في السياسة كل شيء ممكن و تغيب الأخلاق عندما تتعارض مع المصالح، حيث نجد في الفصل ال 18من كتاب الأمير ، أن ميكيافيلي ينصح الأمير بتقليد عالم الحيوانات في المزاوجة بين القوة، وهي صفة الأسد، «ليخيف الذئاب»، بتعبير ميكيافيلي، وبين المكر، وهي صفة الثعلب، ليتجنب السقوط في الشراك التي يسقط فيها الأسد، ومن يعول على أن يكون أسدا فقط، فهو لا يفهم الأمور جيدا»... فالنسبة إلى الأمير فإن «الغاية تبرر الوسيلة»، وهذه حقيقة لا تنقضها أي فكرة أخرى، فإذا كانت غاية الأمير هي الحفاظ على إمارته، فإن حكم عامة الناس على الوسائل التي يعتمدها في سبيل الحفاظ على هذه الغاية يبقى حكما سطحيا، فالفضيلة والرذيلة ليستا قيمتين ثابتتين، فإن تمكن الأمير من الحفاظ على وحدة إمارته، ذكر التاريخ إنجازه، وإن فشل سجل التاريخ فشله، وفي جميع الحالات، لا يسجل التاريخ الوسائل.. وفي الفصل ال19، نجد ميكيافيلي يعرّف السياسة على أنها «فن الممكن»، ففي المجتمع، هناك بشر يسيطرون على بشر، ومجمل الوسائل التي تجعل السيطرة ممكنة ودائمة يسمى سياسة. و نظرة خاطفة لواقع المشهد السياسي المغربي تحيلنا على أن التدافع السياسي و ممارسة الصلاحيات مازال لم يأخذ طابع الجدية و المسؤولية للتوجه نحو تحقيق دولة الحق و القانون و المؤسسات ، فرئيس الحكومة يعتكف في منزله عوض استمراره في مواجهة مناورات أخنوش الذي صعد للواجهة السياسية كفاعل محوري أكد وفق المعطيات و الواقع الحالي أنه قادر على خلق ارتباك لإثبات الذات بسرعة كقيادي مستعد للمواجهة السياسية سواء مع بنكيران المتمرس على المناورات و إلحاق الهزائم السياسية بخصومه ،أو مع فاعل آخر ينافسه على المواقع و هو حزب الأصالة و المعاصرة بقيادة إلياس العماري. و في النهاية فإن البلوكاج الذي تسبب فيه أخنوش هو بمثابة تمرين لقيادي يدخل بقوة لمعترك السياسة قادما من عالم المال و الأعمال ، و تلميع لصورته و إعداده لأدوار مستقبلية في إطار التناوب و التداول على السلطة الحكومية ،وهذا مافطن به رئيس الحكومة السيد بنكيران مما جعله يلين من مواقفه ضد السيد أخنوش تمهيدا لتشكيل حكومة قوية ومنسجمة لن تتعدى أربعة أحزاب و هي حزب العدالة و التنمية و حزب الاستقلال و حزب التقدم و الاشتراكية و حزب التجمع الوطني للأحرار . أما اعتراض أخنوش على حزب الاستقلال فما هو إلا مناورة سياسية لوقف طموحات حزب الاستقلال الكبيرة ، ثم إثبات أنه قادر على المعارك السياسية و لو مع أشرس و أعتا حزب تاريخي عتيد و له شرعية تاريخية و شعبية و دولية ممتدة تتجاوز 80 سنة . الحكومة لن تتعدى 25 وزيرا و ربما أقل إذا ما تم تنفيذ توجيهات جلالة الملك محمد السادس التي تنتصر لحكومة قوية و منسجمة ببرنامج و رؤية واضحة لن تتعدى تشكيلتها أربعة أحزاب في اعتقادي ، و الأسبوع القادم كفيل بتوضيح الرؤية لتتضح معالم الحكومة التي يخطط لها لقيادة المغرب لولوج نادي الدول الديمقراطية و الدول الصاعدة الأربعين بقيادة الملك رئيس الدولة في ظرف خمس سنوات .