دار الشعر بتطوان تتوج الفائزين بجائزة الشعراء الشباب وتكرم الطلبة المشاركين في ورشات الشعر والتلاميذ الفائزين في مسابقة إلقاء الشعر استقبلت مدينة تطوان الشعراء المغاربة ومجموعة ناس الغيوان بالزغاريد، في افتتاح الدورة الثانية من مهرجان الشعراء المغاربة، الذي أقامته دار الشعر بتطوان أيام 4 و5 و6 ماي 2018. وافتتح وزير الثقافة والاتصال السيد محمد الأعرج وسعادة عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة فعاليات هذا المهرجان، يوم الجمعة رابع ماي الجاري، في مسرح سينما إسبانيول، الذي كرم الشاعر المغربي عبد الرفيع جواهري ومجموعة ناس الغيوان، في حفل شعري وفني كبير حضره أزيد من ألف من عشاق الشعر في مدينة تطوان.
افتتاح تاريخي أعلن وزير الثقافة والاتصال في حفل الافتتاح أن "هذا المهرجان الذي تنظمه دار الشعر بتطوان، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، يأتي تتويجا سنويا لعلاقات التعاون الثقافي التي تجمع وزارة الثقافة والاتصال بشركائنا في دائرة الثقافة بحكومة الشارقة، في دولة الإمارات العربية المتحدة". على أساس أن هذا المهرجان إنما يؤكد، بحسب الوزير، أن "الحوار الثقافي هو الأجدر بإقامة علاقاتِ التعاون والتبادل بين الدول، وأن الشعر هو أعمق أشكال التعبير الإنساني قدرة على إدامة الحوار والتعايش والتآلف بين الشعوب". كما ذهب وزير الثقافة والاتصال إلى أن دار الشعر بتطوان، وبعد سنتين من تأسيسها، قد صارت "واحدة من أكثر المؤسسات الثقافية حضورا في المغرب والعالم العربي، من خلال التظاهرات المتميزة والمحافل المنتظمة التي تقيمها في تطوان، وفي باقي المدن المغربية". ونوه وزير الثقافة والاتصال بالدور الذي تقوم به دائرة الثقافة في الشارقة في شخص سعادة عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة، والذي لا يدخر جهدا في دعم العمل الثقافي وتعزيز العلاقات التعاون الثقافي القائمة بين البلدين. أما سعادة عبد الله العويس، فقد أكد في كلمته، خلال حفل الافتتاح، أن "مشاعر الاعتزاز والوحدة العربية تتجدد وتتعزز كلما انعقد مهرجان للشعر العربي، يجمع شعراء الأمة العربية تحت كلمة صادقة، محبة لأوطانها، تجعل من الشعر نافذة أمل تطل إلى ما تصبو إليه من خير وأمان يعم أرجاء الوطن العربي الكبير". كما ذهب في كلمته إلى أن تطوان، "وانطلاقا من أصالتها، وحضارتها، ترحب بالشعر والشعراء، وتعلن دار الشعر فيها عن انطلاق مهرجانها الشعري في دورته الثانية، مؤكدة على العهد مع مبادرة إنشاء بيوت للشعر في أقطار الوطن العربي على الاستمرار في العطاء و الإبداع". ونقل سعادة عبد الله العويس إلى الوزراء والمسؤولين والشعراء والمشاركين "تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وتمنياته بالنجاح والتوفيق في هذا المهرجان، مباركا الجهود المبذولة من قبل بيوت الشعر في الوطن العربي، معربا سموه عن سعادته بانطلاق هذا المهرجان في ظل رعاية سامية من جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، الأمر الذي يؤكد على متانة العلاقات التاريخية بين دولة الإمارات العربية المتحدة و المملكة المغربية". وحضر حفل افتتاح الدورة الثانية من مهرجان الشعراء المغاربة وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج، وعامل صاحب الجلالة على إقليمتطوان السيد يونس التازي، وكاتبة الدولة لدى وزير السياحة والنقل الجوي والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، إلى جانب وفد إماراتي يتقدمه رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة عبد الله العويس، والسيد محمد القصير مدير الشؤون الثقافية في الدائرة، والشاعر محمد البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة، والملحق الدبلوماسي بسفارة الإمارات العربة المتحدة في الرباط السيد علي الزعابي، وسكرتير سفارة الإمارات في الرباط السيد عيسى البلوشي. وكرم المهرجان في حفل الافتتاح الشاعر عبد الرفيع جواهري، أحد رموز الشعر المغربي الغنائي، ومبدع كلمات روائع الأغاني المغربية الخالدة، مثل "القمر الأحمر" و"راحلة" و"قوص الأشواق" و"ميعاد"، وغيرها. وبحضور فرقة أصدقاء دار الشعر للموسيقى العربية، قرأ الشاعر عبد الرفيع جواهري قصيدته على إيقاع وألحان الأغنية، كما لحنها الموسيقار الراحل عبد السلام عامر وأداها الفنان عبد الهادي بلخياط. خَجُولاً أَطَلَّ وَرَاءَ الجِبَال وَجَفْنُ الدُّجى حوله يَسْهَرُ وَرَقْرَاقُ ذَاكَ العَظِيمُ عَلى شَا طِئَيْهِ ارتمى اللَّحْنُ والِمزْهَرُ وَفِي مَوْجِهِ يَسْتَحِمُّ الْخُلُود وَفِي غَوْرِهِ تَرْسُبُ الْأَعْصُرُ خَشُوعاً أَطَلَّ كَطَيْفِ نَبِي وَفِي السَّفْحِ أُغْنِيَةٌ تُزْهِرُ تُوَقِّعُهَا رَعَشَاتُ الغُصُون يُصَلِّى لَهَا لَيْلُنَا الْأَسْمَرُ تُسَائِلُنِي حُلْوَةُ الوَجْنَتَيْنِ يُسَائِلُنِي طَرْفُهَا الْأَحْوَرُ وَفِي السَّفْحِ تَاهَ عَبِيرُ الأَمَاسِي وَفِي أُفْقِنَا يَسْهَرُ الْقَمَرُ ليسهر جمهور تطوان مع حفل افتتاح تاريخي شهدته تطوان بمناسبة افتتاح الدورة الثانية من مهرجان الشعراء المغاربة، مع سهرة فنية أحيتها الفنانة فاطمة الزهراء القرطبي، وهي تؤدي بعضا من روائع القصائد العربية الأصيلة. وبعدها، انطلقت الأمسية الشعرية الافتتاحية الكبرى، مع الشاعر عبد الرفيع جواهري والشاعر صلاح الوديع والشاعرة سميرة فرجي. وبعد تكريم مجموعة ناس الغيوان، أحيت هذه المجموعة الغنائية التي غيرت مجرى تاريخ الأغنية المغربية، سهرة الافتتاح، وهي تؤدي أغانيها الشهيرة، حيث استقبلها سكان تطوان بالزغاريد، وردد معها الحضور الكبير تلك الأشعار الشعبية التي كتبت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ولا يزال المغاربة يحفظونها عن ظهر قلب.
الشعر والإعلام انطلق اليوم الثاني من المهرجان بتنظيم ندوة مركزية حول "الشعر في مرايا الإعلام"، بمشاركة الباحث عبد المالك عليوي، الذي تتبع حضور الشعر في الصحافة المغربية، من خلال الملاحق والصفحات الثقافية، وكيف ارتبط سؤال الحداثة في الشعر المغربي بالصحافة، من خلال نشر المتون الشعرية الجديدة، مجيبا عن أسئلة الندوة، من قبيل كيف كانت الصحافة حاضنة لتحولات القصيدة المغربية ومخاضاتها، حيث نشرت الصحف قصائد الشعراء التابعين والمحدثين، وكيف خصصت صفحات وملاحق لإبداعات الشعراء، ومواقف النقاد منها، مثلما كانت مسرحا لسجالات نقدية فاصلة ما بين التيارات الأدبية المتدافعة. كما أفردت الصحف الوطنية مساحات لاستكشاف الأصوات الشعرية الجديدة والتعليق على محاولاتها ومناقشتها. أما الشاعر والخبير في علوم الإعلام عبد الوهاب الرامي، عبد الوهاب الرامي، فقد وظف خبرته في حقل الإعلام ليكشف عن تجليات الشعري في الإعلامي وتمظهراته، وهو يقدم إجابة عن كيف يمكن للشعر أن يفرض حضوره، إعلاميا، أمام فيض الوسائط المرئية والتفاعلية الجديدة، من مواقع وقنوات وتطبيقات وشبكات تواصلية تذرع الفضاءات الحقيقية والافتراضية سواء بسواء؟ وهل بتنا في حاجة إلى "شعر جديد" يظهر في مرايا ما يعرف ب"الإعلام الجديد"، باعتباره ثمرة لقاء ما بين تكنولوجيا الاتصالات وشبكات التواصل الرقمية؟ ثم وكيف أمكن لهذا الإعلام الجديد "التفاعلي" أن يفلح في نقل الآداب والفنون، وأن يضمن تداول الإبداع الشعري على نطاق واسع، إلى جانب نقل الأخبار والمعلومات؟ أليست دوافعنا تجاه الإعلام هي دوافع وجدانية أيضا، مثلما هي اجتماعية ومعرفية؟ من جانبها، قدمت الإعلامية المغربية أسمهان عمور تجربتها في حقل الإعلام الثقافي، من خلال اشتغالها في الإذاعة الوطنية مدة ثلاثة عقود من الزمن، إلى جانب اشتغالها مع وسائل إعلام وقنوات عربية ودولية، مستعرضة تجاربها في تقديم عدد من البرنامج الثقافية. أما الشاعر والإعلامي المغربي محمد بشكار، فقدم تجربته الزاخرة مع جريدة العلم، منذ نشر فيها نصوصه الشعرية الأولى، حتى أصبح مسؤولا عن قسمها الثقافي وعن "الملحق الثقافي" لجريدة العلم، باعتباره مدرسة تخرج منها جل الكتاب والشعراء المغاربة، منذ منتصف القرن الماضي. بينما سير أشغال الندوة الشاعر نجيب خداري، الرئيس السابق لبيت الشعر في المغرب، والمسؤول السابق عن هذا الملحق الثقافي.
تكوين وتكريم وتوجت الجلسة الصباحية بتكريم الطلبة المستفيدين من "ورشة الكتابة الشعرية"، التي أطرها الناقد محمد الفهري والشاعر حسن مرصو، وكانت الورشة عبارة عن دورة تكوينية حول "عروض الشعر وموسيقاه". وجرى تكريم الطلبة الباحثين بحضور رئيس دائرة الثقافة في حكومة الشارقة عبد الله العويس، الذي سلم شهادات للمشاركين في هذه الورشة التكوينية التي أقيمت على مدى ستة أشهر، واحتضنها مقر دار الشعر بتطوان كل أسبوع. وفي المساء، جرى افتتاح معرض شعري تشكيلي بعنوان "معلقات معاصرة: الشعر المغربي في أوراق تشكيلية"، في قاعة ماريانو بيرتوتشي بتطوان، وهو معرض جماعي أبدعه طلبة المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان، وأشرف عليه الفنان التشكيلي عبد الكريم الوزاني والفنان التشكيلي حسن الشاعر. معرض تشكيلي معاصر اشتغل فيه الطلبة الفنانون على مجموع القصائد الشعرية التي ألقاها الشعراء المشاركون في هذه الدورة من مهرجان الشعراء المغاربة، من خلال لوحات وأعمال فنية وشعرية. وقد اشتغل المعرض على الورق، بما هو جسد القصيدة، ليصبح موضوعا لاشتغال فني. على أساس أن الورقة هي الأرض المشتركة ما بين الشاعر و التشكيلي، هنا حيث يرقى التشكيلي بالقصيدة إلى مادة فنية بصرية، ليجعلنا نشاهد القصيدة، لا أن نقرأها أو ننصت إليها فحسب.
أصوات ولغات بعد ذلك، انطلقت بمدرسة الصنائع والفنون الوطنية بتطوان الجلسة الثانية، وهي جلسة للتنوع بعنوان "الشعراء المغاربة: أصوات ولغات"، شارك فيها كل من حسن مكوار باللغة الإنجليزية، والشاعر محمد وكرار بالأمازيغية، والشاعرة فاطمة الغالية الشرادي بالحسانية، والشاعرة عائشة البصري بالعربية، والشاعر مراد القادري بالزجل، والشاعر رشيد خالص بالفرنسية. هي جلسة شعرية حرص مهرجان الشعراء المغاربة على تنظيمها، منذ دورته الأولى، انطلاقا من أن ما يميز الشعر المغرب هو هذا الغنى والتعدد اللغوي واللهجي، الذي يضعنا أمام هويات شعرية متنوعة الروافد والمنابع والامتدادات. صباح يوم الأحد، انطلقت الجلسة الثالثة بمشاركة العياشي أبو الشتاء والشاعر عبد الوهاب الرامي والشاعر عمر الأزمي، من خلال نصوص شعرية جمعت ما بين الغنائية والاشتغال الفني والدرامي، والعناية بالأوزان والمجازات والصور.
مدرسة الشعر وخلال اليوم الثالث من المهرجان، جرى تتويج التلاميذ الفائزين في مسابقة "إلقاء الشعر"، التي نظمتها دار الشعر بتطوان بتعاون مع المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بتطوان، حيث قدم مدير إدارة الشؤون الثقافية في حكومة الشارقة السيد محمد القصير ومدير بيت الشعر في الشارقة محمد البريكي جوائز للفائزين في هذه المسابقة الشعرية التربوية. وقد أشرفت على هذه المسابقة لجنة تحكيم ترأسها الأستاذ الشاعر محسن أخريف، بعضوية الأستاذ والفنان هشام الزبيري والأستاذ والمسرحي مصطفى استيتو. حيث تبارى نحو 20 تلميذا في المسابقة وتنافسوا في قراءة قصيدتين للشاعر عبد الرفيع جواهري، الذي نكرمه في الدورة الحالية من المهرجان، ويتعلق اّلأمر بقصيدة "القمر الأحمر"، الشهيرة، وقصيدة "تحت قباب طائها"، التي كتبها الشاعر عن مدينة تطوان. وقد تم تتويج خمسة فائزين اعتبارا لمجموعة من المعايير، وفي مقدمتها سلامة اللغة ودقة النطق بالأصوات، وضبط إيقاع القصيدة، وتمثل صورها، مع جمالية الأداء، وقوة الحضور. مسابقة استضافها مقر دار الشعر بتطوان، إلى جانب سلسلة من الورشات واللقاءات التي جعلت من دار الشعر في تطوان "مدرسة للشعر".
جائزة دار الشعر في المساء، كان الموعد مع حفل اختتام الدورة الثانية من مهرجان الشعراء المغاربة، من خلال أمسية شعرية شارك فيها كل من الشاعر محمد عريج والشاعرة أمل الأخضر والشاعر محمد بشكار. وعلى إيقاع فرقة أفنان للموسيقى، جرى اختتام المهرجان، بالإعلان عن الفائزة في الدورة الثانية من جائزة الديوان الأول للشعراء الشباب، التي تنظمها دار الشعر ضمن برنامج هذا المهرجان. وقد أشرفت على تحكيم هذه الجائزة لجنة ترأسها الشاعر العياشي أبو الشتاء، وبعضوية الشاعرة أمل الأخضر والشاعر محمد بشكار. وجاء في قرار اللجنة أنه، و"بعد تداول أعضاء اللجنة الموكول إليها فحص المجاميع الشعرية المرشحة لنيل جائزة دار الشعر بتطوان للشعراء الشباب، اتضح أن الدواوين التي استحقت التتويج جمعت بين أفق حداثي في كتابة الشعر يشتغل بحس ذكي على اليومي دون السقوط في المباشرة مع توظيف المجازات بأنواعها، في نفس الآن حافظت على قالبها الجمالي المتوارث عن الكتابة الشعرية العربية الكلاسيكية، وتحديدا في بعدها الإيقاعي العروضي". من هنا استقر رأي اللجنة على منح الجائزة الأولى لديوان "زهرة الفم" لمصطفى رجوان. وعادت الجائزة الثانية لديوان "الحارة الشعبية" لأسامة زروق. وكانت الجائزة الثالثة مناصفة بين ديوان "كبوة أمل" لعبد الغفور أحمد العوداتي، و"هل اتاك حديث القافية" لياسين بوعبسلام. بينما نوهت اللجنة بديوان "وساوس الفصول" لرباب بنقطيب. ليسدل الستار على الدورة الثانية من مهرجان الشعراء المغاربة بتتويج الشعراء الشباب الفائزين بجائزة دار الشعر، وبتتويج سنة من الشعر في دار الشعر بتطوان.