هل توافقونني الرأي بأن الحجاب الحالي بدأ يثير الشبهات؟ بات هذا المنظر مألوفا لدى الأغلبية، و أرى بأن طريقة هذا اللباس لم تكن في مجتمعنا من قبل، و لا أحد يتذكرها. كانت جداتنا تتسترن بلباس يدعى “الحايك“، يحيط بجسدهن من الرأس إلى القدم و يضيء الدنيا ببياضه و بهائه، و أمهاتنا اللاتي تخرجن إلى الشارع، رغم بساطة العيش في غاية الأناقة, أتذكر أمي التي كانت و لا زالت تنظف اللثام بفائق العناية و كأنه تحفة،وتكويه و تضعه فوق وسادة إلى أن تلبسه. لم تكن تستغني عن هذه الأناقة حتى و إن كانت ذاهبة إلى البقال أو إلى الحمام. كانت أغلبية الفتيات متبرجات ولكنهن لم تلفتن نضر الرجل يوما، -ماعدا اللواتي كن تتعمدن ذلك-لأن هذه الفئة لم تندثر من المجتمعات منذ القدم.كانت طريقة اللباس ثقافة وليست عادة فقط، لاأحد يرضى لنفسه أن يثير أنظار غيره، و الكل نظيف و راق وأنيق، و أكرر بأن ظروف العيش آنذاك لم تكن أحسن مما هي عليه الآن بكثير. أما في وقتنا الحالي فكلما مرت امرأة أو فتاة إلا و يتلفت الشخص المقابل لينظر خلفه-رجلا كان أو امرأة-و بالخصوص أولائك اللذين يلزمون كراسي المقاهي يصاحبون المارات بأعينهم ذهابا و إيابا. أتساءل هل تغطية الرأس برداء مزركش بألوان فاقعة يجلب نظر الأعمى حجاب؟هل ارتداء جلباب محيط بأعضاء الجسم كلها و كأنه ضمادة يعد حجاب؟مع العلم أننا نعلم بأن هذا الحجاب كان يحمل معنى آخر لازم مفهوم الجمال و الأناقة، فأصبح اليوم ما يمكن أن أسميه“جيل، باب”أي الباب الذي يطل منه جسد هذا الجيل ليلفت الأنظار. و بعد هذا يأتي الحديث عن الفتيات اللاتي ترسمن وجوههن كلوحة فنية تتضمن جميع الألوان، وتلبسن قميصا بالكاد تغلق أزراره، و جينز آخر موضة، مثل الأنبوب، وغطاء الرأس أي “سبنية”كما نقول أي “فولار”،تعددت التسميات و المعنى و الهدف واحد. كنت بالأمس في الشارع وجلبت عيني طريقة لباس، فسألت ابنتي: “ما هذا“، أجابتني:”هذه طريقة حجاب الإماراتيات”، و هل للإماراتيات طريقة حجاب؟ قالت لي:“أجل تلك الفتاتين تحلمان بأن تذهبا إلى الإمارات فلبست مثلهن. تتصورون معي هذا اللباس؟ رداء أسود فوق شعر يظهر نصفه بلونه الأشقر الفاقع، وهذا الرداء أصلا مرصع بأحجار تزيد م من تلألؤه خاصة عندما تمر صاحبته تحت عمود إنارة، الجينز و لابد منه،وفوقه قميص أو ما تحت قميص أو ما شابه ذلك، لم أفهم ماذا كان، و الفتاتين صورة طبق الأخرى.أبن هنا فكرة “الحجاب سترة؟”ألا يسترعي هذا المنظر الانتباه؟... صورة أخرى لتأثيرات خارجية، أتتنا عندما تطور النظام الرقمي فأصبح ينقل إلينا كل ما يوجد خارج بلادنا: النقاب. لا أنتقد النقاب كلباس، لأنه على الأقل يطبق فكرة ستر المرأة لجسدها بأكمله، هذا جميل، ولكن عندما يصبح مثيرا للنظر، هل تبقى الفكرة حاضرة؟أعيد و أكرر لا أنتقد فكرة النقاب لأن الله تعالى أمر المرأة الفاتنة، المثيرة للنظر بذلك. ولكن أنتقد الطقوس اللاتي تلي الحجاب، كالمنظر الذي نشاهده في أغلب الأحيان لبعض النساء اللاتي ترتدنه و تجرين خلف أزواجهن في منظر بئيس و كأنهن مربوطات بحبل ، والزوج قبلها يجري و ينتفخ صدره و كأنه بطل مغوار، يدق برجله فوق الأرض على أن يهتز من فوقها,هل هذه معاملة المسلم لزوجته التي أمر الله بها عباده؟ألم يمنعنا الله تعالى من التكبر و الاختيال في آيته الكريمة:“و لا تمشي في الأرض مرحا إنك لن تبلغ الجبال طولا“صدق الله العظيم. آمنة أحرات