نظمت جمعية مؤسسة المسرح الأدبي بتطوان بقاعة مكتبة أبي الحسن الشاذلي بمرتيل تقديم وقراءة في ديوان زجل المايسترو للأستاذ مصطفى مشبال بمشاركة الدكتور سعاد الناصر أم سلمى والدكتور عبد الواحد بنصبيح والأستاذ حسن بيريش وبتسيير الدكتور الطيب الوزاني وذلك يوم السبت 27 يوليوز 2013م على الساعة العاشرة ليلا. افتتح الدكتور الطيب الوزاني اللقاء بتقديم ورقة تعريفية بالدكتورة أم سلمى حيث اعتبرها نموذج شامخ للمرأة المغربية والعربية المنفتحة والمشبعة بالثقافة الإسلامية ومربية كبيرة من خلال إنتاجها الأدبي فاتحا لها المجال لتقديم قراءتها للديوان. وفي ورقتها صرحت الدكتورة سعاد الناصر أنها لا تفشي سرا أنها إذا أرادت الكتابة عن عمل فني ما فهي تهبه ذاتها، ومن ثم فهي قد غاصت في الديوان العميق محاولة استنطاق مكنوناته بهدف الحصول على متعة الارتقاء إلى روح الإبداع، وديوان "المايسترو" في نظرها هو تجربة زجلية متميزة تصل إلى القارئ بعفوية وانسياب، وهو مرصع بلوحات الفانان العالمي أحمد بن يسف في تناغم وحميمية شكلا ومعنى، وعنوان الديوان "المايسترو" يقصد به الزجال الفنان التشكيلي أحمد بن يسف، لكنه يرمز به إلى كل متطلع إلى الريادة في كل ميدان، و وهي عنوان قصيدته التي افتتح بها الديوان وهي تشكل الرؤية الحضارية التي لا تأخذ بشكل واضح إلا بالارتكاز إلى لغة شفافة مفعمة بالقيم الإنسانية وتطل على واقع كثير المفارقات. ونجد في الديوان حسب الدكتور تحليق الذات في الرومانسية عبر قصيدة"أحلام وردية" المنفتحة على الذات الفردية، ونجد أيضا الانفتاح على ال واقع بكل مفارقاته ومحاولة الخروج من منعرجاته عبر قصيدة"صاحبي"، ونجد أيضا صرخة مدوية مريرة وبسخرية في مظاهر العري عبر قصيدة" التصريح بالممتلكات"، والزجال إلى هذا يراود الفضاءات التي تربى غيها وانتمى إليها متغزلا بمدينة تطوان في قصيدة"حب من أول نظرة" كما يهتف في عشق بمدينة مرتيل بين ما كانت عليه وما صارت إليه من الفوضى في حسرة ضمنها حبه لهذه المدينة في قصيدة" شوف واسكت"، وفي الديوان حسب القارئة أم سلمة تجلي الذات الفردية والجماعية ودعوة المتلقي إلى التمعن والمشاركة في قصيدة"انتينا". ويتميز الديوان بالنفس الديني الذي هو أشبه ما يكون بواحة ظليلة يلجأ إليها الزجال هروبا من مفارقات الواقع المرير كما في قصيدة" لا تغرك الدنيا" ملتزما بالقيم الإنسامية النبيلة ومسكونا بنبل الرسالة التي يود إرسالها للمتلقي. بعدها قام ممثل مؤسسة المسرح الأدبي بتطوان الدكتور محمد المعادي بتقديم كلمة المؤسسة والتي عبر فيها عن سعادة المؤسسة بتقديم هذه الأضمومة الشعرية الزجلية للقطب الزجال مصطفى مشبال، حيث أن الشعر يقول الدكتور استطاع أن يخرجنا من خلواتنا الفردية في بهاء القراءة التي تجمع بين الشعر والتشكيل من خلال أضمومة متميزة من الأساتذة. بعدها قدم الدكتور الطيب الوزاني للدكتور عبد الواحد بنصبيح معرفا له ومعتبرا أنه أبلى البلاء الحسن في تأطير المدرسة الزجلية بمدينة تطوان حيث قدم له الكلمة لتقديم قراءته للديوان. في قراءته لديوان "المايسترو" قال الدكتور بنصبيح أن هذا الديوان هو الثالث بعد الدرويش وعكاز الطريق ما يدل ‘لى أن الزجال مصطفة مشبال زجال ممارس وأن الزجل بالنسبة له ممارسة شعورية، والديوان حسب الدكتور حلة بديعة تثير ال متلقي خصوصا تطريزه وتتويجه بلوحات الفنان العالمي أحمد بن يسف، و عن موضوعات الديوان نجد طيبة النفس ودماثة الخلق والاحتفاء بالأصدقاء موضوعة بارزة في الديوان حيث احتفى فيه بالفنان أحمد بن يسف وبالصحفي والكاتب حسن بيريش وبجمعية بصمات بسطات. لكن الموضوع المهيمن يقول الدكتور هو الغزل وهو غزل صادق ممزوج بحرارة العاطفة وصدق الشعور، وما يميز الزجليات في الديوان هو أسلوب الحكي وا لحوار ما أضفى عليها حيوية وطرافة، ونجد فيه زجليات وطنية حماسية اعتمد فيها في التعبير عن حبه لبلاده عنصر المفاجأة. كما لا يخلو الديوان حسب قراءة الدكتور بنصبيح من المواعظ الأخلاقية والنقد الاجتماعي كما في قصيدة" التصريح بالممتلكات" حيث انتقد فيها ظاهرة العري بالشواطئ مستعيرا عنوان القصيدة من الحقل السياسي إلى الحقل الاجتماعي. ومن حيث الصياغة الفنية للديوان فالزجال قد تطور من حسن إلى أحسن بالمقارنة مع دواوينه السابقة فقد استخدم المحسنات البديعية مثل الجناس، والمقابلة والترديد والإشارة وا لتلميح والتناص، كما وظف كثيرا من المصكوكات الشعبية أو تعابير الداصة. وإذا اعتبرنا أركان الجمالية في الشعر الزجلي هي اللطافة والظرافة والطرافة فإن الديوان الزجلي المايسترو له من هذه الثلاث الشيء الكثير، بعدها قدم الدكتور بنصبيح انتقاداته للديوان بما لا يخل بتميز الديوان وصاحبه. وبانتهاء كلمة الدكتور بنصبيح أخذ مسير اللقاء الدكتور الطيب الوزاني بتلابيب الحديث مقدما للكاتب والصحفي حسن بيريش في كلمة أدبية راقية قال فيها: الحروف كما تعلمون أدوات للكتابة جامدة خرساء ، لكنها تصوغ المعاني. حسن بيريش عرف كيف يلاحقها ، يلاعبها يخصبها ، فأثمرت تمرا طيبا. حسن بيريش عرف كيف يداعبها يجاريها فأفرجت عن بسمة ، أمل ، قبلة ، محبة. حسن بيريش عرف كيف يطوعها ، ينطقها، فأينعت نثرا جميلا وانتظمت شعرا حلوا وصيغت شكلا ولونا ، فكانت بورتريها ، وكان هو على عرش البرتريه ملكا . لا أدري أي سحر يركب الحرف وسائِسَه ، فيجعلهما يلتقيان عن غير موعد وفي كل موعد، فيتعانقان . ويصير الحرف حسن ويصير بيريش حرفا، ليحلقا عاليا فوق العوالم مع ألوان الطيف الزاهية ثم ينسابا ماء صافيا زلالا على صفحات الورق وعلى ايقاع نشيد من الأحاسيس والرقة والجمال . جمال الحرف البديع والكلمة المنمقة والمعنى الذي يطرب. فإليكموه . وفي كلمته التقديمية الرائعة التي لم يضع لها حسن بيريش عنوانا قال أنه سوف يلامس العلاقة السيامية بين اللون والكلمة وطلب من الحضور أن يعنونوها بمعرفتهم. وقد جعلها في مقاطع قال في الأول منها أن بين الشعر والتشكيل ثمة أكثر من نسبة فالتعبير واحد والأداء مختلف، مصطفى مشبال يمتلك حسا فطريا بالألوان حس إبداعي بالكلمات، يكتب باللون ويرسم بالكلمة، كما يستخدم ريشة مغمومسة في الألوان هذا ما تشي به نصوص "المايسترو" فهناك توازي بهي بين ريشة بن يسف وريشة الزجال المبدع الماتحة من اللون هو عمل إبداعي زاخر بالممكنات والتمايز، حيث تبرز فيه القصيدة تعبيرا لغويا غير محايد لألوان اللوحة. ويضيف أنه ليس ثمة بواعث اختلاف محسوس بين يد أحمد بن يسف في نغم القصيدة ويد مشبال في نغم الأولن تحولت القصيدة إلى محمولات اللوحة حيث تجلى التكامل الفني بين توالي اللوحة والقلم، فالشعر تفكير بالصور واللوحة كلام غارق في بحر الألوان. وفي ثنايا الأزجال تتراءى شفافية الغوص في الأمكنة وا لشخوص وتمثلات الزمن في ترجمة المعاني إلى صور فيتجلى الجمال اليانع رسام بدرجة شاعر وشاعر بدرجة رسام. وللعبارة اشتعالها الباطن وللون ذوبانه الظاهر والمايسترو حسب بيريش دليل على جمالية التلاقح بين القصيدة واللوحة. ويضيف الأستاذ حسن قائلا: حمامتان تتناجيان وأذنين تسمعان الهديل هو ذا غلاف المايسترو عتبة أولى للولوج إلى مشهد شعري تشكيلي يتقاسمان الإحساس بالتناسق في الأولن والبهاء في الكلمات. هنا انتهت كلمات التقديم لحسن بيريش ليعلن الدكتور الطيب الوزاني اختتام التقديم والقراءة ويعطي الدور للزجال مصطفى مشبال ليلقي علينا قصائده الزجلية"مرتيل" و"اشتاقتلك" مهداة إلى أخيه أحمد و"اجراح اكبادي" و"صحوة ضمير" و"اللي يعرف يعرف الله" و"هاكدا حالي" ومن ثم توقيع الديوان للجمهور. متابعة: يوسف الحزيمري