دأبت الجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل على الاحتفال باليوم العالمي للمدرس، الذي يصادف خامس أكتوبر من كل عام، وهو احتفال بمهنة التعليم العظيمة ومناسبة لتهنئة المدرس مربّي الأجيال وباني المجتمعات والحضارات، وللوقوف وقفة تقدير وإجلال وتبجيل للأسرة التعليمية. ويحل هذه السنة، اليوم العالمي للمدرس في ظل جائحة كوفيد-19، وما فرضته من طوارئ صحية غير مسبوقة، لتزيد من حجم الأزمة التي تعاني منها أصلا المنظومة التربوية. لكن عزيمة المدرسات والمدرسين لم تلن أمام هذه الجائحة ولا قلّ عطاؤهم اللامحدود، فاضطلعوا بدور حاسم مكن المتعلمات والمتعلمين من مواصلة تحصيلهم الدراسي عن بعد، حيث ظلوا، بروح المسؤولية المواطنة والتضحية العالية، مرابطون خلف الشاشات والمواقع التعليمية لإنتاج موارد رقمية ودروس مصورة وتسخيرهم لإمكانياتهم الذاتية من أجل التقليص من تأثير تداعيات هذه الأزمة الصحية المفاجئة على المتمدرسين في تأمين زمنهم المدرسي. ومما لا شك، أن إطلالة المدرس على هؤلاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات التعلم والتعليم وشاشات التلفزة، ستترك لا محالة في ذاكرة هذا الجيل من المتمدرسات والمتمدرسين وأهلهم المكانةٌ العظيمة للمدرس الجدير بالتكريم والتقدير. فجهوده وتضحياته خلال هذه الظرفية الاستثنائية العصيبة ستجعل المجتمع يدرك حقا، أكثر من أي وقت مضى، أنّ كلّ عبارات المدح والثناء والشكر والامتنان لشخص المدرس وعطائه، تبدو قليلة ومتواضعة أمام عظمته، لأنّها لا تستوعب وصف من كاد أن يكون رسولا، ولن تتسع لمدح من زرع القيم الإنسانية وجميل الصفات والأخلاق في أذهان تلاميذه وتعب من أجل تزويدهم بالمعرفة والعلم. إن الاحتفال بهذه المناسبة يعتبر بالنسبة لنا في الجامعة الوطنية للتعليم، فرصة للوقوف وقفة تقدير واحترام لنساء التعليم ورجاله، وكذا فرصة للتأمل في واقع ومستقبل مهنة التدريس النبيلة والشريفة، وكذا فرصة لمساءلة واقع حال العاملين بقطاع التعليم. هؤلاء الذين يسهمون خلال عملهم اليومي، بضمير مهني يستحضر نبل وقداسة الرسالة التي يحملونها، إسهاما كبيرا في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك بإرسائهم للدعائم البشرية الدائمة لهذه التنمية، التي لن تتحقق بالضرورة إلا عبر توفير التربية والتعليم للجميع. كما سيبقى المدرس دوما ضامن استمرارية هذه التنمية المنشودة وعنصرها الفاعل والمحرك. لذلك وجب استحياء المعاني السامية لليوم العالمي للمدرس، باعتباره مناسبة لتكريم أسرة التعليم واستحضار أوضاعها المادية والاجتماعية والمهنية التي تبعث أكثر فأكثر عن القلق. ومن ثمة فإننا في الجامعة الوطنية للتعليم نتوخى من خلال الاحتفال بمناسبة اليوم العالمي للمدرِّس، حث المجتمع على صيانة كرامة الأسرة التعليمية، ورد الاعتبار لرسالة المدرس ولمهنته التي يكرس حياته لها من أجل أكبر القضايا وأعظمها نبلا، ألا وهي إرساء أسس مجتمع تنتفي فيه آفات الجهل والأمية، وتمكين الأجيال من نور المعرفة والعلم وتهييئها للمساهمة في التنمية والبناء، للخروج من براثين التخلف الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. وعليه فإن إحاطة المدرس بما يستحقه من عناية واهتمام قصد الارتقاء بمكانته، وتحسين ظروف عمله والرفع من معنوياته ومن شأنه في محيطه الاجتماعي، لمن شأن ذلك أن يمكن المدرس من تأدية رسالته التربوية والتعليمية النبيلة على أكمل وجه، وإنجاح مختلف أنماط التدريس التي قد تفرضها تطورات الأزمات الصحية المفاجئة والطوارئ غير المسبوقة. وبهذه المناسبة أتوجه، في الختام، بأخلص عبارات الاحترام والتقدير للأسرة التعليمية بمناسبة عيدها الأممي الخالد، معلنا إصرار الجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل على مواصلة نضالها من أجل تحسين الأوضاع الاجتماعية والمادية والمهنية لعموم نساء التعليم ورجاله، ومؤكدا كذلك على أن الاستجابة لمطالب عموم الفئات التعليمية يعتبر المدخل الأساسي، والدليل على توفر إرادة حقيقية لإصلاح المنظومة التربوية والنهوض بتعليمنا الوطني لكسب رهان التنمية وبناء وطن متألق بين الأوطان المتقدمة. الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم