بعيدا عن الفصحى كتابة وقريبا منها لهجة ومحبة، ذلكم هو الزجال التطواني مصطفى مشبال، منذ أن تعرفت عليه بالملتقيات الزجلية وهو صامت لا ينبس ببنت شفة، صمت يضفي عليه هيبة الفنان، لكن إذا تكلم تكلم إبداعا متجلي في قصائده الزجلية الرائعة. هو زجال إذا قلنا أنه مدرسة بحد ذاتها في مقابل الأندية الزجلية الموجودة بمدينة تطوان فلن نكون مغالين في الوصف ولا في التقدير، فمنذ أن خرج إلى جمهوره متوكأ على "عكاز الطريق" هذا الديوان الأول الذي عرج به إلى الدرويش ومن ثم إلى المايسترو "ثلاثيته الزجلية". فكان عكاز الطريق مشواره الأول مع أن أولى قصائده كانت سنة 1963م، هذا الديوان ضم العديد من القيم الساكنة في الزجال مصطفى مشبال ونتحدث عن أهما في نظرنا ألا وهي "قيمة الوفاء" فنجده وفيا لمسقط رأسه يتغنى بتطوان كلما سنحت له الفرصة ويتغنى بوطنه الأم المغرب، وتزداد قيمة هذا الوفاء حينما يوفي الرموز التي كانت لها بصمات في ميادين الفن والرياضة والثقافة عموما فلا ينساهم بقصائده المعبرة. عكاز الطريق أبان عن احترافية الرجل فقد قدم له عمود من أعمدة الزجل المغربي أحمد الطيب العلج وشهد بالتميز للرجل، وكذا المسرحي المقتدر رضوان احدادو، وعنه يقول الناقد حسن بريش" الزجال مصطفى مشبال يمتاز عن هؤلاء بقوة حضور التراث الشعبي التطواني في أشعاره، وقاموسه اللغوي الذي يعيد إحياء مفردات اللهجة التطوانية، التي لم تعد لها جاذبية على الألسنة، وصوره الشعرية التي تعيد الاعتبار للزجل التطواني"، وعن الديوان يقول الدكتور عبد اللطيف شهبون صاحب عمود بجريدة الشمال"عكاز الطريق.. إضمامة شعرية للزجال مصطفى مشبال، غير مفروغة أو منسوجة في القانون الفصيح.. هي إضمامة زجلية موسومة قصائدها بانطلاق واسترسال وميل إلى اللين بما يعنيه من انصراف عن الخشونة اللفظية.. وعلى المستوى الدلالي فإن قصائد الإضمامة تَنْشَدُّ إلى المعين القيمي إنسانيا ودينيا ووطنيا.." الكتابة الصحفية كتابة مسؤولة تحتكم إلى الأمانة العلمية في النقل والرواية، وعدم التردد في تصحيح مسار الكتابة متى ظهرت الحقيقة للعيان، وعند حديثنا مع الزجال مصطفى مشبال أخبرنا أنه كان المشرف الأول على فضاء الزجل بمؤسسة المسرح الأدبي قبل أن يتولاه رشيد الميموني، كما أنه من المبدعين لتظاهرة "عود وزجل". هكذا هو إذن الزجال مصطفى مشبال يصمت كثيرا ويخرج لنا ديوان آخر بعنوان الدرويش، وعند ملاحظة عناوين الدوواين ودلالاتها السيميائية نرى تواضعا ل وتدرجا في سلم الكتابة فمن عكاز الطريق إلى الدرويش ومن الدرويش إلى المايسترو هذا الديوان الأخير الذي احتفي به ضمن فعاليات مهرجان بصمات الدولي الحادي عشر للفنون التشكيلية بسطات الدورة(11)، الذي نظمته جمعية بصمات الشاوية ورديغة برعاية الملك محمد السادس. المهرجان الذي حضرته نخبة من الفنانين والممثلين وعشاق الفنون التشكيلية، حيث تم توقيع ديوان "المايسترو" للزجال مصطفى مشبال.