لقد ترعرعت في طفولتي داخل مجال قرية امرسان تابعة لجماعة السوق القديم بتطوان وهي قرية جبلية نائية ومهمشة لا تتوفر على أدنى خدمات البنيات التحتية وفي ظل هذه الظروف القاسية أرغمت على الرحيل للبحث عن سبل عيش كريم الى فضاء المدينة منذ حوالي عشرين عاما خلت وخلالها تكونت وخضت العديد من التجارب وسعت مداركي ونمت بعض من قدراتي وأضحيت في الآونة الأخيرة أفكر مليا في العودة الى قريتي بعدما اعتقدت أن الظروف تغيرت وأن الادارة والجماعة وغيرها من المصالح المرتبطة بالبادية تغيرت بدورها لكنني اكتشفت أن واقع الحال لم يتغير بل لربما لا أبالغ ان قلت أن الأحوال ساءت لنتيجة واحدة هو انتشار الفساد وغياب الاصلاح . كهذا اذن هو حال جماعة السوق القديم في ظل تجربة المكتب المسير لشؤونها منذ ما يقرب على اثني عشر سنة حيث نلاحظ ان المستشارين المعتمد عليهم في التدبير لا يتوفرون على ادنى مستويات التأهيل أو التكوين فكيف نتصور نهوض الجماعة باعتمادها على مستشارين ليست لهم نظرة استراتيجية للنهوض بالبادية بالمنطقة ولم يدركوا حتى مرامي المخطط الجماعي فيكفي أن نلقي نظرة ودراسة لو ميدانية على أحوال الساكنة نكتشف أن البنيات التحتية الى عهد الاستعمار وظلت جل القرى تفوق اثني عشر غير مرتبطة بالمجال الطرقي لفك العزلة عنها وإذا استثنينا برنامج الكهربة والذي بدوره يصادف صعوبات جمة تتعلق بالصيانة وتخلف المعدات وتلفها بل هناك بعض القرى لم ترتبط بعد بالمد الكهربائي . كما صادفت حاليا أهم المعيقات التنموية التي لم يدرك مراميها للأسف المكتب المسير للجماعة بدون شك التعليم متخلف لأسباب متعددة لعل أهمها تخلف المدارس بل وانعدامها في بعض القرى ولا ننسى الصعوبات المرتبطة بغياب المعلمين وضعف عددهم أما الصحة فالحديث عنها ذو شجون فالامكانيات ضعيفة مع اطار وحيد لا يكفي ليغطي احتياجات الساكنة لرعاية صحتها ولعل أكبر عائق يهدد المواطن القروي هو ندرة المياه فلم يفكر لا المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ولا المجلس الجماعي في حل هذا الاشكال الخطير فالماء مادة حيوية للانسان والحيوان ومحور ي للمعيشة حتى أن الشبكة التي كان مخططا لها ربط القرى بخدمة الماء الصالح للشرب تعرضت للإتلاف والضياع بحكم أولا محاولة المجلس اعادة بناء طريق قروية حتى هذه الأخيرة لم تحترم المواصفات المنصوص والمتفق عليها مع الشركة ولم تكتمل أشغالها وقد قامت الشركة المكلفة باتلاف القنوات بدون حسيب ولا رقيب ولم يقم المكتب المسؤول بأي خطوة في هذا الاتجاه وهو ما قد يكلف ميزانية هائلة وضياع الجهد والوقت . هناك معضلة أخرى تتعلق بالموظفين الأشباح بالجماعة القروية هناك العديد من الموظفين الذين تستهلك ميزانية الجماعة بقرابة ثمانين في المائة دون أن يقوموا بأداء وظائفهم ومهامهم رغم تصريحات العديد من المسؤولين ومنهم رئيس الحكومة فلا وجود لعمليات التفتيش ولا زيارة للمجلس الأعلى الجهوي للحسابات . كل هذه العوامل أرغمت العديد من شباب المنطقة والجماعة على هجرة قراهم وما يستتبع ذلك من تقلص أشغال الفلاحة وتربية الحيوانات ونمو القرى وانحصارها فالقوة العاملة أضحت ضعيفة ومعطلة وبالتالي أي فرص تنمية تكاد تكون منعدمة وهدا يدفعنا للتسائل حول مستقبل جماعة السوق القديم في ظل تدبير المكتب المسير الحالي لشؤونها وفي ظل غياب أي خطط وبرامج تنموية . البحري الحسن