نفتخر برعاية مهرجان في قيمة موازين و الذي يقام سنويا ببلادنا حيث يحج إليه عدد محترم من الفنانين و المطربين العرب و الأجانب و المغاربة أيضا، كما لاحظنا بأنه يكبر عاما بعد عام، و أبرز دليل على هذا مشاركة فطاحل المغنيين الموجودين في الساحة الفنية. و لكن هل يطبق في هذا الصدد مثل:“الله لا يركب فأس على هراوة“ ؟ نعلم جيدا معنى هذه المقولة التي نرددها عندما يتعلق الأمر باللامبالاة، أو عدم اهتمام أحدنا بالآخر ، أو تجاهلنا للظروف المحيطة، و لكن هذا ما يحدث الآن فيما يتعلق بتوقيت هذا المهرجان، فهل مسيروا هذه التظاهرة لا يعلمون بأن التلاميذ في أحوج الأوقات للتهييء للامتحانات خاصة أولائك الذين هم على أبواب الباكالوريا، والذين يحتاجون لكل دقيقة من يومهم و ليلهم كي يراجعون- إذا و جدوا ما يراجعونه بعد عام مليء بالإضرابات و العطل- أم يستمتعون بالسهرات و بعد ذلك تحل محلها أشرطة شبيهة بأشرطة الساتان محتوية على المقرر بأكمله، مصغر و ملخص، يتم طبعها في وكالات طبع الوثائق، و التي تعرف رواجا لا مثيل له في هذه الفترة ، لتوزع على المعتمدين عليها كي يضمنوا إجابات صحيحة فيحصدوا ثمرة تعب من سهر الليالي ووهب تفوقه للمستمتعين بليالي المهرجانات و يضعونهم في مراتب أقل منهم بكثير، خصوصا وأن جمهور مثل هذه المهرجانات شباب ممن يشقون طريقهم نحو مستقبل قد ينفع هذا البلد. فهل هذا هو جزاء النملة العاملة التي يأخذ محصولها الصرار المبتهج؟ أم أن هذا المهرجان موجه لفئة عريضة من العاطلين الذين يسهل عدهم في مثل هذه التجمعات ، و يا للمصيبة إن كان عددهم عدد المعجبين بالشاب خالد على سبيل المثال.فهل هذا تذكير بالواقع المرير الذي تعيشه هذه الفئة من مجتمعنا أم هو باب للترويح عن النفس و نسيان شبح الفراغ و قلة النفع و الإنتاج؟ كلمة show ترن في أرجاء الفضاءات المخصصة لهذه العروض ، و لها وقع كبير في نفوس الشباب لدى سماعها، و تجلب العديد و المزيد من المتتبعين ، و لكن هل يستمتع كل هؤلاء بهذا “الشو” حقا أم يخفون “الشوهة” التي يعانون منها وراء هذا الاستمتاع؟ أوراق العديد منا مبعثرة ، و أذهان الكثيرين لا تستوعب مرارة واقعنا المعيشي ، لأن من يستعصى عليه اقتناء كيلو لحم يوميا لا يمكن له أن يجد متعة في مهرجان صاخب يتوازى مع مهرجانات من لهم أضعاف أضعاف دخلنا. لا أحد يعترض على كون المهرجان ظاهرة فنية كبرى تبرز مجتمعنا للوجود، و تعرف الدول الأخرى بالمغرب، و تقربه لهم كي يصبح قبلة للسياح و غيرهم، و لكننا ضد التوقيت المخصص له و الذي لا يلاءم الكثير من المغاربة،إذ نعلم جميعا بأن التظاهرات الفنية في الدول المتقدمة تكون في فصل الصيف أو في عطل نهاية الأسبوع فتمكن من استقطاب أكبر عدد من المتفرجين، و يستمتع الجميع، و تتحرك السياحة الداخلية، و لا يفكر أحد بالوقت أو ضرورة عودته إلى البيت باكرا وأن يوم عمل أو مراجعة يتعقبه صباح ليلة السهرة ،فكيف ستكون مرد ودية من أغفى جفنه ثلاث أو أربع ساعات أو أقل؟ امتحانات الباكلوريا على الأبواب، أليس من الأجدر تأخير موعد هذه الحفلات بضعة أيام للاحتفال بنشوة نجاح لمجهود سنة مثمرة؟ ألا يمكن إعادة التفكير في تاريخ مثل هذه الأنشطة، و تخضع لتغيير يقودها نحو الأفضل ، باعتبارها ليست فرضا أو سنة و يمكن أن تتغير بتغير الظروف كي تصبح في صالح أبناء هذا الوطن العزيز عوض طالحهم، فلا تجعلونا نطبق على من يسير هذا مثل:“اللي مچودها عوار”، أي من يسير هذه الأنشطة أعمى...أعيدوا فينا أمل الحياة و جددوا لدينا حب الخير لهذه الأمة وشعبها و مسيريها... أمنة أحرات