نددت فعاليات إعلامية وسياسية وحقوقية عديدة في المغرب استمرار اعتقال الصحفي رشيد نيني، مدير جريدة المساء، والذي يعد أحد أشهر الصحفيين المغاربة وكاتب أشهر عمود صحفي مثير للجدل بالمغرب، بسبب نشره مقالات صحفية تكشف خبايا الفساد في البلاد وتتعرض لبعض الشخصيات وأجهزة السلطة في المملكة المغربية. وكانت المحكمة المختصة بمحاكمة نيني قد جددت الثلاثاء 3-5-2011 حبس رشيد نيني- المعتقل منذ يوم الخميس الماضي- إلى يوم النطق بالحكم في 6 مايو الجاري، على الرغم من وجود كل الضمانات بحضور الصحفي وعدم مغادرته للبلاد، الأمر الذي أثار استغراباً وتساؤلات عديدة لدى طاقم دفاع نيني. ووجهت إلى نيني تهم في إطار القانون الجنائي، وهي "تحقير مقرر قضائي ومحاولة التأثير على القضاء، والإبلاغ عن وقائع إجرامية غير صحيحة". واعتبر المتضامنون مع الصحفي المغربي أن اعتقاله لا يستند على أي أساس قانوني، وأن قرار حبسه ووضعه رهن الاعتقال في انتظار محاكمته هو قرار سياسي يجسد رغبة بعض الجهات في عرقلة مسار الإصلاح بالبلاد. مطالب حقوقية وفي هذا السياق، عبر الباحث السياسي الدكتور محمد ضريف عن رفضه المبدئي لاعتقال الصحفي بسبب أفكاره أو مقالاته التي يكتبها، مشيراً إلى أن هذا الاعتقال قد يؤشر إلى عودة الهاجس الأمني الذي كان سائداً من قبل في البلاد. وبين ضريف إن الصحفي من حقه أن يتكتم عن مصادره المهنية ويحميها ولا يكشفها لأي كان، باعتبار أن هذا من أخلاقيات المهنة ومعاييرها التي تؤطرها في كل البلاد الديمقراطية. بدوره، أكد الدكتور خالد الشرقاوي السموني، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، أن قرار اعتقال الصحفيين لا يتماشى مع ما يطالب به الحقوقيون المغاربة عامة من إلغاء للعقوبات التي تسلب حرية الصحفي مهما كان الشيء الذي يكتبه ما دام لا يتجاوز الإطار القانوني. وقال السموني في تصريح خاص ل "إسلام أون لاين" إن ما حدث من اعتقال ومحاكمة للصحفي نيني يعد ضرباً لحرية الصحافة في البلاد، واستدرك بقوله إن ما يجب أن يحدث هو فتح تحقيقات رسمية فيما أشارت إليه جريدة المساء ومديرها من ملفات الفساد بدلاً من ملاحقة الصحيفة. وشدد السموني على أن محاكمة الصحفيين لا يمكن أن تكون وسيلة لكبح جماح الإصلاح وفضح الفاسدين في كل مكان وكل قطاع، مضيفاً أن دور الصحافة يتجلى أساسا في توعية المواطنين وتنويرهم، وإبراز الحقائق التي تساعد على الإصلاح لتحقيق الديمقراطية المرجوة. يذكر أن عمود نيني الصحفي "شوف تشوف" يغطى منذ اعتقاله باللون الأسود، انتظاراً لعودة صاحبه المعتقل على ذمة التحقيق. ضرب حرية الصحافة واعتبر بيان صدر مؤخراً عن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، "أن قرار اعتقال الصحفي نيني ومنعه من السفر بحسب ما جاء في بلاغ الوكيل العام للملك بهذا الخصوص، إجراء لا يستند على أساس قانوني". وأوضح البيان أن "حيثيات الاتهام ارتكزت على قضايا النشر، مما يعني أن الأمر يتعلق بممارسة الرأي والصحافة، وهو ما لا يعطي الحق للنيابة العامة بإصدار أمر الاعتقال أو حظر السفر". وطالبت نقابة الصحافة المغربية بإطلاق سراح نيني وباحترام القانون، منددة بما سمتها "الممارسات القمعية" لكونها تعد "تراجعاً وعودة إلى الوراء، في الوقت الذي ينتظر فيه المجتمع إصلاحاً لقانون الصحافة والالتزام بالقوانين من قبل كل الأطراف، بما فيها الأمنية والقضائية" على حد تعبير البيان. وعبرت نقابة الصحافة المغربية عن كامل تضامنها مع طاقم جريدة المساء ومديرها رشيد نيني، ووصفت ما حدث أنه تراجع خطير عن الوعود التي أطلقتها الحكومة لضمان حرية التعبير وسيادة القانون والقطع مع عهد إرهاب الصحفيين والتضييق عليهم. وحذرت النقابة السلطات المغربية من مغبة أن يفضي قرار اعتقال ومحاكمة نيني إلى "الإساءة إلى صورة المغرب لدى المنظمات المهتمة بحرية التعبير وحماية حرية الصحافة وحقوق الإنسان". ومن جانبها، استنكرت الفدرالية المغربية للإعلام وضع رشيد نيني رهن الحراسة النظرية في حالة اعتقاله ومتابعته القضائية بسبب ما يكتبه وتنشره جريدته، مناشدة جميع العقلاء بالكف عن التضييق وقمع الصحافة المستقلة في البلاد. وكان صحفيون وإعلاميون مغاربة قد نظموا في بعض المدن مثل الدارالبيضاء وطنجة ومراكش وغيرها وقفات تضامنية مع نيني، رافعين شعارات تطالب بالكف عن قمع الصحافة ومحاولة التضييق عليها ما دامت مصدراً لكشف ملفات الفساد الذي ينخر قطاعات رئيسية في المجتمع.