رئيس الجماعة الحضرية لتطوان يخبط خبط عشواء في تدبير هذا الملف وتدخل السلطات الوصية أصبح ملحا من المعروف أن رئيس الجماعة الحضرية لتطوان، السيد محمد إدعمار، يتعمد كلما أثير ملف شائك، يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة على الساكنة، إلا وبادر إلى إسناد مهمة تدبيره إلى أحد نوابه، فإذا نجح نسب النجاح إلى نفسه، وإذا فشل تملص من المسؤولية ونسبها إلى نوابه "الذين لا يحسنون التدبير"، على حد تعبير الرئيس، ويتعلق الأمر خصوصا بكل من ملف سحب الرخص من مستغلي سوق الإمام مالك الذي أسنده لنائبه الخامس، السيد محمد اسريحن، ثم ملف التدبير المفوض لقطاع النظافة الذي تكلف به نائبه التاسع، السيد سعيد بنزينة، وأخيرا ملف النقل الحضري الذي أوكله إلى نائبه الثالث، السيد محمد أرحو، وهم جمع من النواب المنتمين إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ولا أحد منهم ينتمي إلى حزب العدالة والتنمية الذي هو حزب الرئيس، حيث أن نائبه التاسع كان في الوقت الذي أسند له ملف النظافة مازال ينتمي إلى حزب الوردة، قبل التحاقه بحزب المصباح السنة الماضية.. مناسبة هذا الاستهلال هو تداعيات الفشل الذريع الذي منيت به الجماعة الحضرية في تدبير ملف النقل الحضري بعدما رفضته وزارة الداخلية بسبب عدم خضوعه للمساطر القانونية المنظمة لتسيير هذا القطاع ما بين الجماعات، حيث إن الرئيس محمد إدعمار من أجل الخروج من هذه الورطة التي وضع فيها ساكنة الجماعة فوض لنائبه الاتحادي محمد أرحو مهمة التفاوض مع أرباب النقل الحاليين من أجل تمديد العقد لفترة انتقالية جديدة، إلى حين البحث عن حلول بديلة لإخراج هذا الملف من الباب المسدود الذي أوصله إليه إدعمار بسبب جهله بالمساطر القانونية المنظمة للتدبير الجماعي. وكانت بداية هذه المفاوضات عن طريق توجيه استدعاءات لأرباب النقل توصلوا بها يوم السبت 28 دجنبر 2012 تحمل توقيع باشا المدينة الجديد، ولا تتضمن هذه الاستدعاءات أي موضوع محدد، ولا تشتمل على جدول الأعمال المطروح للنقاش، وحدد يوم الاجتماع يوم الإثنين 31 دجنبر 2012، وهو اليوم الذي يصادف اليوم الأخير من الفترة الانتقالية التي تنتهي معها المدة الممنوحة لأرباب النقل قصد فسح المجال للشركة التي كان يعتقد أنها فازت بصفقة التدبير المفوض لقطاع النقل، حسب الاتفاقية التي أبرمها معهم رئيس الجماعة الحضرية لتطوان بتاريخ 24 شتنبر 2012 وهو التاريخ الذي تنتهي فيه صلاحية العمل بعقود الامتياز الممنوحة لأرباب النقل. وخلال اليوم المحدد للاجتماع حضر بعض رؤساء شركات النقل إلى جانب ممثلي شركات أخرى لم يحضر رؤساءها، حيث فوجئوا بكل من الكاتب العام لولاية تطوان وباشا مدينة تطوان والنائب الثالث لرئيس المجلس البلدي لتطوان يطالبونهم بالتوقيع على تمديد فترة تدبيرهم لهذا القطاع لمدة ثلاثة أشهر إضافية، فوقع بعض ممثلي الشركات فيما رفض الآخرون التوقيع على هذه العقود. وأمام هذا المستجد بادر أرباب النقل بتطوان إلى تنظيم اجتماع طارئ لمناقشة هذه الوضعية الجديدة، فاستقر رأيهم على رفض التوقيع على هذه العقود، التي اعتبروها مجحفة، لأنها تتضمن شروطا لا يمكن الوفاء بها، نظرا لقصر مدة التمديد التي منحت لهم، فضلا أن عددا من أرباب النقل كانوا قد شرعوا في تصفية شركاتهم، وبالتالي فإنه من المستحيل بالنسبة لهم توفير أسطول جديد لمدة محدودة، واعتبروا أن توقيعات ممثليهم غير قانونية لانعدام الصفة لديهم للتوقيع على مثل هذه العقود، فضلا عن كونها قد تمت تحت الضغط من طرف السلطة، بالإضافة إلى أن من وقعها إلى جانبهم هو النائب الثالث لرئيس المجلس الجماعي لتطوان الذي بدوره تنعدم فيه الصفة القانونية لتوقيع مثل هذه العقود. وأمام هذا الرفض الصريح، اضطر رئيس المجلس الجماعي لتطوان، إلى الدعوة إلى اجتماع ثاني تم خلال يوم 17 يناير الجاري، حضره إلى جانبه باشا مدينة تطوان، وجميع أرباب النقل الذين أدلوا له بمذكرة تحمل توقيعاتهم (نتوفر على نسخة منها)، والتي تتضمن شروطهم من أجل التوقيع على عقود التمديد، وهذه الشروط يمكن تلخيصها فيما يلي: أولا: حول مصير العمال والمستخدمين العاملين بقطاع النقل الحضري: حيث اعتبرت المذكرة أن عبارة "أسبقية" الواردة في اتفاقية التدبير المفوض لقطاع النقل الحضري، غير ملزمة للمفوض له فيما يخص إلزامية تشغيل جميع العمال والمستخدمين المنتمين للشركات الحالية، مما يفتح الباب أمام تأويلات عديدة. من شأنها تشريد العشرات من الأسر العاملة بهذا القطاع. ثانيا: حول وضعية الشركات العاملة بقطاع النقل: حيث اعتبرت المذكرة أن الفترة الانتقالية قد انعكست سلبا على هذه الشركات، وعلى السير العادي بها، بسبب حالة الترقب التي سادت خلال هذه المرحلة، وبالتالي اعتبرت هذه الشركات أن فترة التمديد القصيرة الممنوحة لهم أمر مستحيل، لأن الاستثمار في قطاع النقل يتطلب التوفر على حق استغلال لمدة طويلة، واضحة المعالم، حتى يتسنى وضع مخطط متكامل للتسيير وتوفير مستلزمات العمل، فلا يمكن الاستثمار في فترات متقطعة تأتي فجائية بدون أي برنامج واضح. ثالثا: الحجوزات القضائية المترتبة عن الملفات الاجتماعية: حيث دعت المذكرة إلى إيقاف جميع الحجوزات على الحافلات وبيعها في المزاد العلني، بناء على أحكام قضائية، لأن ذلك يعني عجز الشركات عن تأمين خدمات النقل بالخطوط التي تستغلها، مما سيؤدي إلى تضرر فئات عريضة من المواطنين، ولا سيما التلاميذ والطلبة والعمال. رابعا: التهديد بإيقاف العمل خلال مدة أقصاها نهاية شهر مارس المقبل: وذلك في حالة عدم تمكينهم من عقود جديدة طويلة المدى تسمح لهذه الشركات بالمزيد من الاستثمار. محمد مرابط لتطوان نيوز