مهنيو المسرح بالصحراء يدقون ناقوس الخطر قدمت مساء أمس فرقة أوديسا بمدينة العيون آخر عروض عملها المسرحي الجديد "عمل صغير لبهلوان مسن" الذي يندرج ضمن برنامج توطين الفرقة بدار الثقافة أم السعد، وقد عرف العرض حضورا لا بأس به للجمهور المتعطش للمسرح رغم تواضع القاعة التي قدم بها العرض التي لا ترقى لاستقبال حتى اجتماع عادي فبالأحرى عرض مسرحي يتطلب وجود خشبة تتوفر فيها الشروط والمعايير المتعارف عليها لاستقبال العروض المسرحية. وتعد مدينة العيون تكون من بين مدن الصحراء التي لا تتوفر على قاعة عرض أو مسرح يستجيب لشروط ومتطلبات المشتغلين في القطاع الذين دعوا الوزارة الوصية على القطاع للتعجيل بانجاز مسرح يتجاوب مع انتظارات أزيد من عشر فرق مسرحية تنشط بمدينة العيون التي يتجاوز تعداد ساكنتها الْمِئتين وأربعين ألف نسمة. واعتبر توفيق شرف الدين، رئيس الفرع الجهوي للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بالأقاليم الجنوبية، أن وزارة الثقافة غير جادة في إعطاء دفعة لقطاع المسرح بالأقاليم الجنوبية ولا أدل على ذلك من عدم استجابتها لمطالب المهنيين بتوفير قاعات للعروض بمدن الصحراء على غرار تلك المتواجدة بمدن الشمال. وأوضح شرف الدين أن مدن العيون وطانطان وكليميم وبوجدور وطرفاية، محرومة من متابعة الأعمال المسرحية في ظروف ملائمة بالنظر لعدم توفر هذه المدن على دور للثقافة أو قاعات للعروض المسرحية. واعتبر رئيس الفرع الجهوي للنقابة أن الوزارة تقصي الأقاليم الجنوبية من الاستفادة من مثل هذه البنيات الأساسية لكل ممارسة احترافية. ومن جانبه اعتبر عبد القادر اطويف، رئيس فرقة أوديسا للمسرح، أن الفرقة التي استفادت من دعم في إطار توطين الفرقة بدار الثقافة أم السعد تعاني من هذا المشكل بشكل كبير. فالفرقة تشتغل في ظروف غير احترافية بالنظر لعدم تجهيز قاعة العرض كما تعهدت بذلك الوزارة، وتضطر لاستجداء مؤسسات ومصالح للترخيص لها بالعرض في قاعات لا تتوفر على أدنى شروط العرض المسرحي من خشبة وإضاءة وكواليس وغيرها. وأضاف أطويف أنه على الوزارة الحسم في هذا الوضع وتوفير الظروف الملائمة للعمل الإحترافي، فالفرقة نفذت جميع التزاماتها رغم جميع الإكراهات والمعيقات ولا زالت تنتظر. وفي سياق متصل اعتبر عبد الرحمان الزاوي، رئيس فرقة بروفا للفنون المشهدية، أن المسرح الحساني عرف في السنوات القليلة الماضية طفرة مهمة بفضل حب وتضحيات المشتغلين فيه من كتاب ومخرجين وممثلين وتقنيين، غير أنهم جميعا ينتظرون أن تولى لهم عناية واهتمام خاصين من طرف الجهات المسؤولة، وذلك عبر تخصيص دعم للفرق المسرحية التي تعاني الى جانب انعدام البنيات التحتية، من اكراهات مرتبطة بكثرة المصاريف المرتبطة بالتنقل في ظل شح الدعم المخصص للفرق العاملة في الصحراء مقارنة مع نظيرتها التي تشتغل في باقي مدن وجهات المملكة. وأوضح الزاوي أن الفرق المسرحية بالصحراء مطالبة بتقديم عروض بمدن بوسط وشمال المملكة ما يُكبِّدها مصاريف كثيرة للتنقل سواء جواً أو براً، في وقت الفرق الأخرى معفية من هذه التكاليف الإضافية لكونها تقدم عروضها بمدن لا تبعد عنها سوى بعشرات الكيلومترات. ومن جهته آخذ سالم البلال، عضو المجلس المركزي للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، على مسؤولي وزارة الثقافة بالرباط إقصاءهم وتهميشهم للفرق المسرحية الحسانية بتعمد تغييبه عن المشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح الذي سينطلق غدا بتطوان. وأوضح البلال أن الثقافة واللهجة الحسانية مقصية من برنامج الدورة 18 للمهرجان، وقامت إدارته ببرمجة عرض مسرحي واحد على الهامش وبمنطقة بعيدة عن المدينة التي تحتضن فعاليات هذه التظاهرة. ودعا عضو النقابة ورئيس جمعية نشيطة في مجال المسرح الاحترافي الوزير للتدخل لتصحيح هذا الوضع وإيلاء الفنان والثقافة الحسانية الاهتمام الذي تستحق كمكون من مكونات الثقافة المغربية المتنوعة الروافد. ودعا رؤساء الفرق المسرحية وممثلو الفنانين والتقنيين بالنقابة المسؤولين المحليين والجهويين من عمال وولاة ورؤساء جهات وجماعات محلية ووكالة الجنوب لإدراج مختلف الفنون وخاصة المسرح ضمن اهتماماتهم والاعتناء بهذا القطاع الذي أصبح يشغل العديد من الشباب سواء في الانتاجات المسرحية أو الدرامية الموجهة للتلفزيون والسينما. وأكدوا على أن الاهتمام والعناية لا بد أن تمر عبر النهوض بأوضاع الفنان وتوفير البنيات التحتية الأساسية لنشر الثقافة والفن باعتبارهما أنجع الوسائل للرقي بمعارف وذوق المواطن.