دعت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الجمعة الماضي إلى أداء صلاة الغائب على شهداء انتفاضة الأقصى وهي جهد المؤمن المقل أمام ما يتعرض له إخواننا الفلسطينيون من اضطهاد وتقتيل وتشريد من طرف العدو الصهيوني مدعوما بالصليبية الحاقدة، وفي هذا الإطار وفق الله خطيب جمعة قصر أولاد عيسى بالجرف لتخير موضوع خطبته مراعاة لواقع الحال بفلسطين والمسجد الأقصى الذي يئن تحت وطأة الصهيونية، والخطبة تتناغم مع أخواتها بمساجد المغرب معبرة عن صدق التضامن مع قضية المسلمين الأولى إذ ردد مسجد الجنوب أصداء مساجد المملكة شرقا وغربا وشمالا ليعلن للأقصى شعاره: "نحن فداك يا أقصى". وشاء الله أن تكون مناسبة المحنة فرصة إزالة الغبار عن أعواد المنابر لتأخذ دورها الحضاري في خدمة القضية الفلسطينية وهذا نص الخطبة. الحمد لله الذي غضب على اليهود في كتابه وعلى لسان أنبيائه الصادقين، أعداء الإسلام والمرسلين، وأعداء الملائكة المقربين والصالحين من عباد الله المؤمنين. نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون لأنفسهم من دونه وليا ولا نصيرا ونشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، واجه المشركين في مواقف كثيرة فظهر، وجاهد الكافرين والمنافقين فانتصر، وأيده الله بجنود لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين، وأيد سبحانه الذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله فانتصروا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين. أما بعد: يقول الله الكريم في كتابه العزيز: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) الآية. أيها المسلمون إن اليهود ومن والهم من الكفرة والصليبيين الحاقدين كلهم أعداء الله ورسوله وأعداء الإسلام والمسلمين متفقون في الظاهر والباطن على محاربة الإسلام وأهله وذلك منذ ظهور الإسلام على الدين كله حسدا من أنفسهم من بعدما تبين لهم أن الحق بجانب خاتم النبيئين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه المؤمنين. قال تعالى: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعدما تبين لهم الحق) الآية. أيها المؤمنون لقد وقف اليهود في وجه دعوة الرسول الخالدة منذ أن بعثه الله نبيئا ورسولا للعالمين، تحزبوا مع أعداء الله والرسول من المشركين والمنافقين والكافرين مع أنهم كانوا يعرفون الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والحق كما يعرفون أبناءهم، ويعلمون علم اليقين أن الحق هو ما جاء به الرسول الكريم من عند ربه، وها هم إلى اليوم لا يزالون يحاربون الإسلام والمسلمين، فمنذ 1936 ونار الكفاح والجهاد متقدة بين العرب والمسلمين من جهة وبين الصهيونية أنجاس العالم من جهة أخرى، وقد مرت السنوات تباعا دون أن يخلو يوم منها من دم زكي يسيل غزيرا أو يسيرا، ولقد سمعتم بل ورأيتم على شاشة التلفزيون ما وقع لإخواننا المسلمين في فلسطين من تقتيل بالبنادق والرشاشات والطائرات والدبابات والأسلحة المتطورة والفتاكة، وأبناء هذا الشعب العزل لا يجدون سلاحا إلى الإيمان والحجارة. وصدق فينا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: >يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأمم إلى قصعتها قالوا: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم حينئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، وليتزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن قالوا: وما الوهن يا رسول الله، قال: حب الدنيا وكراهية الموت< أو كما قال صلى الله عليه وسلم. فما على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أيها المؤمنون إلا أن يعدوا العدة وأن يجهزوا العتاد ويتخذوا الأهبة لتعبئة الجيش المسلم المؤمن المطبوع على حب الشهادة والموت، وكراهية حياة الذل، الطامع لإنقاذ فلسطين كلها، ورد المعتدين على حريتها حيث كانوا، وليعلم المسلمون في كل مكان أن المسجد الأقصى في القدس ليس هو قضية الفلسطينيين وحدهم بل هو قضية كل مسلم في أنحاء العالم، فالمسجد الأقصى هو الذي جعله رب العزة القبلة الأولى للإسلام والمسلمين، والقرآن الكريم لم يصرح بغير اسمي هذين المسجدين في آياته حيث قال سبحانه: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا، أنه هو السميع العليم) الآية. وهو ثالث ثلاثة مساجد خصها الله بالتكريم والإكبار فشرع الرحلة إليها بنية العبادة والتقرب إلى الله فقال: رسول الله (ص): "لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى في بيت المقدس ومسجدي هذا بالمدينة"، ولا يصدنا أيها المؤمنون واقع الحال ولا وطأة الأثقال، فإن الأمر أمر حياة أو موت، فإذا أراد المسلمون حياة العزة فعليهم أن يفعلوا ذلك ولو عظمت منهم التضحية وطال بهم الشوط وإلا فليحفروا قبورهم بأيديهم، يقول تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حق في التوراة والإنجيل، والفرقان ومن أوفى بعهده من الله)الآية. أيها المؤمنون: إن العالم الصليبي الحاقد على الإسلام وأهله كله في صف واحد مع الصهيونة العالمية ضد الإسلام والمسلمين في كل مكان: في آسيا وأوروبا وافريقيا، وفي كل مكان يذكر فيه اسم الله، فيقتل المسلمون باسم الشرعية الدولية وتحت غطاء النظام الدولي الجديد وباسم تطبيق القرارات الأممية بل الأمريكية المجحفة الظالمة. والسؤال المطروح الآن بإلحاح، لكن يبقى دون جواب، والمسلمون في كل مكان يسألون وحتى أحرار أوروبا يتساءلون: هل القرارات الأممية أنشئت ودونت من أجل ضرب المسلمين باسم متابعة الإرهاب؟ وهل هذه القرارات، أنشئت لفرض الحصار على كل أمة مسلمة لم ترضخ لأمريكا أما "إسرائيل" الظالمة، الطاغية، والباغية، فلا تشملها قرارات الأممالمتحدة، فلإسرائيل الحق في أن تملك ما تشاء من أسلحة الدمار الشامل والنووي ما دام هذا السلاح موجها ضد العرب والمسلمين، ولها الحق في غصب الأرض الإسلامية ومقدسات المسلمين، ولها أن تقتل وتشرد ما تشاء من المؤمنين، وتهدم عليهم منازلهم، وتشرب مزارعهم، وتأخذ من تشاء من وطنهم ومن بين أهليهم، وترمي بهم في السجون وفي العراء ليموتوا جوعا وبردا، وكلنا نعيش مع إخواننا في محنتهم،وكل هذا يجري على مرأى ومسمع من الدول الكافرة والظالمة، والمسلمة كذلك، وأمام مجلس الأمن المنحاز لليهود الصهاينة والدول الإسلامية، أيها المؤمنون، حرام عليها أن تملك سلاحا قويا للدفاع عن نفسها، فإذا ملكته يجب أن يدمر حتى لا تستطيع أن تدافع عن نفسها ووطنها، وتعيش "اسرائيل" الظالمة في أمن وأمان، تصول وتجول في المنطقة العربية، ولا أحد يعترض سبيلها وطغيانها فسلاح العراق دمر ولا يزال يدمر والهدف ليس العراق، والمستهدف ليس صدام كما يزعمون، وإنما المستهدف بالدرجة الأولى هو أنت أيها المسلم ودينك الإسلام، دين الحق للعالمين كلهم. أيها الإخوة المسلمون إن ديننا الإسلامي يأمرنا أن لا نيأس من روح الله أبدا، لأن بعد العسر يسرا (إن مع العسر يسرا، وإن مع العسر يسرا) والنصر آت إن شاء الله عاجلا أم آجلا. اللهم إنك أمرتنا بالدعاء ووعدتنا بالاستجابة وقلت وقولك الحق (ادعوني استجب لكم) فها نحن ندعوك بكل اسم دعاك به نبيك محمد صلى الله عليه وسلم أن تحفظ هذه الأمة من جميع الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن تبعد عنها الفتن والمصائب والأهوال، وأن تجنبها الفناء والخراب والضر والدمار، إنك أنت اللطيف الرحيم، ألطف بعبادك المؤمنين فيما جرى به قضاؤك وارحم أمة المسلمين فيما قضى فيه حكمك، بك نستأجر وعليك المعول في الأمور كلها، اللهم إنك المؤمن من الخوف فأمن روع المسلمين وأخمد نار الحروب والفتن لجنك يا وقي يا عزيز ويا رحمان ويا رحيم،وفرج اللهم عن إخواننا المسلمين في فلسطين وفي كل مكان، وارزقهم الثبات على دينهم وانصرهم على عدوهم فإنك ولي المتقين وناصر المؤمنين. اللهم تولنا برحمتك وعاملنا بفضلك ولا تعاملنا بعد لك، وارضنا وارض عنا، وامح عنا الظلام بنور العلم واليقين، واكشف عنا السوء، واهدنا إلى ما فيه صلاحنا وصلاح المسلمين، وصل اللهم على من ورد عليه أن من أكثر الصلاة عليه كان ملك الصوت ارفق به من والديه، اللهم صل على سيدنا محمد صلاة يجدها العبد ذخيرة عند مماته ورحمة لسؤال الملكين من ظلمات القبر وغمراته وارض اللهم أهله الطيبين وصحابته الطاهرين اللهم اصلح من في صلاحه صلاح المسلمين، واهلك اللهم من في هلاكه صلاح للإسلام والمسلمين، ودمر اليهود وأعوانهم وشتت شملهم ويتم أطفالهم، واجعل كيدهم في نحورهم وسلط عليهم سيف انتقامك، واجعلهم وأموالهم غنيمة للمسلمين يا رب العالمين ي أرحم الراحمين واغفر لنا ياربنا، وبعد صلاة الجمعة فنصلي صلاة الغائب على شهداء فلسطين وسائر شهداء المسلمين. إعداد: عبدلاوي لخلافة