها كعاصمة لإسرائيل واقترح على السلطة الفلسطينية والدول العربية " صفقة القرن " تقضي بضم المزيد من أراضي الفلسطينيين والاعتراف بدولة إسرائيل وتطبيع العلاقات معها مقابل مكافآت مالية واستثمارات مهمة . قبل مسؤولو بعض الدول العربية بصفقة القرن وبتطبيع العلاقات مع إسرائيل واعترافهم بما فعله الإسرائيليون من قتل وتهجير للفلسطينيين وتدنيس للبيت الأقصى المبارك ، واعتبروا أن القضية سياسية وحلها ليس فقط بيد الأمم بل وافق بعضهم على صفقة القرن طمعا في حماية دول الغرب لهم من بعضهم وفيما قد يجنونه من استثماراتهم اليهود والأمريكان .

إن هذا هو واقع الدول العربية والإسلامية حاليا أصبحوا طعمة صائغة لأعدائهم ويؤدي بعضهم الجزية لهم ، وصدق فيهم قول رسولهم حين قال " يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ؟ قال " بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن " فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال " حب الدنيا وكراهية الموت "[17] . وقال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه."[18]
هذه أيام الله يداولها بين الناس ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا فما علينا إلا أن نأخذ بالأسباب فقوة المسلمين تكمن في التمسك بكتاب الله والعمل به لينصرهم الله على أعدائهم (هوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا . مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [19] .
إن الغد مشرق وما علينا إلا أن نأخذ بالأسباب ونعد القوة، كيف ذلك ؟ يتبع
[1] https://tetouanplus.com/78241.html الأرض المباركة : عقائد فاسدة ولعبة الأمم المتحدة
[2] نفس المصدر
[3] نفس المصدر
[4] البقرة 113
[5] النساء 82
[6]سورة النحل 89
[7]سورة الروم 58
[8]سورة الإسراء 88
[9] البقرة 140
[10] يوسف 101
[11] يونس 84
[12] آل عمران 52
[13] النور 55
[14] سورة الصف 9
[15] https://ar.wikipedia.org/wiki حملات صليبية
[16] آل عمران 186
[17] https://www.islamweb.net/ar/fatwa/319444
[18] https://right-islam.yoo7.com/t210-topic
[19] سورة الفتح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.