لا أحد ينكر الدور الذي يلعبه النسيج الجمعوي إذ يعتبر رافدا أساسيا من روافد التنمية المحلية ، وركيزة أساسية للنهوض والرقي بالمجتمع وذلك عن طريق تفعيل برامج تتماشى وتطلعات الساكنة. فبعيدا عن كل التجاذبات السياسية والإختلافات الإيديولوجية وخدمة لمصلحة الإقليم و ازدهاره. يمكن القول أن العمل الجمعوي عندنا في إقليمجرسيف يعيش حالة شاذة لعدة أسباب من بينها : 1 - أن الجهات المسؤولة بالمدينة ، لا تتوفر على خارطة طريق واضحة المعالم تحدد مجالات العمل المشترك مع الفاعلين الجمعويين من أجل خلق تواصل بين الجمعيات والمجالس الجماعية لضمان مشاركة فعالة للمواطن في التنمية المحلية، في أفق تكثيف الجهود لتدبير أفضل للإقليم . لكن طغيان حالة التباعد والجفاء بين الجمعيات والمجالس الجماعية وعدم مد جسور التواصل بين الطرفين وحالة التوجس والتخوف التي تطبع العلاقة بين الجمعيات والجهات المنتخبة يحول دون تطبيق الشراكات بين الطرفين . 2 - أن الثقة بين السلطة و جمعيات المجتمع المدني منعدمة رغم كل شعارات العهد الجديد، إلا أن هذه العلاقة لم تغير كثيرا من مبادئ لعبة القط و الفأر ، أو بالأحرى لم ترفع أصابع أجهزة المخزن عن بيادق رقعة الشطرنج الجمعوي الجرسيفي ، وهذه العلاقة السلبية للأسف الشديد هي التي جعلت بعض الجمعيات تموت في مهدها ، و البعض الآخر تستسلم في منتصف الطريق كما أن بعض سلوكيات السلطات المحلية مع جمعيات المجتمع المدني ساهمت في تأخير انطلاق قاطرة الحركة الجمعوية. 3- جل المجالس المنتخبة تنشيء جمعيات على مقاسها لتمرير بعض الرسائل الانتخابوية و ذلك بالاغداق بالمنح و تغطية بعض الأنشطة و ذلك لإعطاء الفرصة للسيد الرئيس ليجلس في المقعد الأمامي و يسلم الشواهد على المكرمين في حفلات مختلفة رياضية إجتماعية كالإعذارات و تسليم محافظ مدرسية و القائمة طويلة زيادة على نوع آخر من الجمعيات التي ليس لأصحابها مصدر للعيش سوى الإقتيات على ما تجوده به بعض الجهات المانحة و محاولة التقشف لتوفير ما يمكن توفيره و نوع لايهمه سوى الجلوس في القاعات و التصفيق على خطابات أصحاب النعم و نوع وهم الثلة القليلة يعملون في صمت و يتقاتلون من أجل توفير ما يمكن أن يساهم في إستمرار خدماتهم لفائدة المواطنين و أغلب الدعم المحصل من الجهات التي تقدر العمل الجمعوي الجاد سواء جهات رسمية أو محسنين 4 - من باب الملاحظة ومن خلال المعاينة والتتبع الميداني يمكن القول أن غالبية الفاعلين الجمعويين ينقصهم التأطير وأن الجمعيات لا تولي الاهتمام للعنصر البشري ، وأن برامج جل الجمعيات لا ترقى إلى المستوى المرغوب فيه، إذ أن جلها لا تحترم ولا تلتزم بالأهداف المنصوص عليها في قوانينها الأساسية، بالإضافة إلى أنها في البداية تنطلق بجمع عام يمكن أن يصل أحيانا إلى 60 فردا أو أكثر وتنتهي بشخص أو شخصين وذلك راجع إلى غياب التأطير الإداري والتربوي 5 - أغلب الجمعيات تفتقر لرؤية واضحة المعالم وهذا يفسر سيادة العفوية والارتجالية والعشوائية في العمل في غياب التكوين والممارسة الإحترافية والشفافية مما يكرس عدة سلبيات منها الإكتفاء بالجاهز والتقوقع في حلقة مفرغة، حلقة التكرار دون تفعيل آليات الإبداع والإبتكار والعمل المنظم. 6 - مهارة فقهِ التواصلِ لدى الفاعلين الجمعويين متواضعة . 7- الفاعلين الجمعويين تنقصهم الجرأة على تسمية الأشياء بمسمياتها. 8 - العمل الجمعوي في حقيقة الأمر هو تطوع و تضحية من أجل أغراض المنفعة العامة ولا يسعى إلى الربح المادي غير أن بعض الفاعلين الجمعويين ترسخت في ذهنهم ثقافة المصالح الضيقة. فأصبحنا نرى رؤساء جمعيات فاعلين في كل المجالات ،فتجدهم في قضايا الصحة ومرة في قضايا التعليم ومرة أخرى في قضايا النسيج و الطرز وأحيانا في التنظير و اللقاءات الفكرية وربما ستجدهم في علم الفلك. إننا أمام واقع مرير وهو غياب الفاعلية المنتظرة من تلك الجمعيات إلا من رحم ربك. ليبقى مجتمعنا المدني شاردا شرودا ظاهرا في وضح النهار رغم أن بعض الجمعيات تبدل الغالي والنفيس للنهوض به, لكن أخرى تغوص في مياه الريع وترفع رأسها بشكل مناسباتي معين لتستفيد ثم تعاود الغوص وهي غانمة بما جادت به الظروف عليها دونما أن تفيد مجتمعها الذي يغرد خارج السرب